مجلس المرازقة بدأ بعشة من جريد النخل وأصبح أكبر مجالس وسط المدينة
المجالس البدوية فى مدينة بئر العبد فى محافظة شمال سيناء، سمة لا يزال يحافظ عليها أبناء القبائل البدوية بمختلف عائلاتهم الذين لم تغير المدينة من عاداتهم وتقاليدهم وانتشرت مجالسهم فى أركانها كل مجلس يحمل اسم العائلة التى تستخدمه، وهو واجهتها أمام الأخرين يحرصون على تشييده بجوار منازلهم فيه يستقبلون ضيوفهم ويلتقون مع بعضهم البعض، ويحرصون على إشعال النيران وطبخ القهوة العربية والتفاخر بوجودهم فيه كل يوم بمختلف أعمارهم يتبادلون النقاشات فيما بينهم فى جلسات تبدأ من مغيب شمس حتى منتصفه يرتشفون سويا القهوة والشاى ويتناولون الطعام .
من بين أشهر وأكبر تلك المجالس مجلس "المرازقة" وهو اسم لإحدى العشائر من قبيلة البياضية، التى تقطن مدينة بئر العبد وجانب من قراها، بدأ المجلس فى عشة من جريد النخل واليوم تحول لمقر فاخر متسع للجلوس واستقبال الضيوف وساحة مبطنة بالرمل ليجلس عليها كل زائر لهم .
يقول "سليطين أبو مرزوقة " وهو من كبار السن فى العائلة واحد القائمين على المجلس، إنه أنشأ فى عام 1979 من الجريد وكان يجاور منازل بسيطة للأهالى أبناء العائلة، ثم تطور مقر المجلس إلى غرفة من الصاج ثم توسعته وبناؤه بالحجر فى عام 1995.
وأضاف أن المجلس له رمزيته لكل بدوى، حتى وإن كان يسكن المدينة لايتخلى عن ثوابت لتقاليد أصيلة، ومنها استقبال الضيوف والفرح مع عائلته بكل ضيف، وهذا لايتم إلا فى المجلس العائلى الذى هو واجهتنا جميعا كبار وصغار.
وقال "عبد العزيز أبو دحدوح"، وهو صانع القهوة والشاى فى المجلس، إنه يشعل النار يوميا مع مغيب شمس كل يوم ويحرص على أن تكون فى حطب يحضرونه من السوق من أجود الأنواع التى لاتثير دخانا، ويتم صناعة القهوة العربية التى يحرصون أن تكون من أنواع جيدة يحضرها لهم الحجاج والمعتمرين من الديار الحجازية.
وتابع قائلا أن من أعرافهم أن خدمة الضيوف شرف، ويتسابق الكل لخدمة الضيف كما يحرصون عند وصول كل ضيف على تجديد إشعال النار الخافتة لتحيا من جديد .
وقال "عيد أبو العمدة" إن المجلس بالنسبة لهم مكان يمارسون فيه عاداتهم وتقاليدهم على مدار العام وفى يوم العيد يتجمع كبار السن ويحضر لمعايدتهم فى المجلس أبناء العائلة ويستقبلون فيه المهنئين من ذويهم وأقاربهم، وفى أيام رمضان يتناولون سويا فيه طعام الإفطار على مائدة واحدة الكل يحضر طعامه ويكونون مائدة ممتدة ويعتبرون أنه من العيب أن يتناول أحد من بينهم طعام إفطاره فى منزله إذا كان يجاور المجلس .
وقال "محمد حامد " الجلوس فى المجلس فرصة لتبادل كل وجهات النظر مع الحضور، كما أنه تجرى فيه نقاشات تهم العائلة وتبرز بشكل واضح أيام الانتخابات، حيث يحرص كل مرشح على الحضور لعرض برنامجه الانتخابى، كما أنها ملتقى للأجيال فبيننا المدير العام والطبيب والمهندس والمعلم والشاب الجامعى وفى اللقاءات اليومية التى تأتى بعد عناء يوم العمل فرصة للحوار بين الجميع وهذا يفيد ويقربهم من بعضهم البعض ويشغل وقت الشباب .
المجالس فى مدينة بئر تأخذ شكلا مميزا يغلب على طابعه المعمارى اتساع بوابته ويتوسط سور به مساحة فضاء والمجلس متسع بمساحات تختلف من مكان لأخر والجلوس فيه على الأرض ولايسمح بالجلوس على الكراسى إلا لمن تتطلب ظروفهم الصحية ذلك، ومن المجالس المنتشرة فى المدينة مجالس عائلات قبيلة البياضية ومجالس أبناء قبيلة الدواغرة، ومجالس أبناء قبيلة بلى .
سر عادة "إشعال النار" بمجالس بدو سيناء فى رمضان.. قديما كانت إشارة لعابرى السبيل.. والآن تجمع أبناء العائلات للسهر حتى السحور.. الشباب يعدون الشاى على الجمر ويستعينون بخبرة كبار السن لـ"ظبط" القهوة