حياة بسيطة آمنة لأسرة مكونة من خمسة أفراد تقطن بشارع السوق الصغير بمدينة فوه، فرب الأسرة يعمل "فنى" بشركة الكهرباء، والزوجة ربة منزل، وآية الطالبة بالصف الثالث الزراعى، وولدين "محمد وربيع".. ولم يكن غريبا أن تدق الفرحة هذا المنزل فقد تعود ساكنوه على التكريم، خاصة أن الابن الأصغر ربيع بطل الجمهورية فى لعبة الكارتيه آخرها بالأمس تم تكريمه بنادى النيل الرياضى.
ولم تكن تتوقع آية رضا محمد المسلمانى، الطالبة بمدرسة فوه الثانوية الزراعية بمحافظة كفر الشيخ، أن تكون الأولى على مستوى الجمهورية، لذا كان وقع الخبر عليها كبيراً فانتابتها حالة إغماء من شدة الفرحة، عندما تلقت مكالمة من الدكتور أحمد الجيوشى نائب وزير التربية والتعليم، أبلغها خبر حصولها على المركز الأول، ولكن سرعان ما فاقت من إغمائها، عندما احتضنها والدها ووالدتها، وقبلانها، وكان لصدى الزغاريد كبير على الجيران فتدافعوا نحو منزل آية ليعرفوا سبب الزغاريد التى عمت منزل رضا المسلمانى .
قالت آية إنها سقطت مغشيًا عليها فور سماعها خبر حصولها على المركز الأول على مستوى الجمهورية، موضحة أنها ظلت 10 دقائق مصابة بحالة إغماء حتى تمت إفاقتها، ولأول مرة تعرف أن آثار الفرحة يؤدى لحالة إغماء، مضيفة: "فتحولت حالة الفرح فى قلب والدى ووالدتى لرعب خوفا علىّ، حتى تمت إفاقتى"، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع أن تكون من الـ10 الأوائل على مستوى الجمهورية.
وأضافت آية: "والدى رضا المسلمانى يعمل فنى كهرباء بشبكة كهرباء فوه، ووالدتى ربة منزل، والحمد لله حصلت على 504 درجة بنسبة 91.4%، ولم أكن أتوقع أن أحصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية وأملى الالتحاق بكلية الطب البيطرى، وبعدها ألتحق بكلية الطب البشرى، لأكون طبيبة، وهذا أملى فى الحياة".
وقالت الأولى على مستوى الجمهورية فى التعليم الزراعى: "حلمى وأمنيتى الأولى مقابلة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذى منحنا الأمن الأمان، مؤكدة إنها ستكتب برقة له تطالب بمقابلته.
وأضافت أنها التحقت بالثانوى العام أولا، ولكنها اتجهت للثانوى الزراعى، رغم تفوقها فى المرحلة الإعدادية، لتتحدى نفسها، وتتنافس مع صديقاتها فى مرحلة الثانوية العامة، ولتثبت للجميع أن التعليم الفنى لا يقل عن التعليم العام، فمن خلال التعليم الفنى يمكن للطلاب والطالبات الالتحاق بأى جامعة بأقل مجهود بعكس الثانوى العام، الذى يحتاج لدروس خصوصية، وتوتر وقلق وإجهاد، وفى النهاية لن يحصل الطالب على حقه كاملا، لأن صعوبة امتحان مادة واحدة يفقد الطالب والطالبة أملهما فى الالتحاق بكليات القمة، أو تسريب الامتحان يتساوى ساعتها المجتهد بالكسول الغشاش .
وأضافت آية أنها لم تعتمد على الدروس الخصوصية، ولكن اعتمادها على الله ثم المذاكرة لمدة 8 ساعات يوميا، ومجموعات التقوية المجانية بالمدرسة أفضل من الدروس الخصوصية، فتعتبرها إهدارا للأموال وضياعا للوقت، ولو حرص كل طالب على التواجد بالمدرسة ما لجأ للدروس الخصوصية، مضيفة أنها لم تحرم نفسها من ممارسة هواياتها سواء الرسم أو التواصل مع صديقاتها أثناء الإجازات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وتبادل الخبرات والمعلومات، مؤكدة أنها تحفظ القرآن الكريم، وحريصة على أداء الصلاة، وتستمع دائما لنصائح والديها .
وقالت آية: "أنا البنت الوحيدة فى المنزل، ولى شقيقان محمد بالصف الأول الثانوى الصناعى، وربيع بالصف السادس الابتدائى وهو بطل رياضى فى لعبة الكارتيه حاصل على أول الجمهورية أكثر من مرة آخرها بالأمس مع نادى النيل الرياضى.
وأضافت آية أنها تقدم شكرا وتقديرا لمدير مدرستها الذى كان يشجعها باستمرار المهندس محمد الزينى، وأشرف محمد كويلة مدرس النحل، ومأمون عمارة مدرس التسويق، وسلامة قاسم، ومنى الملاحة أستاذا الفيزياء.
وقال رضا المسلمانى والد آية: "الحمد لله الذى كلل مجهودها بالتفوق، والحصول على المركز الأول على مستوى الجمهورية"، مؤكداً أنه برغم تفوق نجلته واختيارها التعليم الزراعى تاركة التعليم العام إلا أنه لم يكن يتخيل أن تحصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية، مضيفا: "شرفتى، وشرفت فوه ومحافظة كفر الشيخ" .
وأضاف والد آية: "كانت آية تسهر يوميا منذ بداية العام الدراسى حتى الصباح، وتواصل دراستها بالمدرسة، وترفض التغيب عنها، وكان معلموها يساعدونها، مما ساعد على تفوقها، لأن المدرس إما أن يكون سببا فى حب الطالب أو الطالبة فى المادة أو النفور منها، مؤكداً أن آية متفوقة منذ صغرها، وتتمنى أن تكون طبيبة ولكن بالتحاقها بالتعليم الزراعى فقدت ذلك الأمل إلى أن عوضها الله بحصولها على المركز الأول".
وأشارت والدة آية: "الله كافأها بهذه المكانة الكبيرة، فكانت تبدأ مذاكرتها من الساعة الثانية عشرة مساء حتى الصباح وتتوجه لمدرستها، وتعود لتساعدنى فى أعمال المنزل لأنها البنت الوحيدة، ولم تكن مدللة، ولكن كانت متحملة للمسئولية، ودعائى لها بالتفوق والستر والرضا وحب الناس لها".
وقال محمد شعبان صديق العائلة إنه كان من المتوقع أن تكون آية من بين الـ10 الأوائل على مستوى الجمهورية، لما رآه منها من حرص على المذاكرة، وحضور المدرسة والاشتراك فى مجموعات التقوية بالمدرسة، إضافة لحسن أخلاقها وورعها وعلاقاتها بالآخرين علاقة طيبة .
وأضاف ربيع المسلمانى عم آية: "إننى سعيد بتفوق نجلة شقيقى، وكنت متوقع ذلك، لما كنت ألمسه منها من جهد ومذاكرة، وحرص على مراجعة دروسها كأنها بالتعليم الثانوى وليست بالتعليم الفنى، خاصة أن ثقافة المصريين يعتبرون أن التعليم الفنى من الطبقة الثانية، وهذا للأسف على غير الحقيقة، فالتعليم الفنى بكفر الشيخ ملىء بالمخترعين والمبتكرين بعكس التعليم العام.