فى تحليله لأوضاع التنظيمات الإرهابية إفتائيا وحركيا، أصدر المؤشر العالمى للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم «GFI»، وتحت إشراف دكتور «إبراهيم نجم» مستشار مفتى الجمهورية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، مؤشره السنوى للتطرف خلال الفترة من «يونيو 2021 وحتى مايو 2022» بتحليل عينة مكونة من 3000 فتوى للتنظيمات الإرهابية الفاعلة على الساحة الدولية وهما تنظيما القاعدة وداعش وفروعهما المختلفة.
وكشف المؤشر عن تأثر الخطاب الإفتائى والنشاط الحركى لهذه التنظيمات، بعدد من الأحداث على المستوى الداخلى، ومنها مقتل زعيم داعش «أبو إبراهيم القرشى» 3 فبراير 2022، واستمرار الانشقاق الداخلى لتنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية، إلى جانب عدد من الأحداث على المستوى الدولى، التى تمثلت فى:
سيطرة حركة طالبان على الحكم فى دولة أفغانستان أغسطس 2021، والحرب الروسية الأوكرانية فبراير 2022، واستمرار تفشى جائحة كورونا عالميا.
التلاعب بالفتاوى الجهادية للتحريض والتكفير..
رصد مؤشر الفتوى الأساليب التى تستخدمها التنظيمات الإرهابية فى التلاعب بالفتوى لتحقق مصالحها المرتبطة باستقطاب الأتباع أو التواجد حركيًا، وذلك بالاعتماد على تزييف الفتاوى الجهادية التى تعتمد عليها بكثافة وبنسبة بلغت «45%» من إجمالى خطابها الإفتائى. والتى شملت التحريض على تكثيف العمليات الإرهابية وإطلاق «الذئاب المنفردة»، وتدمير تماسك واستقرار الدول، بل وحتى الصراع مع غيرها من التنظيمات الإرهابية انطلاقا من تكفيرها.
وكشف أن الفتاوى المحرضة على تكثيف العمليات الإرهابية مثلت نسبة «40%» من إجمالى الفتاوى الجهادية، والتى تفوق فيها تنظيم «داعش» تلاه «القاعدة» وأخيرا «حركة الشباب المجاهدين» الأكثر توسعًا حركيًا فى القارة الأفريقية، ليؤكد المؤشر كثافة إطلاق التنظيمات لأحكام «الوجوب الشرعى»، و«الفرض»، على هذه الفتاوى حتى تضمن تنفيذ الأتباع لتحريضها، لأن عدم التنفيذ يعنى الكفر والردة، إلى جانب عودة «داعش» للترويج لأولوية «فريضة الجهاد» حتى لمن يعانى العجز أو الإعاقة البدنية، وهو ما يلجأ له التنظيم فى أوقات تراجعه لتعويض نقصه العددى، هذا مع استمراره فى تقديم الوعود لأتباعه بإقامة الخلافة المزعومة وربطها بمفهوم «تحكيم الشرعية الإسلامية» بهدف التشكيك فى الأنظمة الإسلامية القائمة وتأليب الشعوب ضدها.
وفى المقابل، استمر تنظيم «القاعدة» فى اللعب على وتيرة المشاعر والتركيز على فكرة «المظلومية»، و«الدفاع عن المسلمين المستضعفين فى كل دول العالم»، وهو ما يحقق له أعلى معدلات الإقناع لأتباعه وغير أتباعه، فأطلق الفتاوى الموجبة «لنصرة المسلمين» فى الهند والصين والغرب.
التوسع فى تكفير المخالف..
كما أشار المؤشر لكثافة إطلاق التنظيمات الإرهابية لفتاوى «التكفير» بنسبة بلغت «25%» من إجمالى فتاويها الجهادية، حيث وسعت بشكل كبير دائرة من يوجه لهم حكم التكفير ليشمل كل مخالف لهذه التنظيمات إلى حد تكفير التنظيمات بعضها بعضا، وهذا التكفير لم يتوقف على الحكم الشرعى بل انعكس على الواقع من خلال العمليات الإرهابية التى استهدفت الفئات التى تم تكفيرها.
وكان تكفير تنظيمى القاعدة وداعش بعضهما بعضا، انطلاقا من الإخلال بمبدأ «الولاء والبراء» والتعاون مع ما يسمونهم «الأعداء» «الكفار» وتخليهم عن «الجهاد فى سبيل الله» مقابل الرضاء بالسلطة والتبعية «للكفار». وتكفير داعش للإخوان المسلمين وحركة «حماس» بسبب تخليهم عما أسماه «العمل الجهادى» والتفرغ للحكم والسلطة.
التحريض على نشر وباء كورونا..
وحذر مؤشر الفتوى من استغلال التنظيمات للفتاوى المرتبطة بالقضايا الطبية والتى مثلت «12%» من إجمالى الفتاوى، وحرضت على استغلال الانشغال العالمى بمواجهة تفشى جائحة كورونا ومتحوراته فى تكثيف العمليات الإرهابية، إلى جانب التحريض على استهداف الأطباء والشرطة والجيش ومن تلقوا لقاح كورونا «المحصنين» انتقاما لإجراءات الحكومات الاحترازية، مع تحريض الشعوب على مقاطعة تلقى اللقاحات، والترويج لإمكانية الحصول على بطاقات لقاح مزيفة.
التركيز على أمن المعلومات..
كشف المؤشر أن الفتاوى المرتبطة بالقضايا التكنولوجية جاءت بنسبة «18%» من إجمالى فتاوى التنظيمات، وتناولت قضيتين هامتين، وهما؛ قضية أمن المعلومات والحفاظ على سرية البيانات والتى ارتبطت بها قضية الجاسوسية، والقضية الثانى هى سبل استغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة لخدمة أهداف هذه التنظيمات.
وحذر من ترويج الأفكار الإرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة، خاصة بعد قيام داعش باستخدام أكثر من 30 حسابًا على مواقع التواصل للترويج له، واستخدامه أنظمة أساسية متعددة بما فى ذلك تطبيق Android و«Jihadflix»، وتطوير استراتيجية تتضمن مولدات الأرقام الافتراضية للترويج لأفكاره، وتبادل الرسائل عبر مواقع التواصل تتضمن تعليم الأتباع سبل استخدام الأسلحة المختلفة.
كما حذر المؤشر من أمر آخر على قدر كبير من الخطورة وهو، تحريض داعش لأتباعه فى أمريكا على الانضمام إلى معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا لتعلم التكنولوجيا واستخدامها فى التدمير.
توسع النشاط الحركى ومزيد من «الذئاب المنفردة»..
وأخيرًا أثبت المؤشر انعكاس الفتوى على العمل الحركى للتنظيمات الإرهابية بالإشارة لأبرز أماكن توسع التنظيمات الإرهابية، خاصة بعودة بعض التنظيمات إلى النشاط مرة أخرى بعض فترات طويلة من التراجع والتدهور مثل تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية، وتوسع داعش فى افريقيا واسيا وتهديده بإطلاق «ذئابه المنفردة» فى الغرب.
ليحذر المؤشر فى النهاية من سعى داعش لتبنى مزيد من العمليات الدموية فى المنطقة العربية ودولتى أفغانستان وباكستان، والتوسع فى الصحراء الكبرى باعتبارها تضم أكثر من دولة، واستغلاله للقبائل التى تعيش فى هذه الصحراء للتحالف معها وبالتالى القيام بمزيد من العمليات الإرهابية.