تشهد العلاقات الأمريكية مزيدا من التوترات فى الوقت الراهن على خلفية التكهنات بشأن زيارة نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب الأمريكى. فمع بدء الجولة الآسيوية لبيلوسى، ثالث أرفع مسئول فى الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائبه، توجهت الأنظار إلى الصين التي حذرت بقوة وبلهجة صارمة من هذه الزيارة، بل وأعلنت عن إجراء مناورات قبالة ساحلها المواجه لتايوان.
ورغم أن الجدول الرسمي لجولة بيلوسى الآسيوية لم يحمل أي إشارة إلى تايوان، إلا أن "سى إن إن" الأمريكية نقلت عن مسئول أمريكى وأحد كبار مسئولي الحكومة التايوانية، أنه من المتوقع أن تزور نانسى بيلوسى تايوان كجزء من زيارتها الآسيوية، رغم تحذيرات من مسئولي إدارة بايدن الذين يشعرون بقلق من رد الصين على تلك الزيارة البارزة.
وأشارت الشبكة إلى أن هذه الزيارة، التي ستكون الأولى لرئيسة مجلس نواب أمريكى منذ 25 عاما، ليست مدرجة على الجدول المعلن لجولة بيلوسى الآسيوية، وتأتى فى وقت تتراجع فيه العلاقات الأمريكية الصينية إلى مستوى منخفض.
وقال المسئول التايوانى إنه من المتوقع أن تمكث بيلوسى فى تايوان لليلية واحدة، وليس من الواضح موعد وصول بيلوسى إلى العاصمة التايوانية تايبيه.
تنظر الصين إلى تايوان باعتبارها جزءا منها ومقاطعة منفصلة تتعهد باستعادتها، بالقوة لو تطلب الأمر. إلا أن قادة تايوان يقولون إنها أكثر من مجرد مقاطعة، ويجادلون بأنها دولة ذات سيادة. وتقول هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى إن تايوان لديها دستور خاص بها وقادة منتخبين، ولديها أيضا 300 الف من القوات المسلحة الفاعلة.
وبدأت قصة الخلاف بين الصين وتايوان منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1948، عندما فرت الحكومة الكومينتانج الخاسرة إلى جزيرة تايوان وأسست حكومة جمهورية الصين فى المنفى، بينما أسس الحزب الشيوعى الصينى فى البر الرئيسى للصين جمهورين الصين الشعبية. وبدءا من السبعينات، بدأت العديد من الدول فى تغيير علاقاتها الرسمية من حكومة الصين فى المنفى إلى بكين، والآن، أصبح أقل من 15 حكومة حول العالم فقط تعترف بتايوان كدولة.
ولم تحكم بكين تايوان أبدا، ومنذ نهاية الحرب الأهلية تمتعت الجزيرة باستقلال فعلى. وبعد انهاء فترة القانون العرفى الذى استمر عقودا، تمتعت تايوان باستقلال فعلى.
وتعد وحدة الصين هدف رئيس للزعيم الصينى شى جينبينج. بينما قالت رئيسة تايوان تساى إنج وين إن تايوان بالفعل ذات سيادى وليست بحاجة لإعلان استقلالها. إلا أن بكين تعتبر حكومتها انفصاليين.
وعلى الرغم من التوتر السياسى، إلا أن العلاقات بين الشعبين والاقتصادين قد زاد بشكل كبير. فالشركات التايوانية استثمرت نحو 600 مليار دولار فى الصين، كما يعيش نحو مليون تايوانى فى الصين، ويدير العديد منهم مصانع تايوانية.
سياسة الصين الواحدة
عندما اتجهت الولايات المتحدة للاعتراف بحكومة بكين، وعدم الاعتراف بجمهورين الصين فى تايوان، وذلك فى عام 1979، ذكرت الولايات المتحدة أن حكومة الصين الشعبية كانت الحكومة القانونية الوحيدة للصين، مما يعنى أن حكومة جمهورية الصين هي الصين الوحيدة، مع عدم الاعتبار للحكومة الموجودة فى تايوان ككيان منفصل له سيادى.
إلا أن واشنطن لم تتعاطى مع المطالب الصينية بأن تعترف بسيادة بكين على تايوان. وبدلا من ذلك، اعترفت واشنطن بالوقف الصينى بأن تايوان جزء من الصين.
ولأسباب تتعلق بالسياسية الدولية، كانت كلا من الولايات المتحدة وحكومة الصين الشعبية مستعدتين للمضى قدما فى الاعتراف الدبوماسى برغم خلافهم فى هذا الشأن. وظلت واشنطن تحتفظ بعلاقات رسمية مع بكين وعلاقات غير رسمية مع تايوان.
ويقول معهد الدراسات السياسية والاستراتيجية الأمريكى أن سياسة الصين الواحدة التي تم الاعتراف بها من قبل الإدارات الأمريكية ضمنت الحفاظ على الاستقرار فى مضيق تايوان وسمحت لكلا من تايوان والبر الرئيسى للصين بمواصلة الانتقالات السياسية والاقتصادية الاجتماعى غير العادية فى سلام نسبى.
وتقدم الولايات المتحدة لتايوان أسلحة دفاعية بموجب قانون علاقات تايوان الذى يعود على عقود، إلا أنها تلتزم بموقف غامض بشان ما إذا كانت ستدافع عن الجزيرة فى حال غزو الصين، وهى السياسة التي أطلق عليها اسم الغموض الاستراتيجي.
وفى عام 1995، أدت زيارة رئيس تايوان لى تينج هيو للولايات المتحدة إلى أزمة كبرى فى مضيف تايوان. وأطلقت الصين صواريخ فى المياه المحيطة بتايوان ولم تنته الأمة إلا بعد أن أرسلت الولايات المتحدة مجموعين قتالتين من حاملات الطائرات للمنطقة فى استعراض للقوة لدعم تايبيه.