شهدتالدول الأوروبيةموجات حارة شديدة وغير مسبوقة، مع موجة جفاف شديدة، نسبها العلماء إلى التغيرات المناخية التى تؤثر سلبا على القارة العجوز، حيث يرى علماء فى تكاثر ظواهر موجات الحر وتقلبات الطقس نتيجة مباشرة للاحترار المناخي، مع ازدياد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وتعرضت الدول الأوروبية من فرنسا وإسبانيا واليونان والبرتغال إلى حرائق كبيرة قضت على آلاف الهكتارات من الغابات إضافة إلى وفاة الآلاف أيضا بسبب موجة الحر الشديدة، وكانت آخرها فىالبرتغالالتى منذ بداية عام 2022، تم تحويل أكثر من 58000 هكتار إلى رماد.
وحذر خبراء أوروبيون من ارتفاع درجات الحرارة فى أوروبا وتأثيره السلبى على البحر الأبيض المتوسط، وتدمر النظم البيئية وتقضى على العديد من أنواع الكائنات البحرية فى الأسابيع المقبلة.
وقالت صحيفة "الليتوروال" الإسبانية، إن الحرارة الشديدة فى الأسابيع الأخيرة تسببت بالفعل فى حرائق الغابات وأدت إلى آلاف الوفيات المرتبطة بالحرارة فى جميع أنحاء أوروبا، لكن هذه الحرارة لم تقتصر على سطح الأرض، ولكنها امتدت أيضا إلى البحر المتوسط ومن الممكن أن تؤدى هلاك للكائنات البحرية.
وقالت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية "ايميت"AEMET أن درجة حرارة مياه البحر المتوسط حطمت الارقام القياسية خلال الأسبوع الماضى، حيث تجاوزت درجة حرارته المعتادة بمقدار 6 درجات لتصل إلى حوالى 30 درجة مئوية، أى أكثر من البحر المدارى الذى يبلغ متوسطه 27 درجة مئوية.
وأضافت ايميت أن المياه بين جزر البليار والساحل الإيطالى ترتفع إلى 5 درجات مئوية أكثر من نفس الوقت من العام الماضى، بينما حذرت من أن درجات الحرارة حول الساحل الإسبانى ستكون بين 3 و 4 درجات مئوية أعلى.
وقالت هيئة الموانئ الإسبانية فى بيان لها أن مياه كابو دى جاتا الواقعة فى أقصى جنوب شرق البلاد سجلت درجة حرارة قياسية خلال 10 سنوات حيث بلغت حوالى 28 درجة مئوية.
كما حذر الخبراء من أن البحر الأبيض المتوسط سيصبح بؤرة هذا التغير المناخى، مع المزيد من موجات الحرارة، والمزيد من أيام الجفاف، والمزيد من الأمطار الغزيرة، والمزيد من الأضرار التى تلحق بالتنوع البيولوجي.
وعلق عالم المحيطات جان بيير جاتوزو قائلا أن قياسًا للمياه بالقرب من مدينة نيس الساحلية الفرنسية أظهر درجة حرارة 29.2 درجة مئوية فى 25 يونيو، بزيادة حوالى 3.5 درجة مئوية عن نفس اليوم من العام الماضي.
من ناحية أخرى، لفت عالم الأرصاد ماريو بيكازو انتباه الجمهور هذه الأيام بقوله على شبكات التواصل الاجتماعى إنه بعد ارتفاع درجات حرارة البحر وما يترتب على ذلك من تركيز للبخار فى الغلاف الجوى، ستصل الأمطار الغزيرة والفيضانات الرهيبة إلى نهاية الصيف. هذا يسبب الكثير من الضرر بشكل متكرر فى جميع أنحاء مدينة ليفانتى الإسبانية.
وفى السياق نفسه، تنتاب أوروبا حالة من القلق بسبب تزايد ذوبان الجليد فى منطقة جبال الألب، وذلك بسبب موجات الحر الشديدة التى تشهدها القارة العجوز منذ بداية الصيف فى يونيو الماضى، حيث أدى ذلك إلى إغلاق أشهر الطرق التى يفضلها السياح فى جبال الألب لأنها أصبحت منطقة ذات خطورة عالية.
وقالت قناة "ايكو بنما " أن أوروبا معرضة لكوارث حقيقية بعد ذوبان الجليد فى هذه المنطقة، حيث من الممكن أن يؤدى ذلك إلى سقوط صخور جليدية، ولذلك فقد أصبحت بعض الطرق الجبلية المشهورة فى جبال الألب فى وسط أوروبا مغلقة هذا الصيف بسبب موجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية حيث أنها أصبحت خطيرة للغاية.
وأشارت القناة إلى أن هذا ذوبان الجليد فى أوروبا يتسبب فى خسائر عديدة، حيث أن فى الصيف، غالبًا ما يتدفق المتنزهون والسياح إلى سلسلة جبال الألب لتسلق بعض قمم أوروبا الأكثر شهرة، لكن ذوبان الأنهار الجليدية وذوبان التربة الصقيعية، وهى ظواهر ينسبها العلماء إلى تغير المناخ، جعلت بعض الطرق شديدة الخطورة، مع تساقط الصخور المتكرر.
وصرح الامين العام للجمعية السويسرية لمرشدى الجبال بيير ماثى "حاليا فى جبال الالب هناك تحذيرات من حوالى 10 قمم بما فى ذلك القمم الشهيرة مثل ماترهورن ومونت بلانك"، مشددا على أن عمليات الإغلاق هذه تحدث عادة أكثر فى أغسطس، لكنها تمت هذا العام فى أواخر يونيو وأوائل يوليو".
قرر المرشدون الذين عادة ما يأخذون الآلاف من المشجعين إلى أعلى القمم فى أوروبا كل عام التوقف عن استخدام طرق معينة لتسلق مونت بلانك، التى تمتد عبر فرنسا وإيطاليا وسويسرا.
قال مرشدو جبال الألب الإيطاليون على صفحتهم على فيسبوك أن "الظروف الحساسة بشكل خاص فى الأسابيع الأخيرة" الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة جعلت من الضرورى "تأجيل التسلق".
وقال إزيو مارلييه، رئيس رابطة المرشدين فى إيطاليا، إن الإجراءات تشكل ضربة بعد موسمين صعبين تميزا بتفشى جائحة كورونا، معربا عن أسفه أيضًا لأن الكثير من الأشخاص ألغوا رحلتهم عندما لا تزال العديد من المسارات مفتوحة. وقال: "من الممكن القيام بالعديد من الأشياء، لكن عادةً ما يريد الأشخاص الذين يريدون مونت بلانك مونت بلانك".
وفى إيطاليا، انفصلت كتلة ضخمة من نهر مارمولادا الجليدى فى يوليو الماضى وخلفت 11 قتيلاً.
ولكن لم يكتف التغييرات المناخية بذلك، حيث أظهرت نتائج متابعة علماء البيئة لمئتى نوع من الحشرات فى أوروبا، أن أعداد 30% منها زادت خلال الـ40 عاما الأخيرة.
ودرس الباحثون البيانات التى جمعها علماء الحشرات فى بافاريا منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضى، واتضح لهم أن تغير المناخ يؤثر فى أعداد وموائل الحشرات فى أوروبا، وقد شملت هذه الدراسة 200 نوع من الحشرات معظمها ينتمى إلى ثلاثة فصائل من اللافقاريات- الفراشات والجنادب واليعسوب.
وتبين أنه بسبب التغيرات المناخية ازداد عدد وموائل 30% من هذه الحشرات، وأن 37% منها انخفضت أعدادها، وأن 33% المتبقية لم تتأثر بتغيرات درجات الحرارةـ أو تكيفت معها، وأكثر الحشرات تضررا هى الفراشات والجنادب حيث انخفضت أعدادها بنسبة 41%، فى حين زاد عدد اليعسوب بنسبة 52%، ويفسر العلماء هذا بسبب حب هذه الحشرات للمناخ الدافئ.