فى الوقت الذى بدأ فيه الرئيس جو بايدن عطلته الصيفية مع أسرته فى ثاوث كارولينا هذا الأسبوع، هيمنت أخبار سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب على عناوين الصحف ووسائل الإعلام الرئيسة فى الولايات المتحدة فى ظل سلسلة من التطورات المتلاحقة المتعلقة بعدد من التحقيقات التى يواجهها.
وبعد يومين من مداهمة عملاء الإف بى أى لمقر إقامة ترامب فى مارالاجو بولاية فلوريدا وتفتيشه بحثا عن وثائق سرية رئاسية محتملة، جاءت المقابلة التى أجراها ترامب مع محققى نيويورك على خلفية التحقيقات التى تجريها الولاية فى ممارساته التجارية، لتؤكد أن ترامب لا يتوقف عن جذب الأضواء حتى بعد مرور أشهر طويلة على مغادرته للبيت الأبيض.
"الإجابة نفسها".. كانت هذه العبارة المقتضبة هى رد الرئيس ترامب على أكثر من 400 سؤال وجهت إليه فى إطار التحقيقات التى تجريها المدعى العام لولاية نيويورك حول الممارسات التجارية لمؤسسته "منظمة ترامب". وكان ترامب يشير بتلك العبارة إلى التعديل الخامس للدستور الأمريكى الذى يمنحه حقا بالامتناع عن الإجابة فى إجراءات قانونية.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن ترامب أمضى ساعات فى الإفادة التى أدلى بها مع المدعى العام لنيويورك، الأربعاء، واستند فيها مرارا إلى الحق الذى يكفله التعديل الخامس للدستور الأمريكى بعدم الإجابة على الأسئلة، وهى الحلقة الأحدث فى سلسلة من التطورات القانونية المشئومة التى كان يمكن اعتبارها ذات يوما مدمرة لأى رئيس سابق يسعى للترشح مجددا فى سباق البيت الأبيض.
وخرج ترامب من جلسة "السؤال وعدم الجواب" بإشادة للطريقة الاحترافية للغاية التى أدار بها فريق المدعى العام لاتشيا جيمس الاجتماع ، حيث رفض الإجابة أكثر من 400 مرة على أسئلة حول أعماله وتقييماته العقارية وقروضه، وفقا لشخص مطلع على النقاش. وقال المصدر الذى رفض الكشف عن هويته إن ترامب ذكر اسمه وأعلن رسميا عن حقه فى التعديل الخامس بعدم تجريم نفسه، وبعدما أجاب على الكثير من الأسئلة برد "الإجابة نفسها".
وتوضح وكالة أسوشيتدبرس أن التعديل الخامس للدستور الأمريكى ينص على عدد من الحقوق المرتبطة بالإجراءات القانونية، من بينها أن لا ينبغى إجبار أحد فى أى قضية جنائية على أن يكون شاهدا ضد نفسه.
وبمعنى أوضح، يعنى هذا أنه لا يتعين على المتهمين الجنائيين الإدلاء بشهادة مُدينة له فى القضايا الخاصة بهم، لكنه أصبح ينطبق أيضا فى سياقات أخرى غير جنائية.
وكتبت المحكمة العليا الأمريكية فى عام 1964 تقول إن هذا الحق يعكس العديد من القيم الأساسية للولايات المتحدة وأسمى تطلعاتها. ومن بين تلك المثل، منع الناس من أن يتم تعذيبهم للاعتراف أو يتحولوا إلى هدف لثلاثية قاسية تتمثل فى اتهام الذات أو الحنث باليمين أو ازدراء المحكمة. وقبل عدة عقود من هذا التاريخ، شككت المحكمة العليا فى مصداقية الاعترافات التى تم الإدلاء بها تحت الإكراه.
وتشير واشنطن بوست إلى أن ترامب، الذى غادر البيت الأبيض قبل أقل من عامين، يواجه العديد من التحديات القانونية، منها تحقيقات جنائية فى احتمالية احتفاظه بوثائق سرية وجهوده لإلغاء نتيجة انتخابات 2020، والتحقيق المدنى لمدعية نيويورك وتحقيقات الكونجرس حول ضرائبه والأخرى المرتبطة بأحداث اقتحام الكابيتول فى 6 يناير 2021.
وبالرغم من كل تلك العقبات، ورغم ما يفترض أنه يكون تأثير سلبى لها على فرص الرئيس السابق السياسية فى المستقبل، إلا ان تقرير لوكالة أسوشيتدبرس أكد أن روابط ترامب بالحزب الجمهورى قد أصبحت عمقا بعد مداهمة الأف بى أى، وبعد الانتصارات التى حققها المرشحين المؤيدين من جانبه فى السباقات التمهيدية للانتخابات النصفية.
وقالت الوكالة إن التطورات المتسارعة أوضحت المكانة الفريدة لترامب على قمة الحزب الذى أمضى السنوات السبع الماضية ينهار ويعيد بناء صورته. ورغم أن ترامب يحتاج إلى دعم من الحزب للحفاظ على حياته السياسية فى ظل العقبات القانونية التى يواجهها وتفكيره فى الترشح للرئاسة مجددا، إلا أن الكثيرين فى الحزب ايضا يحتاجون إلى ترامب، شاءوا أم أبوا، بعدما تبين أن تأييده أمرا حاسم لأولئك الساعين لخوض انتخابات نوفمبر المقبلة.