"السر" عند أهل النوبة.. المشغولات اليدوية تحكى تاريخ مصر القديمة.. أدوات بدائية ومنتجات عالمية.. النوبيون توارثوها عن أجدادهم.. يعتمدون على الطبيعة المحيطة فى صناعتها.. و"الوليل والحظاظات" أبرز المنتج

على النغمات النوبية، لا تزال سيدات النوبة ورجالها يواصلون العمل فى صناعة المشغولات اليدوية، وترجع بهم الذاكرة إلى النوبة قديماً حيث كان الأجداد يزاولون هذه الحرفة فى البيوت المطلة على النيل مباشرة جنوب أسوان، وأصبحت الآن إرثاً للأجيال. "انفراد" يسلط الضوء على حرفة المشغولات اليدوية التى يعمل بها أبناء النوبة فى أسوان، واستطاعوا من خلال إرث الأجداد أن يصلوا إلى العالمية فى منتجاتهم التى اعتمدت على البيئة والصناعة اليدوية دون تدخل ماكينات أو آلات المصانع، حتى صنعوا منها الأشكال والمجسمات المختلفة الألوان والأحجام وأصبحت معروضات أهل النوبة مستلزمات ضرورية للسائح والزائر داخل القرى النوبية فى أسوان. نجاح عبد الرحمن، سيدة من أهل النوبة، تحكى عن المشغولات اليدوية النوبية، قائلةً: "توارثنا هذه الحرفة من جداتنا ووقتها كنا صغار نجلس بجوارهن مع عدد من السيدات أمام البيوت النوبية القديمة المطلة على النيل مباشرة ونتعلم منهن صناعة المشغولات اليدوية التى يعاد استخدامها من الطبيعة والبيئة المحيطة مثل النخيل والأشجار والأحجار وغير ذلك، وكانت السيدات قديماً تصنع هذه المنتجات لغرض استخدامها فى البيوت وليس التسويق لها مثلما هو حاصل الآن". وأشارت السيدة النوبية، إلى أنه من ضمن المنتجات التى تصنعها "الوليل"،"والكريج"، "والفِتة" وهى أسماء نوبية لبعض المنتجات فـ"الوليل" هو غطاء صينية الأكل وهو من التراث الموجود داخل كل منزل، وهو مصنوع من جريد النخل وخيوط صوف ويتميز بالألوان المختلفة الزاهية"، مشيرة إلى أنه يوجد به أحجام ويجب تعليقه على جدران كل منزل، مؤكدة أن العريس النوبى لابد أن يرسم هذا الشكل على جدران منزله بنفسه باستخدام ألوان الزيت، ويتم استخدام هذا الوليل فى وضع الأكواب عليه و تغطية صوانى الطعام. وأضاف محمد يوسف، من أهالى قرية غرب سهيل النوبية، أن المنتجات النوبية اليدوية أصبحت علامة بارزة لأهل النوبة وتلفت انتباه السائحين الزائرين بعد أن تحولت معظم القرى النوبية لمزارات سياحية يفضل السائحون الأجانب زيارتها للاستمتاع بالبيئة النظيفة الخالية من الضوضاء والملوثات الصناعية، فهى قرى بيئية تطل على النيل مباشرة ويوجد بها بيوت مبنية على الطراز القديم للنوبة ذات الألوان الزاهية ويعيش أهلها على العادات والتقاليد القديمة التى توارثوها من الأجداد. وتابع فضل المولى على عبد الله، من أهالى النوبة بمحافظة أسوان، أنه عمل فى صناعة الحرف اليدوية من البيئة والطبيعة المحيطة بأهل النوبة وشارك فى العديد من المعارض المحلية داخل مصر وأيضاً الدولية وأصبح واحداً من أبرز صانعى الحرف اليدوية من أهل النوبة فى مصر، موضحاً أنه بدأ العمل فى المشغولات اليدوية فى مرحلة مبكرة وكانت خلال دراسته بالابتدائية، ووقتها كانت لديه ميول كبيرة إلى مثل هذه الصناعات اليدوية، والتى كانت قديماً مدرجة ضمن الأنشطة المدرسية تحت مسمى "الأشغال"، بجانب استخدامات "الصلصال" و"الطين" وكذلك الأخشاب التى كانت تصنع منها المراكب النيلية، وكل ذلك خلال المرحلة الابتدائية، ثم تطور الأمر مع تطور مراحل التعليم. وأشار، إلى أن كل صناعاته تعتمد على جميع مشتقات النخيل دون تدخلات خارجية لأى جزء من القطعة التى يصنعها، ورغم أن الخامات التى يعتمد عليها لا قيمة لها عند المزارعين ومعظمهم يتخلصون منها باستثناء اعتماد غلابيتهم على جريد النخيل فقط، إلا أن هذه الخامات يستفاد منها من خلال إعادة تدويرها بشكل يمكن الاستفادة منه، ففى الوقت الذى يتخلصون فيه من: "السباط والعرجون والكرناف" هو يستخدمها فى صناعة مشغولاته اليدوية. من جانبها، حرصت محافظة أسوان على إقامة وتنظيم معرض مفتوح للمشغولات اليدوية لسيدات النوبة وأسوان فى مدخل السوق السياحى بمدينة أسوان، بعد الانتهاء من مشروعات التطوير والتجميل بواجهة مدينة أسوان السياحية والتى شملت تطوير السوق السياحى وميدان المحطة وحديقة بلازا درة النيل بالإضافة إلى تطوير حديقة السلام، وهذه الأماكن تعد واجهة أسوان السياحية التى يشاهدها السائح الأجنبى والزائر لأسوان بمجرد نزوله من القطار وخروجه من المحطة. المعرض الموجود بالسوق السياحى يشارك فيه نحو 30 سيدة، تعرض المنتجات التراثية المميزة ذات الطابع النوبى المعروف بأشكاله وألوانه سواء فيما يتعلق بالخوص أو الخيط أو الخرز من شال وطاقية والعقد وغيرها، ويتردد عليه العديد من الزائرين المصريين والسائحين الأجانب، باعتباره واحداً من المزارات السياحية المميزة فى أسوان، ويحرص الكثير منهم على شراء واقتناء بعض الهدايا والمشتريات التى تتميز بها أسوان مثل المشغولات اليدوية النوبية والكركديه والبلح والدوم والفسيخ وغيرها من الأشياء المميزة التى تتميز بها أسوان.