- قمة العلمين تفرض على الدول المشاركة دعم فكرة التنسيق المتبادل فى المعلومات لخدمة الأمن القومى العربى
تشرق سماء العلمين الجديدة على مباحثات مصرية عربية تضم مصر والإمارات مع زعماء وقادة العراق والأردن والبحرين، حيث يتقابل كل من الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، والشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مع كل من الملك عبدالله الثانى بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والعاهل البحرينى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بالإضافة للسيد مصطفى الكاظمى، رئيس الوزراء العراقى، حيث يلتقون جميعا على أرض العلمين الجديدة، درة المشروعات القومية فى الاتجاه الشمالى، وقبلة المصريين فى الصيف الحالى، بما فيها من عمران وتشييد ووسائل استقبال تتماشى مع معايير العالم، كما أن مباحثات العلمين تعتبر أفضل وسيلة ممكنة فى الفترة الحالية لتنسيق المعلومات والتفاعل مع توابع ما يحدث فى العالم، ويفرض سطوته على الإقليم، وبما أن الدول المشاركة فى مباحثات العلمين تعتبر دولا فاعلة فى الإقليم وفى العالم، فإن ذلك يفرض على المشاركين فيها أن يتخذوا إجراءات أكثر فاعلية وواقعية وتخدم محيطهم، وتدعم صورتهم أمام كل الدول.
العلمين .. عاصمة مصر الصيفية
فى مباحثات العلمين التى تجمع بين زعماء وقادة العالم العربى، يمكننا أن نرصد عدة ملاحظات رئيسية، أهمها بطبيعة الحال، مكان الانعقاد، حيث يزور الزعماء وقادة الدول العربية مدينة العلمين الجديدة، عاصمة مصر الصيفية، والتى تشهد حالة رواج واضحة منذ عدة شهور، كان من بينها لقاءات الرئيس السيسى بعدد من المسؤولين فى القصر الجمهورى بالعلمين، ثم تبع ذلك اجتماعات حكومية فى مقر انعقاد مجلس الوزراء بالعلمين، حتى أن الوزراء الجدد قد حلفوا اليمين بعد التعديل الوزارى فى العلمين، وكل تلك الخطوات تعتبر وسائل تسويق مصرية للمدينة فى وضعها الجديد، وبما تحمله من مستقبل واعد للجميع، لذلك فكلمة العلمين ومباحثات العلمين ستكون العنوان الأكثر بحثا بمجرد بدئها، واستقبال زعماء وقادة الدول المشاركين فيها.
الرئيس السيسى والشيخ محمد بن زايد.. 25 لقاء بين الزعيمين
أيضا الملاحظة الرئيسية الأخرى، هى الاستقبال الرئاسى لسمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية، وهى الزيارة الرسمية الأولى له لمصر بعد توليه منصب رئيس دولة الإمارات خلفا للشيخ الراحل الشيخ خليفة بن زايد، ثم أن تلك الزيارة هى اللقاء رقم 25 بين الرئيس السيسى والشيخ محمد بن زايد، ما يؤكد حجم التنسيق بين الدولتين فى تلك الفترة، ويؤكد معها ما وصلت إليه مصر من تنسيق على مستوى رؤساء وقادة الدول العربية، وهى المرحلة الذهبية فى مستوى العلاقات، كما أن الشيخ محمد بن زايد قد سبق فى الحضور رؤساء الدول وملوك الممالك المشاركة فى المباحثات، بالإضافة إلى أن الشيخ محمد بن زايد يشارك الرئيس السيسى فى مراسم الاستقبال للضيوف، وهو ما يؤكد عمق العلاقة بين مصر والإمارات، فهما كما يقول القائل شعب واحد ومستقبل واحد.
مباحثات العلمين ومباحثات العقبة.. وسائل دعم التحالفات العربية
من الأمور التى يجب الانتباه إليها جيدا فى مباحثات العلمين، أنها تأتى لاحقة لمباحثات العقبة التى عقدت فى مارس الماضى فى مدينة العقبة الأردنية، أى بعد 6 شهور من الانعقاد، تخللها لقاءات ثنائية بين الرئيس السيسى وبين زعماء الدول العربية، وكذلك المشاركة فى عدة فعاليات أهمها المباحثات الخليجية الأمريكية، ما يفسر الصورة بأن مصر تحقق فلسفتها الخاصة التى تبتعد عن النظريات وفكرة «إثبات الحالة»، بالقفز إلى فكرة التفاعل مع الواقع والتعامل معه بإيجابية حقيقية، يمكن أن يستفيد منها شعوب المنطقة والإقليم، وبالتالى فانعقاد المباحثات هو مؤشر جيد لتنفيذ أولويات المرحلة، خاصة المتعلق منها بالجانب الاقتصادى والتجارى.
تحالف عربى عربى
أيضا تمثل مباحثات العلمين قفزة نوعية نحو فكرة التحالفات العربية العربية، وهى خطوة حقيقية نحو تعزيز ذلك المفهوم الكبير والذى يؤمن بأن المحيط العربى أولى له الاصطفاف الوطنى عبر شخصيات وطنية مثل الزعماء والقادة المشاركين فى مباحثات العلمين، وغيرهم من قادة المنطقة، وذلك حتى يمكنهم تخطى التشابكات العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك توابع أزمة فيروس كورونا، وكلها توابع اقتصادية محيرة للغاية، وتضغط على صناع القرار فى اتخاذ سياسات اقتصادية بعينها فى تلك المرحلة، وبالتالى فالأمر يحتاج لمستوى كبير من تبادل المعلومات المبنية على ثقة حقيقية وتوجيه رئاسى وملكى لكل الأجهزة والمسؤولين بضرورة التنسيق بهدف الوصول لصيغ تفاهم تخدم الأمن القومى العربى.
اصطفاف وطنى عربى
كما تعتبر مباحثات العلمين وسيلة جديدة نحو تعزيز مفهوم البيانات العربية المشتركة والواضحة، والمعبرة عن القضايا التى تمس الوطن والمواطن العربى، وبالتالى فتضمينات البيانات الرسمية تؤكد توافق الرؤى بين رؤساء وزعماء الدول، بهدف إيصال الرسالة للأطراف المناوئة فى المنطقة، وكذلك الأطراف التى لا تحترم القوانين الدولية، بأن هناك اصطفافا عربيا واضحا فى القضايا التى تمس شعوب المنطقة، وبالتالى فعدم التفاهم حولها سيضر تلك الأطراف اقتصاديا واجتماعيا، وعليها أن تتخذ خطوات واضحة نحو تيسير الإجراءات والالتزام بالقوانين الدولية، وحتى تتحقق المصالح المشتركة التى يريدها الجميع.
مكاسب للجميع
من المزايا التى يمكن رصدها فى مباحثات العلمين الجديدة أيضا، هى المكاسب التى تعود على الدول المشاركة بأكملها، فالجميع بطبيعة الحال يبحث عن الفرص الجيدة لشعبه، وبالتالى فالمكاسب المشتركة تتحقق فى مباحثات العلمين، وخير دليل ما يتم من عملية دعم كامل لرئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، فى تحركاته، من منطلق دعم المؤسسات الوطنية، وفى محاولة لرأب الصدع فى العراق، وحتى تصل الرسالة كما قلنا فى فكرة الاصطفاف الوطنى العربى، الذى يدعم رؤى قادة الدول المشاركة وتحركاتهم فى الشأن الداخلى.
الأوضاع الاقتصادية أبرز الملفات
وكما يفرض الاستقرار والأمن وضعه فى البيانات الرسمية، واللقاءات الثنائية والخماسية فى العلمين، فإن الأوضاع الاقتصادية أيضا لها حضورها القوى والطاغى، فالجميع يبحث عن حلول عملية لحركة الأموال والاستثمارات، وبالتالى فالظروف والأهداف تكمل بعضها، فهناك أطراف تمتلك أموالا تحتاج لمنافذ استثمار، وآخرون لديهم تلك المنافذ، وهنا تكون المعادلة واضحة للغاية، حيث يكمل كل طرف منهم الآخر، فى ظل ترحيب ودعم وثقة كاملة بين الأطراف، ومن هنا يمكننا فهم ما يحدث حاليا فى ترتيب الأولويات الاقتصادية، وكذلك الشراكات التى تتم فى بعض المصالح والمشاريع سواء فى مصر أو خارجها.
الأمن العربى.. صيغ أكثر تفاهما
تمثل تلك الفترة فى العلاقة بين مصر والدول العربية فترة فى غاية الأهمية، استطاعت فيها مصر بالتنسيق بين الأجهزة والمؤسسات الوطنية بين البلدين، أن تصل لمرحلة ذات أهمية وعائد إيجابى كبير على الأمن القومى العربى، وهى أمور كان غير مخطط لها أن تحدث، وساعد فى تحقيقها مستوى العلاقات بين زعماء وقادة الدول الحالية فى المنطقة العربية، وهو ما انعكس فى عدة إجراءات واضحة نذكر منها منتدى الاستخبارات العربية وغيرها من أمور التنسيق الواضح التى تعود على المواطن، وبالتالى فالمباحثات فى العلمين ستعزز ذلك المفهوم مرة أخرى عبر دعم القضايا الوطنية، اعتمادا على حجم المعلومات المتوفر لدى المشاركين، والذى يوضح لهم ما يتم فى القضايا الإقليمية وكيفية التجاوب معها.