الزواج المبكر جريمة مكتملة الأركان.. "انفراد" تفتح ملف زواج الأطفال ومخاطره المستقبلية.. "التضامن": جار إعداد قانون لمعاقبة من يشارك فى هذا الزواج.. وحملة "جوازها قبل 18 يضيع حقوقها" تستهدف كل المحافظ

داخل كل سيدة من هؤلاء قصة وحكاية، ظلت تطاردها على مدار سنوات، بسبب قيام أهلها بزواجها مبكرا فى سن الطفولة، لعدم رغبة الأسرة فى الاستمرار للإنفاق عليها أو لمفهوم بعض الأسر بأن زواج البنت «سترة» لها، فمنهن من تزوجت فى سن 12 و13 و14 و16 عاما، وظللن فى مشاكل اجتماعية ونفسية انتهت فى بعض الأحيان بالطلاق، ومنهن من ظلت حتى الآن تعانى من الآثار السلبية التى نتجت عن زواجها المبكر فى سن الطفولة، حتى أطلقت وزارة التضامن الاجتماعى حملة «جوازها قبل 18 يضيع حقوقها»، التى تستهدف جميع محافظات الجمهورية، استكمالا لتصدى الوزارة لظاهرة الزواج المبكر بين الأسر الأولى بالرعاية، وذلك تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث تستهدف الحملة المناطق الأكثر احتياجا، وقرى ومراكز المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، والفئات والأسر الأولى بالرعاية، والأسر المستفيدة من الدعم النقدى المشروط «تكافل وكرامة»، وكذلك الأسر المستفيدة من خدمات الحماية الاجتماعية، التى تقدمها وزارة التضامن الاجتماعى. وتصل نسبة الفتيات المتزوجات فى الفئة العمرية 15- 19 سنة إلى حوالى 13% من إجمالى السيدات المتزوجات فى مصر، طبقا لآخر مسح صحى سكانى- مصر 2014، وتزداد أعدادهن فى الريف، خاصة ريف الوجه القبلى، ووفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017، فإن ما يقرب من واحدة من كل 20 فتاة، أى نحو 4% فى الفئة العمرية «15 - 17» سنة، متزوجات حاليا أو سبق لهن الزواج مع وجود تباينات كبيرة بين المناطق الريفية والحضرية، كما أن الفتيات المراهقات فى الريف أكثر عرضة للزواج فى سن الطفولة، بمقدار 3 أضعاف الأطفال المراهقات فى المناطق الحضرية. «انفراد» تكشف حكايات وقصصا لدى العديد من الفتيات، ممن خضن تجربة الزواج المبكر، ونتج عن ذلك مشاكل نفسية واجتماعية، حيث يعانى البعض منهن من عدم تمكنهن من تسجيل أبنائهن، نظرا لعدم تسجيل الزواج بشكل رسمى لصغر سن الفتاة، التى تتزوج فى أعمار تتراوح بين 12 و 16 عاما، الأمر الذى دفع الحكومة، ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى، إطلاق حملة توعوية لمناهضة زواج الأطفال وتقديم العديد من الخدمات لهؤلاء الفتيات من أجل الحفاظ على حقوقهن، وأيضا توعيتهن بخطورة الزواج المبكر من أجل عدم تكرار تجاربهن مع أطفالهن. تنادى جوزها «يا عمى» إيمان محمد سرور، من مركز ديروط بمحافظة أسيوط، إحدى المستفيدات من خدمات وزارة التضامن الاجتماعى ضمن حملة «زواجها قبل 18 يضيع حقوقها»، لافتة إلى أن والدتها التى تزوجت فى سن 12 عاما، وتعرضت لمعاناة كبيرة، حيث تم الطلاق بعد 40 سنة لعدم معرفتها بأساسيات الزواج، حيث كانت تنادى زوجها بـ«يا عمى» لفرق السن بينهما، موضحة أن والدتها تعرضت لعوامل نفسية واجتماعية صعبة لزواجها فى سن الطفولة، وأن والدتها رفضت زواجها فى عمر 16 عاما حتى لا تكرر تجربتها القاسية فى الزواج المبكر، وأصرت على استكمال تعليمها قبل الزواج قائلة: «والدتى مرت بظروف صعبة لزواجها فى سن الـ 12 عاما، ورفضت تكرار التجربة معى خوفا على صحتى وعدم ضياع حقوقى، وجميل أمى سيظل فى رقبتى»، وأكدت على أنها لن تكرر تجربة الزواج المبكر مع أطفالها حرصا على مستقبلهم وحياتهم، وأنها ضمن المستفيدات من حملة وزارة التضامن الاجتماعى «جوازها قبل 18 يضيع حقوقها»، موجهة الشكر لوزارة التضامن الاجتماعى على حرصها فى منع زواج الفتيات فى سن الطفولة، وتقديم الدعم النقدى للأسر الأولى بالرعاية ضمن «تكافل وكرامة» والمساعدة للأسر فى استكمال أبنائهم دراستهم. جريمة مكتملة الأركان أكد القس ميخائيل إبراهيم، ممثل الكنيسة القبطية: نحن أمام جريمة مكتملة الأركان، فعندما يكون الزوج والزوجة غير ناضجين بشكل كاف، ينهدم البيت، فإذا كان الرجل هو رأس البيت، لكن سلامة البيت تقوم على المرأة فيقول الكتاب المقدس: «حِكْمَةُ الْمَرْأَةِ تَبْنِى بَيْتَهَا، وَالْحَمَاقَةُ تَهْدِمُهُ بِيَدِهَا»، متسائلا: كيف تكون طفلة مسؤولة عن الحمل بإنسان جديد، وهى جسمها أصلا ضعيف لم يكتمل بعد؟ هذا غير إحساس القهر، الذى تشعر به، وقد يؤدى بها إلى الاكتئاب أو الانتحار، والاكتئاب معد، قد يتعداها إلى الزوج وأسرته. نشر الوعى قالت «حليمة محمود» رائدة حضرية بمنطقة العجوزة: إن عمل الرائدات لدى وزارة التضامن الاجتماعى يتضمن نشر الوعى عن مخاطر الزواج المبكر، وتوعية الأسر بكل أشكال الضرر التى تقع على الفتاة، حال زواجها فى سن الطفولة، بجانب أيضا التعريف بخدمات الوزارة التى توفرها للأسر فى كل المناطق، بهدف دعمهم ومساعدتهم للوصول بهم إلى بر الأمان، كما أن الزواج المبكر يعرض حياة الفتاة للخطر، ويتسبب فى الإجهاض للكثير منهن. كارثة حقيقية «الزواج المبكر كارثة كبيرة»، بهذه الكلمات وصفت «رضا عبدالعال»، من محافظة الإسكندرية، إحدى المستفيدات من حملة وزارة التضامن الاجتماعى، معاناتها مع الزواج المبكر، حيث تزوجت وهى تبلغ من العمر 16 عاما، ما تسبب فى تعرضها لمشاكل نفسية واجتماعية، حيث أنجبت طفلا يعانى من زيادة كهرباء وضمور بالمخ، فصغر سنها وقت الزواج لم يمكنها من معرفة المسؤولية، وكيفية التعامل مع أسرة وأطفال، موجهة نصيحة لكل الأمهات والآباء بعدم زواج فتياتهم فى سن الطفولة، حرصا على حقوقهم وصحتهم الجسدية والنفسية. ضياع حقوق الزوجة قال محمد عويس، مدير عام منطقة الوعظ الأزهرية بالغربية: إن الزواج سنة من سنن الله تعالى فى الكون، وهو عبادة للمحافظة على النوع الإنسانى، وضبط الغريزة الجنسية، لافتا إلى أن زواج الأطفال زواج حرام، لما يترتب عليه من ضياع حقوق الزوجة «الطفلة»، التى لا تعرف شيئا عن حقوقها ولا واجباتها، فتكون قاسية على المجتمع ككل، خاصة إذا تم الطلاق لزواج عرفى، قبل أن توثق قسيمة الزواج ببلوغ الزوجة 18 سنة، وقد يزيد الزوج فى غيه ولا يعترف بالطفل، الذى يأتى من هذا الزواج غير الموثق، وأن من حق ولى الأمر تأييد المباح فى الشريعة الإسلامية، وأن يضع له الضوابط، ومن هذا وضع ضوابط لسن الزواج فى القانون، وهو 18 سنة، وهى السن التى تبدأ بعدها مرحلة الشباب، وقبلها يعتبرا الإنسان طفلا فى القانون والدستور المصرى، وتابع «عويس»: أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحمة بأبنائنا، وقال: «من لا يرحم، لا يُرحم»، فالأب الذى يريد أن يتخلص من ابنته بتزويجها وهى طفلة، لا يرحمها، ويرميها فى التهلكة، والواقع يؤكد أنه فى الكثير من الحالات لا يتخلص منها، لأنها تعود إلى بيته بطفل وهى مطلقة أو غضبانة أو مهانة. التصدى للظاهرة بين الأسر الأولى بالرعاية الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، أكدت أن الزواج المبكر يسبب مخاطر كبيرة للفتاة فى حالة الحمل، إضافة إلى عدم إدراكها كيف تصبح زوجة وأما بسبب صغر سنها، كما أن زواج الفتيات جريمة فى حق الطفولة، لأنها تحرم من حق استكمال تعليمها ونمو إدراكها كزوجة وأم، وهذا العبء يشكل على الدولة المصرية كافة، لافتة إلى أنه تم تخصيص ما يقرب من 5.5 مليار جنيه لمد مظلة الحماية الاجتماعية للأسر الأولى بالرعاية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسى، بجانب أن زواج الفتيات المبكر فى عمر أقل من 18 عاما يحرم الفتاة من حقها فى استكمال تعليمها، ونضج صحتها وبنيتها باللعب والثقافة، وأنه تمت زيادة الموازنة الخاصة ببرنامج الدعم النقدى تكافل وكرامة من 6.3 مليار جنيه عام 2015 إلى 22 مليار جنيه فى موازنة العام الجارى بتوجيهات الرئيس السيسى. وأوضحت القباج، أن وزارة التضامن تقوم الآن بدراسة إجراء بعض التعديلات على شروط حصول الأسر على الدعم النقدى، لتضيف شرطا بوقف الدعم عن الأسرة، حال زواج أطفالها، وأن عدد الأسر المستفيدة من برنامج تكافل وكرامة، الذين لديهم أطفال يقرب من 1.4 مليون أسرة من إجمالى عدد الأسر، التى تحصل على الدعم النقدى، وأن وزارة العدل تعمل الآن على إصدار قانون يجرم زواج الأطفال، لتقع العقوبة على من يتزوج ومن يساعد فى إتمام هذا الزواج. وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعى إلى أن الوزارة دعمت أكثر من 1000 مدرسة تعليم مجتمعى، لتمكين الفتيات من الأسر الأولى بالرعاية لاستكمال تعليمهن الأساسى بالمجان حتى لا تقوم أسرهم بتزويجهن قبل 18 سنة للتخلص من العبء الاقتصادى الملقاة عليهم أو إرسال الأبناء للانخراط فى أى شكل من أشكال العمل غير الآمن، كما جاءت توجيهات مباشرة من الرئيس السيسى لوزارة التضامن بزيادة عدد أسر برنامج «تكافل وكرامة» مليون ألف أسرة جديدة، حيث سيصل إجمالى عدد الأسر المستفيدة من الدعم النقدى «تكافل وكرامة» إلى 5 ملايين أسرة، كما تم تخصيص 500 مليون جنيه لتكافؤ الفرص التعليمية للأبناء المتفوقين من الأسر الأولى بالرعاية، فى إطار تشجيعهم على استكمال تعليمهم الجامعى، كذلك إضافة عدم زواج أطفال أسر برنامج تكافل تحت 18 سنة إلى شروط الصحة والتعليم فى البرنامج، وهو إجراء عملى لتغيير ثقافة الأسرة تجاه زواج الأطفال، خاصة الفتيات مع الالتزام بمتابعة صحة ونمو الأبناء.












الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;