أصبحت ليز تروس رسمياً ثالث رئيسة وزراء فى تاريخ بريطانيا عقب تنصيبها رسميًا بعد زيارة الملكة إليزابيث الثانية فى قلعة بالمورال حلفا لبوريس جونسون، الذى اضطر للاستقالة بعد سلسة من الفضائح والانتقادات.
تولت تروس البالغة 47 عاما، منصبها بعد فوزها بأكبر عدد من الأصوات فى مسابقة قيادة حزب المحافظين ليحل محل جونسون، الذى أعلن استقالته فى يوليو واستمر فى تسيير الاعمال عدة شهور عانت فيها المملكة المتحدة من أسوأ ازمة اقتصادية منذ عقود.
قائمة مهام تروس طويلة، حيث تواجه البلاد أزمة غلاء معيشية متفاقمة، وخدمة رعاية صحية متداعية، وموجة لا نهاية لها على ما يبدو من الإضرابات العمالية.
يتوقع بنك إنجلترا أن يقفز التضخم فى المملكة المتحدة إلى 13% مع اشتداد أزمة الطاقة، وأن البلاد ستدخل الركود قبل نهاية العام. حذر بنك جولدمان ساكس من أن التضخم قد يصل إلى 22% إذا ظلت أسعار الغاز الطبيعى "مرتفعة عند المستويات الحالية".
ووعدت تروس إنها ستقدم خطة جريئة لخفض الضرائب وتنمية الاقتصاد، وقالت خلال احد خطاباتها: "وسأقوم بتنفيذ أزمة الطاقة - التعامل مع فواتير الطاقة للناس ولكن أيضًا التعامل مع القضايا طويلة الأجل بشأن إمدادات الطاقة كما ساحسن من الخدمة الصحية الوطنية ".
قالت صحيفة الجارديان إن هناك العديد من الملفات الساخنة بانتظار رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة ليز ترس والتى يجب أن تحظى بأولوية قصوى مع بداية ولايتها الجديدة خلفا لبوريس جونسون.
تأتى أزمة الطاقة التى تهدد القارة الأوروبية بأسرها إلى جانب الحرب الروسية الأوكرانية على رأس أولويات الحكومة الجديدة إلى جانب الوعود التى قطعتها ترس على نفسها أثناء حملتها الانتخابية بتخفيض الضرائب فى ظل الارتفاع الكبير فى أسعار المعيشة، بالإضافة إلى مشاكل قطاع الصحة التى تواجه المملكة المتحدة.
تواجه رئيس الوزراء الجديدة تحديات مصيرية لم يسبق لها مثيل فى تاريخ بريطانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تمثل أسعار الطاقة وازمات المعيشة احد اهم تلك التحديات فى الوقت الذى ينتظر فيه الشعب البريطانى حلول عملية وجذرية ولاسيما وعودها الانتخابية ركزت على تخفيض الضرائب وتقديم مساعدات مالية مباشرة للتخفيف من الأعباء التى تهدد الملايين من الأسر.
ووفقا للتقرير، دفعت الاحداث الحكومة البريطانية إلى فرض حالة من التأهب بين أفراد الشرطة وإعداد خطط طوارئ تحسبا لاحتمالات اندلاع حالة من الفوضى وعدم الاستقرار فى حالة تنظيم مظاهرات على الأوضاع الحالية التى تعصف بالبلاد.
الا ان استطلاع جديد قد يعقد الأمور لزعيمة المحافظين التى تستعد لبدء مهام منصبها الجديد، حيث وجد أن معظم البريطانيين يريدون منها الدعوة لإجراء انتخابات عامة على الفور تقريبًا، بدلاً من الانتظار حتى انتهاء الفترة البرلمانية الحالية التى قد تستمر عامين آخرين.
وفقًا لاستطلاع الذى اجرى مساء الاثنين قبل ساعات من الإعلان الرسمى عن فوز تروس قال ستة من كل عشرة إنهم يريدون فرصة للتصويت هذا العام.
قال نصف الجمهور إن تروس لا يمكنها توحيد البلاد، بينما قال 18% فقط إنها تستطيع ذلك. فى غضون ذلك، قال 18% فقط إن لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه تروس وهى تستعد لتولى الوظيفة و44% قالوا إنهم ينظرون إليها نظرة سلبية.
يأتى الاستطلاع أيضا بالتزامن مع تسليط الضوء على سلسلة من التحولات فى الآراء والمواقف السياسية لرئيسة وزراء بريطانيا الجديدة حيث وصفتها شبكة سى ان ان انها "حرباء سياسية" متلونة مع تاريخ من الآراء المتغيرة، مثلما تحولت من راديكالية تطالب بإلغاء الملكية إلى حاملة علم الجناح اليمينى فى حزب المحافظين المشكك فى أوروبا.
وقالت الشبكة الامريكية ان تروس انتخبت لعضوية البرلمان فى عام 2010 واصبحت قوة سياسية تسعى لتحقيق اجندتها المستقلة.، ولكن بعد عقود من التحول شهدت تغيرًا هائلًا فى وجهات نظرها الشخصية، سيتساءل الكثيرون عما تمثله زعيمة بريطانيا الجديدة بالضبط.
كانت هناك عضوة نشطة فى حزب الديمقراطيين الليبراليين، وهو حزب معارض وسطى لطالما كان معارضًا فعالًا للمحافظين فى أجزاء كبيرة من إنجلترا.
خلال فترة عضويتها فى الحزب الديمقراطى الليبرالى، دعمت تراس إلغاء الملكية وتقنين الحشيش، وهى مواقف تتعارض تمامًا مع توجه التيار السائد فى حزب المحافظين.
قال نيل فوسيت، عضو حزب الديمقراطيين الليبراليين الذى قاد حملة انتخابية مع تروس فى التسعينيات، لشبكة CNN: "أعتقد بصدق أنها كانت تلعب حسب الجمهور فى ذلك الوقت، سواء كانت تتحدث عن إلغاء تجريم المخدرات أو إلغاء النظام الملكي".
وأضاف: "أعتقد أنها شخص يلعب حسب أى جمهور تتحدث إليه، ولا أعرف حقًا ما إذا كانت تصدق أى شيء تقوله، فى ذلك الوقت أو الآن".
ووفقا للتقرير من المحتمل أن تبدو حكومة تروس فى نهاية شبيهة بحكومة جونسون إلى حد كبير، ولكن مع تركيز أكبر على خفض الضرائب، وربما اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه أوروبا.، كما تشير التوقعات إلى انها ستظل ملتزمة بدعم أوكرانيا على الرغم من كل هذه الصعوبات والتحديات، وعلى الرغم من ارتفاع العديد من الأصوات داخل حزب المحافظين التى تطالب بتبنى نهج مختلف تجاه أوكرانيا لتجنب استمرار الأزمات الحادة التى يعانى الشعب البريطانى من وطأتها.