وسط انشغال الدول الكبرى والمنظمات الدولية بالأزمة العالمية، ومعالجة تداعيات متتالية تضرب الاقتصاد، وتنعكس على السياسة، ضمن تحولات درامية وانعكاسات اجتماعية وسياسية، تحرص الدولة المصرية على بناء علاقاتها الاستراتيجية، والسعى نحو تقوية دوائرها ودعم القضايا العربية والأفريقية، سعيا لبناء سياسات قادرة على التدخل فى معالجة الأزمات العربية والإقليمية، مع الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع كل الدول والدوائر، وهو ما يمكنها من التواصل، والتحرك بتوازن، وحيازة ثقة من كل الأطراف.
وهناك رهان على أن تسهم القمة العربية القادمة بالجزائر فى دعم الحلول السياسية عربيا، واستعادة الأطراف التى خرجت بسبب المشكلات الداخلية من صراعات وحروب، بعد أن تستعيد الدول الوطنية قدرتها، ووحدتها، حتى يمكنها تعويض ما فات.
وفى هذا السياق وفى يوم واحد، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الثلاثاء، وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة، والرئيس الفلسطينى محمود عباس.
وزير خارجية الجزائر سلم الرئيس السيسى رسالة خطية من الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون، تضمنت الدعوة للمشاركة فى القمة العربية المقبلة بالجزائر مطلع شهر نوفمبر المقبل، مع التأكيد على حرص الجزائر على تعزيز أطر التعاون الثنائى على شتى الأصعدة والانطلاق بها إلى آفاق أرحب.
الرئيس السيسى رحب بالدعوة معربا عن تطلع مصر لإنجاح القمة المقبلة، والتى تأتى فى ظل تحولات إقليمية ودولية تتطلب موقفا عربيا يمكنه إتاحة معالجة دقيقة للقضايا العربية، وتمثل القمة المقبلة فى الجزائر أهمية كبيرة فى دفع الحلول السياسية فى الدول العربية التى تواجه تحديات داخلية أو إقليمية، تتطلب موقفا عربيا يدعم هذه الخطوات.
الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد تطلع مصر للعمل مع الجزائر لضمان نجاح القمة العربية فى تعزيز العمل العربى المشترك، للتصدى للتحديات الضخمة التى تواجه الأمة، وذلك بهدف استعادة مكانتها ووحدتها، وبما يدعم مفهوم الدولة الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعوب العربية، وهى سياسة مصرية دائمة تسير باتجاه تقليل التوترات ودعم الحلول السياسية، باعتبار أن وصول الدول العربية إلى الاستقرار يتيح فرصة التنمية، ويعوض الفرص التى ضاعت على مدى سنوات، جراء الصراعات الداخلية.
من هنا فإن القمة العربية المقبلة بالجزائر فرصة لرأب الصدع وإعادة بناء موقف عربى يمكنه التدخل وطرح مبادرات لتطوير الحل السياسى فى ليبيا وسوريا واليمن، بما يمكن هذه الدول من استعادة استقرارها الذى فقدته فى السنوات الأخيرة، وتأتى أهمية زيارة وزير الخارجية الجزائرى للقاهرة، لتبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك على المستوى العربى، ومستجدات الأوضاع فى كل من سوريا وليبيا والعراق، والتوافق حول أهمية تكثيف التنسيق المتبادل للعمل على استعادة الأمن والاستقرار والسلام الإقليمى.
وفى نفس السياق، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، بقصر الاتحادية الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، ووفدا فلسطينيا رفيعا، للتباحث بشأن آخر مستجدات القضية الفلسطينية.. الرئيس السيسى أكد استمرار مصر فى تقديم كل الدعم الممكن للقضية الفلسطينية، بما يضمن تحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق وفق الثوابت القائمة على مبدأ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكدا سعى لمصر لدعم تكاتف الجهود خلال المرحلة الحالية من أجل دعم الموقف الفلسطينى والحفاظ على التهدئة، خاصة فى قطاع غزة.
الرئيس الفلسطينى أعرب عن تقديره لجهود مصر ومساعيها فى دعم القضية الفلسطينية، واتفق الرئيسان على مواصلة التشاور والتنسيق، سواء على المستوى الثنائى، أو فى إطار صيغة التنسيق الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية، والأطر المتعددة الأخرى، وذلك من أجل متابعة الخطوات المقبلة وجهود دعم القضية الفلسطينية.
الدولة المصرية تتحرك وتأخذ زمام المبادرة لبناء موقف عربى، قادر على التدخل فى القضايا المختلفة، وأن يكون هناك موقف عربى مستقل يمكنه معالجة الأزمات.