كفاح من نوع خاص.. الحاج السيد حجاب مصاب بـ"متلازمة بهجت" من 27 سنة.. يبيع "شاى" لمدة 12 ساعة يومياً لتوفير رزق حلال لأسرته.. ويؤكد: "أنا راضى بقضاء الله لكن نفسى أرجع أشوف أولادى زى زمان".. صور

رجل بسيط لم يتعد عمره 54 سنة يكافح فى الحياة بالعمل فى مهنة ورثها عن والده وجده، وهى إعداد وتجهيز أكواب الشاى فى فاترينة بسيطة بوسط مدينة إسنا، وهو رجب محمد أحمد الشهير بـ"السيد حجاب الجزيرى"، والذى يبدأ يومه فى السادسة صباحاً عمله ويستمر حتى السادسة والثامنة مساء لخدمة العمال والأهالى بمنطقة وسط مدينة إسنا، وذلك رغم إصابته منذ حوالى 27 سنة بفقدان النظر لتعرضه لمرض نادر يحدث مرة فى المليون وهو "متلازمة بهجت". يقول الحاج السيد حجاب ابن قرية جزيرة راجح بمدينة إسنا، إنه من مواليد عام 1968 ، وورث مهنة عمل الشاى والقهوة للزبائن بوسط مدينة إسنا من والده وجده، واستمر فى العمل بصورة طبيعية، حتى تعرض لمتاعب صحية شديدة فى عام 1995 منذ 27 سنة مضت، وفقد على إثرها النظر ودخل فى رحلة علاج طويلة لا يزال مستمرا فيها ويضطر للإنفاق بصورة شهرية من 1500 لـ2000 جنيه على العلاج الذى وصفه له الأطباء، ورغم تلك الظروف الصحية إلا أنه لم يتوقف عن عمله لتوفير الرزق الحلال لأسرته، حيث يتوجه فى السادسة صباحاً من جزيرة راجح غرب إسنا ويستقل معدية للوصول لمكان عمله فى "فاترينة شاي" بسيطة لخدمة الزبائن بوسط مدينة إسنا، وذلك للعمل والإنفاق على أسرته. يضيف الحاج السيد حجاب، لـ"انفراد"، أن رحلة المرض معه بدأت فى عام 1995 على شكل تقرحات شديدة فى اللسان والرقبة والوجه، وبعد أسابيع قليلة فقد النظر تماماً، وظهرت أعراضه على باقى أنحاء الجسد من عصبية وشد فى القدمين والظهر، وقرر العرض على الأطباء لمعرفة ما يحدث له، وأحد الأطباء عقب الفحوصات الطبية والأشعة اللازمة أبلغه بأنه مصاب بمرض نادر يصاب به شخص فى كل مليون شخص، وهو "متلازمة بهجت"، وشرح له الطبيب المعالج بأن ذلك المرض يعتبر اضطراب نادر يسبب التهاب الأوعية الدموية فى جميع أنحاء الجسم، ويشمل ظهور بعض الأعراض مثل قروح الفم والتهاب العين وطفح جلدى وقروح تناسلية، وتختلف آثار مرض بهجت من شخص لآخر. وأوضح صاحب أشهر فاترينة شاى بوسط مدينة إسنا، أنه فاترينة الشاى التى يعمل عليها منذ طفولته هى مصدر رزقه ورزق أبناؤه، فهو متزوج ولديه ولدين وإبنتين، أحدهما فى الخدمة العسكرية والثانى فى الصف الأول بالثانوية الصناعية، والفتيات إحداهن متزوجة والثانية طالبة بالإعدادية، وجميع أفراد أسرته يحتاجون لعمله لكونه العائل الوحيد للأسرة ويحتاجون كل قرش يكسبه من العمل فى فاترينة الشاى بوسط المدينة، موضحاً أنه رغم ظروفه الصحية وفقدان النظر بنسبة كبيرة للغاية تصل لـ1/6 وأصبح أشبه بالضرير حالياً، بجانب أنه يقوم بتوفير نفقات علاجه بدعم من أهل الخير كل فترة والتى تصل إلى 2000 جنيه شهرياً، ويحتاج لأن يكمل مهمته مع أبناؤه الصغار وزوجته لكى يعيشون حياة كريمة. وعن ظروف إصابته بمرض متلازمة بهجت، يقول الحاج السيد حجاب، إنه فى عام 1995 بدأت تظهر عليه بعض الأعراض من التقرحات فى الجسد والوجه واللسان، وكان يحصل على أدوية بسيطة ظناً بأنها أعراض خفيفة وستذهب، ولكن مع زيادة الأعراض الصحية الشديدة وتنوعها فى جسده، قررت زوجته أن يقوم بزيارة الأطباء فى الأقصر وبعدها لأسيوط، ولم يجد أحد يعرف تشخيص حالته جيداً، وتوجه للقاهرة للعرض على طبيب كبير متخصص فى تلك الحالات، وعلم منه أنه مصاب بمرض نادر يحدث لشخص واحد فى المليون، وبدأ رحلة علاج طويلة أنفق فيها كل ما يملك ولكن دون جدوى أو تحسن فى النظر، فقرر العودة لعمله من جديد لكى يوفر رزق أسرته وبعض تكاليف العلاج حسبما يستطيع، قائلاً:- "الحمد لله ربنا كرمنى من فضله، وأنا راضى بإصابتى بالمرض ده وفقدان نظرى تماماً بعد الإصابة، ولكن أهل الخير والأصدقاء يساعدونى لعلمهم بظروفى ويقفون بجانبى كل يوم بتوصيلى من المنزل حتى فاترينة الشاي، وآخرون من الجيران يساعدونى فى البيع والشراء". وعن رحلة العلاج يقول الحاج السيد حجاب لـ"انفراد"، إنه أجرى عمليات متكررة فى القاهرة بمستشفيات مختلفة، منها عمليات خطيرة فى عصب العين ولم تنجح فى إعادة النظر له، وكذلك أطباء فى كل أرجاء القاهرة والإسكندرية بجوار أقاربه، وحصل على قائمة طويلة من الروشتات الطبية والعلاج ولكن دون حلول أو جدوى لإعادة النظر، فهو يحصل على أدوية عيون وأدوية باطنة وغيرها من القائمة الكبيرة، مختتماً حديثه:- "أنا راضى الحمد لله لكن حزين نفسى أرجع أشوف ولادى ومراتى وأصحابى وكل الناس اللى واقفين جنبي، وأمنيتى أتعالج عند دكتور كويس عشان أرجع أشوف الدنيا زى زمان، لانى بعانى كل يوم 10 كيلو ذهاب وعودة لبيتى عشان أوفر رزق أولادي".