تقديم الكفن ينهى سلسال الدم فى الصعيد.. الآلاف يشهدون مراسم "الجودة" لإنهاء خصومة ثأرية بين قبيلتين بأسوان.. أسرة المجنى عليه تقبل الاعتذار.. والأهالى يهتفون "الله أكبر" بعد إنهاء الخصومة ويذبحون الول

"كفن أبيض" يحمله شخص من أسرة القاتل ويقدمه إلى أهل المقتول بعد أن يتجاوز الصفوف حامله على يديه كنوع من الاعتذار ووقف نزيف الدم الذى قد يمتد إذا ما استمر الطرفان فى الخصومة الثأرية بينهما. "انفراد" انتقل إلى قرية العباسية بمركز كوم أمبو محافظة أسوان، تحديدا فى نجع العرب، لرصد مراسم مؤتمر الصلح "الجودة" التى تمت لإنهاء خصومة ثأرية فى مهدها بين عائلتين بعد مقتل شاب على يد صديقه من أبناء القرية مطلع العام الجارى 2022. حضر مراسم الصلح، محمد أبوغنيمة، السكرتير العام لمحافظة أسوان، واللواء محمد فاضل مساعد مدير أمن أسوان، والسيد إدريس مصطفى الإدريسى، رئيس لجنة الصلح ورئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، وعدد من نواب البرلمان وعدد من القيادات الأمنية والتنفيذية ونواب البرلمان والقيادات الدينية وكبار القبائل والأجاويد، بجانب ما يزيد عن 5 آلاف شخصا من أهالى قرية العباسية والقرى المجاورة لها لإتمام مراسم الصلح بين عائلتى آل حماد الجعفرى "الجعافرة" وآل رشيدى الخرانقة "العبابدة" بقرية عزبة العرب التابعة لمجلس قروى العباسية بمركز كوم أمبو محافظة أسوان. تأتى مراسم الصلح، التى بدأت باستقبال ضيوف الصلح وتقديم الولائم والمشروبات لهم، بجهود من لجان المصالحات للأشراف الأدارسة وتحت رعاية محافظ أسوان ومدير الأمن، ثم شهد المؤتمر تلاوة آيات من القران الكريم للشيخ القارئ صالح القراشى، ثم تواصلت مراسم الصلح بحضور شقيق الجانى إلى مؤتمر الصلح حاملا "الكفن" على يديه وتقديمه لأسرة المجنى عليه كنوع من التقاليد التى جرت بين الأطراف المتخاصمة لإنهاء الخصومة الثأرية بين الطرفين، وسط هتافات الحضور "الله أكبر ولله الحمد" بعد إتمام المراسم. كما تم تقديم دروع "التسامح" من صاحبة مبادرة "صعيد بلا ثأر" صفاء عسران، التى تأتى برعاية الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية ووزيرى الشباب والرياضة والتضامن الاجتماعى، لتسليم هذه الدروع لطرفى النزاع وكذلك القيادات التنفيذية والأمنية. من جانبه، أكد السيد الإدريسى، رئيس لجنة المصالحات، أن على أبناء القبائل أن يسعوا فى الإصلاح بين الناس دون أن ينتظروا تطور الخلافات بينهما، معلقا: "علينا أن نبكر حتى لا يصل الشيطان لطرفى الخلاف وفى النهاية كلهم إخوة"، مشيرا إلى أن هذا الخلاف إنذار قبل أن يخطو الشيطان خطواته لإفساد السلم بين الناس، وحتى ينجو الجميع من فتن الشيطان ويؤمنوا فى الدنيا والآخرة ونكون جميعا على قلب رجل واحد ويد واحدة. وفى السياق، أشار الشيخ عبد الصبور الحامدى وكيل إدارة الأوقاف بقرية العباسية، إلى موقف رسول الله عند فتح مكة بعد إيذاء المشركين له ولأصحابه حتى عفى عنهم دون أن يراق قطر دم واحدة. وأضاف القمص موسى رفلة، راعى كنيسة بنبان بدراو محافظة أسوان، أن هذا التجمع الأسرى جاء لإتمام الصلح وإفشاء السلام، لأن السلام هو شهوة كل إنسان والذى يريد أن يقتنى السلام لابد أن يتحلى بضبط النفس واللسان، لأن الكلمة الخاطئة تحسب على الإنسان مهما قدم من اعتذار وتبقى مع العمر. فى المقابل، أشاد محمد أبو غنيمة، السكرتير العام لمحافظة أسوان، بالجهود المخلصة من قامات أسوان التى ساهمت فى إتمام هذا الصلح ولم الشمل، والقضاء على أى خلافات ليعم السلم الاجتماعى بين أبناء المحافظة وهو الذى يساهم بدوره فى إرساء مبادئ التماسك والترابط والتكاتف ليعيش الجميع فى أجواء من المحبة والوئام ككتلة واحدة وعلى قلب رجل واحد لنحقق كل ما نصبو إليه من آمال وطموحات فى مجتمع يعم فيه السلام والرخاء والأمن والأمان والاستقرار بسواعد أبناؤه المخلصين الأوفياء، مقدماً تحيته لكافة الجهود المبذولة من لجنة الصلح والقيادات الأمنية والدينية والشعبية والعمد والمشايخ من أبناء أسوان، ومواصلتهم العمل بجدية لإتمام المصالحات فى جميع ربوع المحافظة، كما قدم شكره لأبناء عائلتى آل حماد الجعفرى، وآل رشيدى الخرانقة العبابدة الذين حرصوا على إعلاء المصلحة العامة، وإتمام هذا الصلح على خير. وتعود أحداث القضية، إلى شهر يناير من العام الجارى 2022، عندما وقعت مشاجرة بين "إبراهيم.ح.م" 32 سنة من أبناء "العبابدة" وسامح أحمد موسى، من أبناء "الجعافرة"، أثناء عملهما سويا فى مشروع الصرف الصحى بقرية عزبة العرب التابعة لقروى العباسية بكوم أمبو، وتطورت المشاجرة بينهما حتى قام "إبراهيم" بالتعدى على "سامح" بأداة الحفر فى يده حتى سقط قتيلا، وتم ضبط المتهم وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده، ثم توصلت جهود المصالحات إلى التوافق بين العائلتين لإتمام الصلح بينهما.