كل خطوة تتقدمها الدولة باتجاه الحوار وإدارة التنوع، وفتح مجالات النقاش تخصم من رصيد منصات الشائعات والدعاية المضادة والتشكيك. والحوار الوطنى يتخذ خطوات للأمام بشكل كبير، وهناك انفتاح على الكثير من الآراء، سواء فى الفضائيات تتيح لكثيرين عرض آرائهم بحرية، فى المجالات السياسية والاقتصادية، خاصة أننا نعيش عصر تتقلص فيه الحواجز، ويصعب إخفاء الحقائق، وتثبت التجربة حتى الآن أن الأفكار والآراء تتضح أكثر من خلال تنوع الآراء ووجهات النظر خاصة فى القضايا الاقتصادية التى تتعلق بحياة الناس اليومية، مثل الأسعار الخاصة بالغذاء والدواء والمعيشة اليومية، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك إدراكا لكون الأزمة العالمية الاقتصادية لها انعكاساتها على الأسعار بشكل عالمى، وتوضيح هذا الارتباط، وأيضا إدراك أن المشروعات القومية فى الطرق والنقل والكهرباء والزراعة مهدت لجذب استثمارات، وساهمت فى تخطى أزمة أربكت اقتصادات كبرى.
وبجانب الحوار الوطنى الذى يتيح توسيع دوائر الآراء فى السياسة والاقتصاد، وجه الرئيس الحكومة لعقد مؤتمر اقتصادى يطرح ويناقش القضية الاقتصادية من خلال إشراك خبراء من مدارس مختلفة، يمكنهم أن يناقشوا ما تحقق وكيفية النظر إلى الإجراءات الاقتصادية والمالية، والمؤتمر الاقتصادى كان مطلبا لبعض الخبراء، وانعقاده هو استجابة يكشف عن حيوية الدولة فى التفاعل مع الشارع، فقد حرص الرئيس فى التوجيه إلى أن المؤتمر يتيح طرح وجهات النظر، من كل الخبراء بصرف النظر عن توجهاتهم.
كانت كلمة الرئيس السيسى فى هيئة قناة السويس تتعلق بأهمية الحوار وإعلان المعلومات والتعامل مع ما يجرى من خلال معلومات واطلاع حقيقى، وهى وجهة نظر أثبتت نجاحها فى الحوار الوطنى وانعكاساته فى فتح مجالات لخبراء أو سياسيين فى الفضائيات أو المنصات، بما يمثل فى حد ذاته خطوة فى الحوار.
رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى أعلن عن بدء الإعداد لعقد مؤتمر اقتصادى تستمع خلاله الحكومة لآراء الخبراء والمختصين فى هذا الشأن، وأنه يتم التجهيز له وما ستتضمنه جلساته من موضوعات متنوعة دعما للاقتصاد فى كل القطاعات، عبر تنسيق شامل مع الوزراء المختصين وكل الجهات المعنية.
المؤتمر فرصة لتقييم الإجراءات التى اتخذت باعتبار أننا أمام أزمة ترهق الطبقات الوسطى والأقل فى العالم كله، وتثير نقاشا وجدلا وأسئلة، وتدفع الحكومات لاتخاذ إجراءات للمواجهة والعلاج، وليس الهدف هو التبرير أو التهوين، بل محاولة للفهم داخل سياق عالمى، وأيضا استمرار حيوية ومرونة التعامل مع ما يجرى، وعلى سبيل المثال فإن قرارات البنك المركزى بقيادته الجديدة، تتعامل مع مطالب قطاعات الأعمال والصناعة والتصدير بتفهم، وتسعى - من خلال القرارات الجديدة - إلى تسهيلات لدعم مستلزمات الإنتاج، الضرورية، أو التصدير، وهو ما يمثل استجابة لمطالب، وأيضا قدرة على قراءة هذه المطالب وتقييمها، حيث يفترض دعم الصناعات أو المنتجات المهمة للتصدير أو السوق المحلى، مع تفضيل الضرورات، وتقليل الرفاهيات أو السلع التى لا تمثل أهمية قصوى.
وما يقال فى الاقتصاد ينطبق على الملفات السياسية والأهلية، حيث يتيح الحوار طرح وجهات نظر فى المطالب السياسية، خاصة أننا خلال هذا الشهر بعد عام من إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى تتضمن الكثير من المواد والبنود التى تغطى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بجانب حرية الرأى والتعبير، والممارسة السياسية، والرضا الشعبى، وجودة الخدمات، وقد صدرت الاستراتيجية بناء على مناقشات وبمشاركة واسعة من المعنيين بالملف، بما يجعلها محل توافق، وقد صدرت بناء على معطيات محلية، انطلاقا من أن كل دولة لها ظروفها السكانية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية، والتى يفترض التعرف عليها لاتخاذ القرار، وهناك أهمية لأن تتفاعل أطراف الحوار مع هذه الاستراتيجية، بما يجعلها أساسا يمكن الانطلاق من تطبيقه لحل الكثير من الملفات وتلبية المطالب، بما يفتح بابا للنقاش حول المستقبل، وبما يضمن حياة سياسية نشطة، ومجتمعا أهليا متفاعلا، يخضع للقانون ويعمل تحت مظلته، بما يمثل نقطة مهمة فى التعامل مع التقارير الموجهة التى تطلقها منظمات ليست فوق مستوى الشبهات، حيث تمثل أجنحة للتنظيمات المتطرفة. وبالتالى فإن الإجراءات المحلية وما اتخذته لجنة العفو الرئاسى منذ إطلاق الحوار، تمثل أكبر رد وتعامل مع هذه التقارير، لأن إعلان الحقيقة يسد أبواب الشائعات وينزع أى صلاحية عن الادعاءات من منصات غير بريئة.
الشاهد فى كل هذا أن الحوار وإدارة التنوع، يوسعان من قدرة المجتمع السياسى والاقتصادى على تفهم ومناقشة القضايا العامة بشفافية ودون آراء مسبقة، وتنزع فاعلية منصات الشائعات.