عامان وخمسة أشهر و10 أيام مروا أمس الجمعة على ظهور أول قفص زجاجى بقاعات المحاكم المصرية، حيث دخله الرئيس الأسبق محمد مرسى يوم 28 يناير 2014 ليحاكم أمام محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة بطرة البلد مع 131 متهم آخرين فى القضية المعروفة إعلامياً بـ"الهروب من سجن وادى النطرون".
وكان من أولى القضايا التى دخل فيها متهمين هذا القفص قضية مقتل الجنود فى مجزرة رفح الثانية، حيث نظرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى محاكمة عادل حبارة وآخرين، وكذلك محاكمة المتهمين فى قضية أحداث كرداسة المتهم فيها 188 أمام محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد ناجى شحاتة.
وفى التقرير التالى يرصد "انفراد" وجهتى النظر حول قانونية محاكمة المتهمين داخل القفص الزجاجى من عدمها، كما يرصد عدد وطبيعة الأحكام التى صدرت بحق المتهمين داخل قفص محكمة معهد أمناء الشرطة تحديداً.
وتقول الإحصائيات أن أكثر من 80 حكما أغلبها فى قضايا الإرهاب صدرت على متهمين داخل القفص الزجاجى فى المحكمة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، وصدرت على 209 متهما فى قضايا مختلفة أحكاماً بالإعدام، كما صدرت على 1632 متهما فى قضايا مختلفة أحاكم متفاوتة ما بين الحبس سنة والسجن المؤبد بمجموع 18 ألف و515 سنة.
وخلال جلسات مرافعات دفاع المتهمين فى القضايا التى تنظر بمعهد أمناء الشرطة، دائما ما يؤكد الدفاع على بطلان محاكمة المتهمين لوضعهم داخل القفص الزجاجى لقيامه بالفصل بين الدفاع وموكله، وفى هذا الصدد يقول أسامة الحلو دفاع محمد بديع مرشد جماعة الإخوان، أن الأصل فى المحاكمات أن تتم بحضور المتهم وأن يتواصل مع محاميه، وأن يدرك المتهم ما يدور فى الجلسة، والواقع يؤكد أن المتهم لا يستطيع أن يتواصل مع محاميه ولا يدرك ما يدور فى الجلسة بسبب تواجد القفص الزجاجى، وإن تواصل المتهم مع محامية ضمانة أساسية من ضمانات الدفاع، وأنه توجد إشكالية أخرى وهى تحكم رئيس الجلسة فى اغلاق دائرة الصوت داخل القفص.
وأشار "الحلو" فى تصريحات لـ"انفراد" إلى أن المحاكمات العلنية فى ألمانيا تستخدم القفص الزجاجى لحماية المتهم، ولا يتعدى اتساع هذا القفص المترين، ولا يكون عازلاً للصوت.
وأضاف عماد مبارك المحامى بالنقض، أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه أثناء التحقيقات، وما ينطبق على التحقيقات ينطبق على جلسات المحاكمة، ووجود القفص الزجاجى وما يحيط به من أسلاك، فضلاً عن عدم تنظيف الزجاج يحجب رؤية الدفاع للمتهمين والعكس.
وأضاف "مبارك" فى تصريحات لـ"انفراد"، أن الزجاج يحجب التواصل بين المتهم والمحكمة وبين المتهم ودفاعه، ولتحقيق العدالة المنصفة يجب إحاطة المتهم بكل ما يدور فى الجلسة، منوهاً إلى أن الميكرفونات والسماعات المتواجدة داخل القفص الزجاجى أغلبها لا يعمل ولا تختبر قبل كل جلسة، ناهيك عن عدم قدرة تواصل الدفاع مع موكله.
وفى المقابل، قال المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق والخبير القانونى، إن القانون لم ينص على وضع المتهمين داخل قفص حديدى، وأن قانون الإجراءات الجنائية لا ينظم أماكن تواجد المتهم داخل قاعة المحكمة، وأن وضع المتهم داخل القفص لحمايته من الاعتداء عليه، ولمنع هروبه، مشيراً إلى أن بعض محاكم الجنح لا توجد بها أقفاص، وأن لقاء المتهم مع محاميه قبل نظر الجلسة وليس أثناء انعقادها، ولا يجوز استجواب المتهم أو مناقشته فى أى أمر إلا عن طريق طلب من محاميه.
ونفى المستشار رفعت السيد صحة مقولة، أن المتهمين لا يدركون ما يحدث أثناء انعقاد الجلسات بسبب القفص الزجاجى، مؤكدأً فى تصريحات لـ"انفراد"، أن المتهم يسمع ما يدور داخل الجلسة عن طريق الميكرفونات، لافتاً إلى أنه أجريت تجارب والتأكد من سماع المتهمين كل ما يدور داخل الجلسات، وفى حالة تطاول المتهمين على المحكمة أو ممارستهم شغب يكتم رئيس الجلسة الصوت فلا يصل صوتهم إلى القاعة.
أحكام الإعدام
ولعل من أشهر القضايا التى صدر فيها حكم بالإعدام فى معهد أمناء الشرطة، كانت قضية مذبحة رفح الثانية، وحصل الإرهابى عادل حبارة و 6 آخرين على أحكام بالإعدام، كما حكم بإعدام مرشد الإخوان محمد بديع و 13 آخرين فى القضية المعروفة إعلاميا بـ "غرفة عمليات رابعة"، وكذلك الحكم القاضى بإعدام 10 متهمين بقضية "خلية الظواهرى"، ومن أكبر القضايا التى صدرت فيها أحكام بالإعدام كانت "مذبحة كرداسة" حيث صدر الحكم بإعدام 138 متهماً.
السجن المؤبد
وشهد القفص الزجاجى بمعهد أمناء الشرطة صدور عشرات الأحكام بالسجن المؤبد، ومن أشهرها قضية خلية الظواهرى، حيث حصل 32 متهماً على أحكام بالسجن المؤبد، بجانب 37 متهماً بـ"غرفة عمليات رابعة"، وكذلك أحمد دومة و 229 آخرين فى القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث مجلس الوزراء".
أحكام بالبراءة
وشهد القفص الزجاجى لحظات فرح لمتهمين حصلوا على أحكام ببالبراءة، ففى قضية أحداث تظاهرات 25 أبريل حصل 51 متهماً على البراءة، بجانب براءة محمد الظواهرى فى القضية المعروفة إعلاميا بـ"خلية الظواهرى"، وبراءة 45 متهما بـ"أحداث السفارة الامريكية".