عرف المجتمع المصرى الحضارة مبكرًا، صنعها بيده، والحضارة فى معناها حياة ومشاركة وبالتالى أصبحت هناك جرائم، اقتضت وجود قوانين للقصاص ولحماية الأبرياء، ولنا أن نتخيل صفحة حوادث فى إحدى صحف مصر القديمة ما الذى كانت ستحتويه؟
دماء فى القصر الفرعونى .. مؤامرة الحريم
شهد القصر الفرعونى فى طيبة واحدة من أبشع الجرائم، راح ضحيتها رمسيس الثالث فرعون مصر، فيما عرف باسم "مؤامرة الحريم".
وقعت الجريمة أثناء نوم الفرعون الذى كان يعيش مع أفراد عائلته والمقربين من حاشيته فى القصر الملكى، وحفلت حياة القصر بالعديد من الأحداث بسبب الغيرة والطموحات والمؤامرات، ونتج عنها صراعات كثيرة، وكان أهمها الصراع على العرش بين الزوجات أمهات أولياء العهود الشرعيين والزوجات الثانويات وأبنائهن الراغبين فى الحكم مصر بعد رحيل الأب، ووصل التآمر إلى حياة الملك نفسه.
وتعرف المؤامرة بـ"مؤامرة الحريم"، وشارك فى المؤامرة عدد من حريم القصر الملكى وبعض سقاة البلاط وحرسه وخدمه، ولم يعرف هدف هؤلاء المتآمرين، ولعل السبب الأساس للمؤامرة أن هذه الملكة "تى" بالتعاون مع بعض نساء القصر خططت لاغتيال الملك كى تضع ولدها "بنتاؤر" على العرش بدلاً من ولى العهد الشرعي، الملك رمسيس الرابع بعد ذلك.
تم اغتيال رمسيس الثالث بالفعل، وانكشفت المؤامرة، وحقق فيها بأمر من الفرعون التالى الملك رمسيس الرابع، وحكمت المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح بين الإعدام والانتحار والجلد والسجن وقطع الأنف وصلم الأذن والبراءة، كل وفقًا لدوره وجريمته فى تلك المؤامرة المشينة.
طرد كبير العمال بمقابر الفراعنة والسبب تحرشه بالنساء
حكمت المحكمة مؤخرا بطرد الحرفى "بانيب"، الذى أشرف على أعمال بناء مقابر الفراعنة فى وادى الملوك، وذلك بسبب فساده وتحرشه بالنساء فى طيبة.
بدأت القضية عندما تقدم أن رجلا يدعى أميناخت بشكوى للوزير هوري، وهو أعلى مسؤول فى مصر القديمة، اتهم فى شكواه "بانيب" بسرقة وظيفته وأخذ البضائع من المعابد والمقابر الملكية وإلحاق الضرر بالأرض المقدسة والكذب تحت القسم والاعتداء بالعنف على 9 رجال فى ليلة واحدة، واقتراض العمال الملكيين لاستخداماته الخاصة"، بالإضافة إلى ارتكابه الزنا مع ربات البيوت، وذكر أميناخت فى شكواه العديد من النساء اللواتى ادعىى أن بانيب اعتدى عليهن.
اعرف القانون قبل ارتكاب هذه الجائم
جريمة القتل
إن عقوبة الإعدام جزاء من ارتكب القتل العمد، الذى يتوفر فيها القصد الجنائى، بصرف النظر عن المكانة الاجتماعية للجانى والمجنى عليه.
وقد يلجأ القانون فى حالات معينة إلى توقيع عقوبات نفسية اعتبرها أشد وطأة من الإعدام.
كان الابن الذى يقتل أحد أبويه يتعرض لتعذيب قبل إعدامه حرقا على الأشواك، أما فى حالة قتل أحد الآباء ابنه أو ابنته، فلم يكن الجزاء عقوبة الإعدام، بل عقوبة نفسية تمثلت فى إجبار القاتل، الأب أو الأم، على احتضان جثة الابن أو الابنة وربطهما معا ثلاثة أيام.
أما عقوبة الإعدام فقد تعنى أحيانا أن يُلقى بالمذنب فريسة للتماسيح، والخازوق استخدم مع جرائم لصوص المقابر، والانتحار يمنح للمحكوم عليهم بالإعدام من علية القوم".
أما القتل الخطأ فيقول القانون: "لم يكن يستطع أن يدخل منزله قبل أن يتطهر من الإثم الذى ارتكبه ويقدم قربانا عند مقبرة القتيل".
وعقوبة التستر على جريمة قتل، أو عدم الإدلاء بمعلومات تفيد احتمال ارتكابها لمنع وقوعها، فكل من امتنع عن الإبلاغ شريكا فى الجريمة ويعاقب بنفس عقوبة الجاني، "هو سمع ولم يبلغ، ومَثُل أمام القضاة للتحقق ووجدوه مذنبا، وتركوه فى مكانه وقتل نفسه بنفسه".
أما من قتل حيوانا له صفة دينية رمزية، فقد اعتدى على طبيعة مقدسة، يستحق الإعدام فى حالة ثبوت تعمده ذلك، أو الغرامة فى حالة القتل الخطأ.
جريمة الزنا
"يقول القانون: إن المرأة التى غاب عنها زوجها تقول لك كل يوم إنى حسناء وليس هناك من يشهدها وهى تحاول الإيقاع بك فى فخها، إنها خطيئة كبرى تستحق الموت إن لم يحُتفظ بها سرا، لأن الإنسان يسهل عليه بعد ارتكاب تلك الخطيئة أن يرتكب أى ذنب".
السرقة
عقوبة من يسرق ممتلكات أفراد هى دفع غرامة تصل إلى الضعفين أو ثلاثة أضعاف الشيء المسروق، وهى عقوبة تغاير عقوبة سرقة ممتلكات الدولة التى وصلت إلى حد دفع السارق غرامة تصل إلى 180 ضعفا.
وكان المتهم يتعهد بإعادة المسروقات بعد اعترافه، ويخضع لعقوبة الضرب مئة ضربة باليد، وإجباره على حلف يمين لا يحنثه، وإلا يُلقى فى النهر للتماسيح، وكانت العقوبة تُنفذ فى مشهد عام أمام الناس.
الخيانة العظمى
"لا توجد مقبرة لمن يرتكب جريمة ضد جلالته، جثمانه سيلقى فى النهر".