الحوار الوطنى أداة لإدارة التنوع فى المجتمع وإعطاء شعور للجميع بالمشاركة، خاصة أن الدولة وصلت لمرحلة من اللياقة تمكنها من إدارة الحوار الوطنى، الذى يعكس حيوية ويتيح الفرصة لتنوع يملأ مساحات المشاركة وعلى مدار شهور منذ إطلاق مبادرة الحوار الوطنى، جرت مياه كثيرة، وأتاحت الفضائيات ومنصات النشر عرض وجهات نظر مختلفة، فى السياسة والاقتصاد، وإن كان الاقتصاد يشغل المساحة الأكبر لدى البعض، فإن الأحزاب تركز أكثر على الممارسة السياسية.
وربما يرى البعض طول فترة التجهيز والإعداد لبدء الحوار، لكن الواقع أن هناك تنوعا واسعا ومساحات بينت التيارات المختلفة، هى التى أخذت وقتا لوضع قواعد عامة تحكم الحوار الوطنى، ربما أهمها هو احترام وجهات نظر الآخرين واستعداد كل طرف لقبول وجهة النظر الأخرى، والاعتراف أنه لا يوجد أحد فى السياسة أو الاقتصاد لديه الحل النهائى لجميع القضايا، وأن هناك نقاطا متفق عليها فى العموم، مع تنوع الآراء فى التفاصيل، منها احترام القانون وتكافؤ الفرص وإتاحة المعلومات والبيانات التى تمنع اللجوء إلى الشائعات أو أنصاف المعلومات.
حدث مؤخرا أن نشر عدد من المستخدمين البارزين معلومات مغلوطة بلا مصدر حول أسعار الفائدة وقرارات اقتصادية اتضح أنها لم تصدر، وبعض هؤلاء يقدم نفسه أنه خبير اقتصادى، ويضطر لتكذيب نفسه، لكن بعد أن تكون المعلومات الخاطئة انتشرت وأدت إلى بلبلة أو ارتباك، وبالتالى فمن المهم أن يصل الحوار إلى موازنة بين إتاحة المعلومات، ومنع نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد.
نفس الأمر فيما يتعلق بتقييم الأنشطة والخطوات، وانعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادات العالم، وكيفية التعامل معها محليا من خلال إجراءات وخطط معلنة، من دون تهوين أو تهويل، وبعيدا عن محاولات ترويج آراء متشائمة أو المطالبة بوقف الأنشطة والمشروعات، مع العلم أن هؤلاء أنفسهم كانوا يطالبون بإغلاق تام وقت كورونا، وهو رأى اتضح خطأه، باعتراف منظمة الصحة العالمية ومنظمات اقتصادية كبرى، حيث ساهمت هذه المشروعات فى توفير فرص عمل وبنية أساسية تساعد فى أى توسع صناعى أو استثمارى.
الملاحظ أنه بالرغم من اتساع منصات النشر ومواقع التواصل والفضائيات، فإن هناك ما يشبه المنولوج، حيث تجرى العادة على أن كل مستخدم يتحدث لنفسه وللمتفقين معه، وعند أول خلاف يلجأ البعض إلى البلوك أو اتهام المختلف معه أنه لجنة أو خصم، ثم إن الآراء الفردية تعكس وجهات نظر، قد تتفق أو تختلف، ومن هنا تأتى أهمية الحوار الذى يعكس حيوية ويمكن أن يسهم فى جمع المختلفين فى مكان واحد، بشكل يمنح كل منهم الفرصة لعرض وجهة نظره، فى مواجهة آخرين.
وفى الاقتصاد مثلا الخبراء يهتمون بالنظريات والقرارات الاقتصادية والمالية والبنكية، والموازنة والفائدة، الاقتصاد يعنى الطاقة والاستثمارات والمنافسة وجذب رؤوس أموال ومضاعفة التصدير ومضاعفة أعداد السياح، والمواطن تهمه الأسعار والدخل والتوازن وقدرته على إدارة ميزانيته وتوفير احتياجاته.
وإن التوسع فى الطاقة والطرق والصناعة والزراعة، يسهم فى جذب استثمارات من الخارج للتوسع فى الأنشطة القائمة أو فتح مجالات جديدة، تنعكس فى صورة فرص عمل، مثلما تسهم مشروعات الطرق والنقل والكهرباء فى توسيع الفرص الاستثمارية فى الصناعة والزراعة والطاقة، والصحة، والسياحة، والتى يمكن للقطاع الخاص المساهمة فيها، بل وشرح أهمية جذب استثمارات خارجية باعتبارها إضافة للاقتصاد سواء بتوسيع رؤوس أموال شركات قائمة، أو الاستثمار فى صناعات مطلوبة فى الغذاء والدواء، أو القطاع العقارى، باعتبار أن الأموال التى تأتى من الخارج، هى إضافة للسوق وللاقتصاد، وعلى الخبراء توضيح ذلك من خلال استعراض الفرص الاستثمارية فى العالم، وعولمة الاقتصاد التى تصنع منافسة لجذب الاستثمارات الخارجية، خاصة فى ظل عولمة اقتصادية تضاعف من المنافسة، وتعطى أفضلية للدول التى تقدم فرصا استثمارية وبنية أساسية.
كل هذه الموضوعات تمثل قاعدة للحوار الوطنى والمؤتمر الاقتصادى بحثا عن إجابات عملية قابلة للتطبيق.