أزمة جديدة تواجه أوروبا بعد ارتفاع أسعار الخبز والتى وصلت لمستويات قياسية، حيث ارتفعت بنسبة 18% فى المتوسط، مقارنة بالعام الماضى، وهو أحد عواقب الحرب بين روسيا وأوكرانيا المستمرة والتى أدت إلى ارتفاع كبير فى جميع المواد الغذائية، وأهمها الدقيق.
وأشارت صحيفة "20 مينوتوس" الإسبانية إلى أن أوروبا أصبح تعانى من ارتفاع فى أسعار جميع المواد الغذائية، ووصلت إلى ذروتها التاريخية وأصبح الخبز هو أغلى من أى وقت مضى، وفقا لمكتب الإحصاء للمفوضية الأوروبية "يوروستات" الذى أكد أن تكلفة الخبز فى أغسطس فى الاتحاد الأوروبى زاد بنسبة 18% مما كانت عليه قبل عام، بينما ارتفع سعره فى 2021 بنسبة 3% فقط مقارنة بعام 2020.
ويؤثر الوضع بشكل أساسى على الدول الأكثر اعتمادا على روسيا وأوكرانيا، وتأتى المجر فى المقدمة والأكثر معاناة إلى حد بعيد من ارتفاع أسعار الخبز، حيث ارتفعت، فى عام واحد فقط، بنسبة 65%. ثم تأتى بعد ذلك ليتوانيا وإستونيا وسلوفاكيا وكرواتيا وبولندا ولاتفيا، التى سجلت زيادة تزيد قليلًا عن 30%، وتحت المتوسط الأوروبى توجد دول مثل إسبانيا (15.2%)، البرتغال (15%)، بلجيكا (13.7%)، هولندا (9.6%) أو فرنسا (8.2%).
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع سعر الخبز هو الحرب فى أوكرانيا، بسبب أزمة الطاقة التى تسببت بها ولأن كلًا من روسيا وأوكرانيا - المعروفين باسم سلة الخبز فى أوروبا - أساسيان فى إنتاج القمح والشوفان والذرة وعباد الشمس على نطاق عالمى وكذلك فى أوروبا. وهكذا، غيّر الصراع فجأة سوق الغذاء وجعل صادرات الحبوب صعبة. علاوة على ذلك، فى أوكرانيا، على سبيل المثال، اضطر بعض المزارعين إلى التوقف عن العمل فى الأرض وما بين 20% و30% من الحقول لم يتم حرثها منذ بداية الحرب.
ومن خلال بيانات يوروستات، فمن الواضح أنه على الرغم من السياق التضخمى السابق، كان ذلك بعد وقت قصير من بداية حرب أوكرانيا عندما ارتفع الخبز فى الاتحاد الأوروبى بشكل كبير. وبينما ارتفعت الزيادة فى الفترة من فبراير إلى مارس 2022 من 8.3% إلى 9.2%، فقد وصلت بالفعل فى أبريل إلى 12.1%. وفى أغسطس الماضى، ارتفع ليصل إلى الرقم الحالى البالغ 18%.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل الهجوم الروسى كان الخبازون يشكون بالفعل من التضخم، وعلى وجه التحديد من ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء، حيث تعتبر الكهرباء من أهم نفقات المخابز ولذها اضطر الخبازون قبل بدء الصراع إلى رفع سعر الرغيف مثلما حدث فى فرنسا، الذى تجاوز سعره يورو فى المتوسط.
وفى ألمانيا، ارتفعت أسعار الكهرباء فى أحد المخابز إلى 4 أضعاف، حيث وصلت سنويا إلى 1.2 مليون يورو، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع فى أسعار الخبز حيث أن الكهرباء الأساس فى المخابز الألمانية، وعلى سبيل المثال فى مخبز مثل "هاينز هيميرل" اعتاد فى فترة ما قبل الأزمة الأوكرانية أن يجد فاتورة كهرباء سنوية تقدر بنحو 300 ألف يورو (299.8 ألف دولار)، إلا أن تراجع واردات الغاز الروسية وارتفاع أسعار الكهرباء ستنعكس سلبا على صناعة الخبز فى البلاد.
وقال هيميرل إن أسعار المواد الخام مثل السكر والطحين والحليب والزبد قد ارتفعت أيضًا، ما يجعل استئناف العمليات بشركته، والتى يعمل بها 170 موظفًا وتدير سلسلة من 13 مخبزًا، أمرًا أكثر صعوبة، مشيرا إلى أن شركته تعد واحدة من 10 آلاف شركة فى مجال المخابز تنتشر فى ألمانيا، وبدأت تدق ناقوس الخطر بسبب ارتفاع التكاليف القوى، خاصة فى ظل تضخم تصل نسبته إلى نحو 8 %، ما يجعل من نقل الزيادة فى الأسعار إلى المستهلكين أمرًا حتميًا.
وفى محاولة للتخفيف من عواقب الانخفاض فى إنتاج القمح الأوكرانى، وافقت المفوضية الأوروبية هذا الصيف على تمديد التدابير الاستثنائية حتى عام 2023، مثل، على سبيل المثال، إلغاء التزام المزارعين بممارسة التنويع وتناوب المحاصيل أو تكريس 4 % من الأرض المراد إراحتها. فى كاتالونيا وحدها،، تزيد اللوائح من الأراضى الزراعية بأكثر من 36000 هكتار. تمثل هذه الزيادة فى الأراضى الصالحة للزراعة إمكانات إنتاجية إضافية تبلغ 100000 طن من الحبوب.
وفى السياق نفسه، انتشرت مخاوف من اندلاع احتجاحات فى دول أوروبا بسبب ارتفاع الأسعار، حيث نشرت صحيفة "لاستامبا" الإيطالية تقرير قالت فيه أن الزيادة الحادة فى أسعار الخبز فى أوروبا يمكن أن تؤدى إلى اضطرابات واندلاع "ثورة خبز" حقيقية.
وقال الصحفى الإيطالى، إيمانويل بونينى، أن "ربع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى يعانى مشكلة تؤثر بصورة وثيقة فى الحياة اليومية للعائلات، ويتعين على الكتلة المكونة من 27 دولة التعامل مع الزيادات فى الأسعار، مشيرا إلى أنه "حتى الآن، تمكنت فقط فرنسا وهولندا من كبح هذا الارتفاع نوعًا ما، إذ بلغت نسبة الارتفاع لديهما 8.2% و9.6% على التوالي".
وفى إيطاليا أيضا، تعانى أيضا من أزمة فى رغيف العيش بالاضافة إلى أزمة المكرونة، بسبب نقص القمح الأوكرانى، وحذر وزير الخارجية الإيطالى، لويجى دى مايو، من أن "حرب الخبز العالمية بدأت؛ بسبب منع تصدير القمح الأوكراني"، مشيرا إلى أنه يجب وقف هذه الأزمة حتى لا تتحول إلى حرب.
وأوضح دى مايو فى وقت سابق أن هذا الأمر يمكن أن يؤدى إلى زعزعة الاستقرار السياسى، وانتشار المنظمات الإرهابية، والانقلابات؛ يمكن أن يكون سبب ذلك أزمة الحبوب التى نمر بها.