سلطت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية المتخصصة فى الشئون الآسيوية الضوء على أزمة تواجهها وزارة الدفاع الأمريكية في صناعة الأسلحة والطائرات الحربية بسبب بعض القطع والأجزاء التى يتم تصنيعها فى الصين، ما يعكس جزء من صعوبات متنامية فى سلاسل التوريد الصناعية للجيش الأمريكي.
وأشارت المجلة فى تقرير لها إلى أنه تم التأكيد على تعليق تسليم المقاتلات من طراز F-35 من قبل البنتاجون بعد اكتشاف أن المغناطيسات المستخدمة في المضخات التوربينية، التي توفرها شركة "هانيويل"، تم الحصول عليها من مصادر صينية، وهو ما دفع هيئة الإنتاج المشتركة لمقاتلات F-35 إلى السعي للحصول على سماح لاستخدام تلك المغناطيسات، والتي بدونها قد يتعرض إنتاج أكثر من 140 هيكلا سنويا لهذه المقاتلات للخطر.
وأوضحت المجلة أن هذه الواقعة عكست جزءًا من صعوبات متنامية أوسع نطاقًا يواجهها الجيش الأمريكي مع سلاسل التوريد الصناعية نتيجة لتقلص الصناعات الدفاعية والمدنية الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة، وهو ما أدى بدوره إلى جعل الواردات الأجنبية، لا سيما من شرق آسيا، لا غنى عنها لبرامج الأسلحة الأمريكية الرئيسية.
ولفتت المجلة إلى أن إنتاج مقاتلات F-35 يعتبر أكبر برنامج أسلحة في العالم والعمود الفقري المستقبلي لحلف شمال الأطلسي وحلفائه، ولذلك فإن اعتماد إنتاجها على مكونات خارجية من الصين يعد بمثابة مثالا صارخا لتوجهات أوسع تؤثر على القطاع الدفاعي في الولايات المتحدة وبرامج صناعة الأسلحة الأمريكية في فترة ما بعد الحرب الباردة.
وذكرت المجلة أنه إلى جانب الصين تحصل الولايات المتحدة على المزيد من الواردات المهمة للغاية للمقاتلة F-35 من تايوان منذ فترة طويلة، والتي تم السماح لها بالبقاء كمورد رئيسي بسبب ريادتها العالمية في صناعات الإلكترونيات وأشباه الموصلات.
ونبهت "ذا ديبلومات" إلى أن هذه الواقعة لا تشمل الاعتماد على الواردات القادمة من الشركات المملوكة للصين وتقع في بلدان صديقة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك لوحات الدوائر الأساسية البريطانية، التي نفت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية لصناعة الأسلحة في البداية أنه يتم توريدها من شركة مملوكة للصين قبل تأكيد ذلك في عام 2019.
فرصة اكتشاف المزيد من الأجزاء الصينية في المقاتلة F-35 في المستقبل ضئيلة، لا سيما وأن الشركات الأمريكية سعت في الماضي إلى إخفاء الأصول الصينية لمنتجاتها لتزويد الجيش الأمريكي باحتياجاته.
لكنها أشارت إلى أن قطع واردات المعادن النادرة من الصين؛ قد يؤدي إلى إعاقة برنامج المقاتلات بشكل خطير، خاصة وأن الصين مسئولة عن أكثر من 85% من العناصر الأرضية النادرة في العالم، ويلزم إنتاج كل طائرة من طراز F-35 ما يقرب من 417 كيلوجراما من تلك المعادن.
وقالت ذا ديبلومات أن إنتاج أسلحة أمريكية بشكل كامل من الصعوبة بمكان لاسيما بعد عولمة سلاسل التوريد التكنولوجي وتراجع الصناعات المدنية الخاصة بالتقنيات المتطورة خلال تسعينيات القرن الماضي تزامنا مع تقليص ميزانية الدفاع الأمريكية.
وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت هناك معارضة واسعة للوائح التي تفرض العودة لتقليل استيراد الأجزاء الأجنبية لصناعة المنتجات العسكرية الأمريكية، ليس فقط لأنه من شأنه زيادة التكاليف بشكل كبير، ولكن لحيلولته دون وصول العديد من التقنيات الأكثر تطورا إلى الولايات المتحدة، ولذلك فإنه مع استمرار تنامي الفجوة بين صناعات التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة وشرق آسيا، خاصة الصين، تصبح هذه الأزمة أكثر خطورة.
التوجهات الصناعية لا تهدد سلاسل التوريد الأمريكية فحسب، لا سيما في زمن الحرب، بل تُميز أيضا المنتجات الدفاعية الصينية نظرا لما تمتلكه من عمليات أوسع للبحث والتطوير، وقاعدة أكبر للصناعات المدنية، وحجم صناعة التقنيات المتطورة التي يمكنها الاستفادة منها.
وحذرت ذا ديبلومات من أن التوجهات الصناعية تنذر بأن قطاع الدفاع الأمريكي لن يواجه فقط صعوبات أكبر في ضمان أن المكونات الأساسية في منتجاته تأتي من جهات ملائمة سياسيًا، ولكن يهدد أيضًا بمعاناة الولايات المتحدة بشكل أكبر لمواكبة تقدم التسلح الصيني، بينما سيستمر تنامي إخفاء وجود أجزاء صينية وشرق آسيوية في الأسلحة الأمريكية؛ نظرا لأن الحصول على تلك الأجزاء محليا من داخل الولايات المتحدة يزداد صعوبة وكلفة، وهي أزمة تتفاقم في ظل حقيقة أنه حتى الموردين الأجانب الودودين قد يصبحوا في المستقبل أقل موثوقية.