عاد الصراع بين روسيا وأوكرانيا إلى صدارة عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية خلال الأيام الأخيرة بعد تطورات تشير، وفقا بعض التقديرات، إلى احتمالات تصعيد خطير فى الحرب الدائرة منذ سبعة أشهر.
وبدأت أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها روسيا، اليوم الجمعة، عمليات استفتاء تمت هندستها من قبل الكرملين، بحسب وكالة أسوشيتدبرس، حول ما إذا كانت تريد أن تصبح جزءا من روسيا، مما يمهد الطريق أمام موسكو لضم تلك المناطق.
وتأتى الاستفتاءات بعدما أمر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بتعبئة عسكرية جزئية، والتى يمكن أن تضيف 300 ألف من القوات الروسية إلى المعارك، وسيستمر التصويت فى الاستفتاءات خمسة أيام حتى يوم الخميس المقبل.
وأوضحت الوكالة أن مسئولى الانتخابات سيحضرون بطاقات الاقتراع حتى منازل المواطنين، ويقيميون مراكز اقتراع متنقلة قرب المناطق السكنية خلال الأيام الأربعة الأولى من الاستفتاءات، وذلك لأسباب أمنية، وفقا للمسئولين الذين عينتهم روسيا فى تلك المناطق. وسيكون يوم الثلاثاء هو الوحيد فقط الذى يتم فيه التصويت فى مراكز اقتراع عادية.
وتم فتح مراكز الاقتراع فى روسيا أيضا، حتى يتسنى للاجئين من تلك المناطق بأن يدلوا بأصواتهم.. ووصف دينس بوشيلين، المسئول عن منطقة دونتستك إن الاستفتاء هو حدث تاريخى. بينما وجه رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين تصريحا عبر الإنترنت لسكان تلك المناطق، قال فيه: إنكم تقررون أن تصبحوا جزءا من الاتحاد الروسى، ونحن ندعمكم.
بينما قالت فالنتينا تيوتينا، رئيس مجلس الاتحاد الروسى ، إن سكان تلك المناطق يصوتون على الموت أو الحياة فى تلك الاستفتاءات.
من جانبه، وصف الرئيس الأوكرانى فولودير زيلينسكى التصويت بأنها استفتاءات العار، فى خطابه للأوكرانيين الذى تحول فيه من الحديث باللغة الأوكرانية إلى الروسية ليخبر المواطنين الروس بأنه يتم الإلقاء بهم إلى الموت، بالتعبئة العسكرية.
لماذا تجرى تلك الاستفتاءات؟
سبق أن أجرى الكرملين استفتاءا من قبل لضم شبه جزيرةا لقرم فى عام 2014، والذى شجبه الفرب باعتباره غير قانونى وغير مشروع، بحسب أسوشيتدبرس. ويوم الثلاثاء الماضى، أعلنت السلطات فى منطقتى لوجانسك وجونتستك الانفصاليتين، والتى تشكلان القلب الصناعى فى شرق أوكرانيا المعروف باسم إقليم دونباسـ إجراء استفتاءات للانضمام إلى روسيا بدءا من الجمعة. ودعا المسئولون فى خيرسون وزابوريجيا، الواقعتان جنوب أوكرانيا والخاضعتان لسيطرة روسيا أيضا، إلى إجراء استفتاء مماثل.
وجاء تلك التطورات بعد أشهر من الإشارات المتضاربة من روسيا والمسئولين الانفصاليين بشأن الاستتفاءات التى عكست تحولات فى ميدان المعركة.
فخلال فصل الصيف، عندما كان الكرملين فى طريقه لتحقيق استحواذ سريع على كل إقليم دونباس، تحدث المسئولون المحليون عن إجراء التصويت فى سبتمبر.
وسيطرت القوات الروسية وقوات الانفصاليين تقريبا على كل منطقة لوجانسك، و60% من منطقة دونتستك. وقد أدى بطء وتيرة هجوم روسيا فى الشرق، وتحرك أوكرانيا لاستعادة مناطق فى خيرسون إلى حديث للمسئولين فى موسكو عن تأجيل التصويت حتى نوفمبر.
لكن خطط الكرملين تغيرت مرة أخرى بعد الهجوم المضاد الأخير الذى شنته أوكرانيا مؤخرا والذى دفع القوات الروسية إلى التراجع عن مناطق واسعة فى منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، وأثار تكهنات بمزيد من المكاسب التى تحققها كييف.
وقال مراقبون، بحسب أسوشيتدبرس، إن الكرملين، ومن خلال التحرك السريع لامتصاص المناطق التى تم السيطرة عليها لتصبح جزءا من روسيا، يأمل أن يجبر أوكرانيا على وقف هجومها المضاد وقبول سيطرة روسيا الحالية على المناطق المذكورة وإلا مواجهة انتقام مدمر.
ماذا يحدث فى المناطق التى تجرى التصويت؟
طالما سعى الموالون لروسيا الذي سيطروا على مناطق واسعة فى دونباس منذ عام 2014 إلى الانضمام إلى روسيا، وكانت منطقتى دونتستك ولوجانسك قد أعلنتا انفصالهما عن أوكرانيا بعد أسابيع من ضم القرم ، مما أدى إلى ثمانية سنوات من الصراع، استغلها الرئيس الروسى لشن الغزو فى فبراير الماضى لحماية مواطنى المنطقتين.
وبعد سيطرة القوات الروسية على منطقة خيرسون وجزء من زابرويجيا، سلمت السلطات المعينة من قبل روسيا المواطنين جوازت سفر روسية، والروبل، وأدخلت الروبل، وأصدرت لوحات ترخيص روسية لتمهيد الطريق لإدماجها فى روسيا.
ونشرت شبكة سكاى معلومات عن المناطق التى يجرى فيها الاستفتاء، أشارت فيها إلى أن مساحة الأراضى الأوكرانية التى تسيطر عليها روسيا تبلغ 100 ألف كيلومتر مربع، تشكل حوالى 20% من مساحة البلاد، ويترواح عدد سكانها ما بين 5 إلى مليون نسمة، بما يعادل 15% من إجمالى عدد السكان.