يعاني أمازيغ ليبيا خلال العقود الأخيرة من التهميش السياسي وعدم الالتفات إلى شواغلهم التي تتعلق بحقوقهم التاريخية والثقافية، ويبذل الأمازيغ جهود مضنية للحفاظ على هويتهم وثقافتهم الأصلية من الاندثار عبر إحياء العادات والتقاليد وتمسك بعضهم بالحديث باللغة الأمازيغية.
أكد الناشط الحقوقي الليبى سيفاو تواوة أن الأمازيغ في ليبيا ينقسمون لقسمين منهم الناطقين باللغة الأمازيغية والقسم الآخر يتحدث العربية، ويتركز الناطقون بالأمازيغية في جبل نفوسة بأقصى الغرب الليبي والمنطقة الوسطى والساحل الغربي، مشيرا إلى أن الأمازيغ عانوا من الظلم خلال العقود الماضية في الجانب الثقافي والهوية والجانب اللغوي، حيث حاربهم النظام السابق بكل الوسائل.
ولفت "تواوة" في تصريحات خاصة لـ"انفراد" إلى أن الأمازيغ لديهم رؤية حقيقية لبناء الدولة الوطنية الحاضنة للتنوع الثقافي واللغوي، موضحا أن أبرز الأمور التي تهم الأمازيغ هو المسار الدستوري باعتباره يمثل الأرضية الأساسية للانتخابات، مشيرا لمقاطعة الامازيغ لانتخاب الهيئة التأسيسية لكتابة مشروع الدستور عام 2014 على خلفية الإعلان الدستوري المؤقت والذي ينظم تكوين الهيئة التأسيسية، مؤكدا تمسك جزء من الأمازيغ بالتفاوض للوصول لتوافق دستوري وآخر يرفض التفاوض حول مسودة مشروع الدستور ويتمسك بمشاركة الأمازيغ في صياغة مواد.
وأوضح أن الأمازيغ يطالبون بالتنوع الثقافي واللغوي وأن تكون الأمازيغية لغة رسمية بجانب اللغات الأخرى وضمان حقهم في تمثيل عادل بالمؤسسات التشريعية أو الدستورية كمجلسي النواب والشيوخ، لافتا إلى أن الأمازيغ في ليبيا تولد لديهم شعور خلال السنوات الماضية بعدم الثقة في الدولة لكن خلال الأشهر الأخيرة بدأت تتحسن وتتغير بعد اصدار القانون رقم 18 القاضي بتعليم الأمازيغية في المناطق الناطقة به، واتجاه الدولة لتبني خطاب الهوية الوطنية الجامعة الحاضنة للتنوع الثقافي واللغوي.
بدوره، أوضح رئيس حزب ليبيا الأزمة "ليبو" فتحي بن خليفة أن أبرز الإشكاليات التي تواجه أمازيغ ليبيا، هي نفسها التي يواجهها الوطنيين الليبيين المؤمنين بالدولة المدنية الديمقراطية، معربا عن أسفه مما وصفه بـ"عقلية الانغلاق ورفض التنوع وقبول الآخر."، مضيفا "الأمازيغ ضحايا من يتقاسم معهم الوطن والأرض والمصير ولكنهم يعادون حقوقهم في الوجود والحضور الوطني من منطلق الحق في المواطنة والمساواة في الحقوق كما الواجبات."
ولفت "بن خليفة" في تصريحات لـ"انفراد" إلى أن الإشكال الأعظم الذي يعاني منه الأمازيغ في شمال افريقيا وليس في ليبيا فقط عقلية "التعصب القومجي" و "التشدد الديني" بكل أشكالهما، مؤكدا أن الأمازيغ هم المكون الوحيد في ليبيا الذي يرفض مشروع الدستور منذ الشروع في كتابته احتجاجا على آلية توزيع المقاعد الانتخابية، وآليات التصويت وغيرها.
وأوضح أن أمازيغ ليبيا يرون أن مأساة الدولة تبدأ من خلال ذلك الخلل في الاستحقاقين الدستوري والبرلماني، وتعففوا في أن يكونوا معول هدم وتشتيت حلم بناء ليبيا الوطن كما يجب أن يكون، منتقدا تجاهل المكونات المحلية والأطراف الدولية لرؤية الأمازيغ، مضيفا "تم إقصائنا من جميع الجولات والملتقيات واللقاءات على مدى سنوات وإلى اليوم ومع ذلك لم يحققوا سوى التردي والانحدار...الأوطان المستقرة المزدهرة لا تبنى على أفكار المحاصة وتقاسم الغنائم.. الأوطان ملك مشترك ومسؤوليات جماعية، هذا ما نؤمن به."
وأكد أن الأمازيغ لا يعنيهم من يتولى السلطة، بقدر ما يعنيهم شكل السلطة وركائزها الديمقراطية ومسؤوليات الدولة، مشيرا إلى أنهم قادرون على الحصول على حقوقهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، مشددا على ضرورة أن تكون ليبيا لجميع المواطنين بالعدل والمساواة والتوافق، وأضاف قائلا "عندما شرعوا بالمسار الدستوري والتشريعي لرسم ليبيا كما يريدها القوميين والمتأسلمين قاطعناهم بشكل كامل وشعارنا "لن نعترف بمن لا يعترف بنا".