شن صندوق النقد الدولي هجومًا لاذعًا على خطط الحكومة البريطانية لخفض الضرائب ودعا رئيسة الوزراء ليز تراس لإعادة النظر فيها لمنع إذكاء عدم المساواة.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن الصندوق الذى يتخذ من واشنطن مقراً له قال فى انتقاد علنى نادر لاقتصاد عالمي رائد، إن الميزانية المصغرة لوزير المالية، كواسى كوارتنج تخاطر بتقويض جهود بنك إنجلترا لمعالجة التضخم المتفشى وسط تكاليف المعيشة المرتفعة.
وقالت إن البيان الذي يخطط له كوارتنج في 23 نوفمبر المقبل يقدم "فرصة لحكومة المملكة المتحدة للنظر في طرق تقديم الدعم للأكثر استهدافًا وإعادة تقييم الإجراءات الضريبية، خاصة تلك التي تفيد أصحاب الدخل المرتفع".
وكانت ذكرت وزارة الخزانة البريطانية ردًا على بيان النقد الدولى، أن ميزانية نوفمبر "ستحدد مزيدًا من التفاصيل حول القواعد المالية للحكومة، بما فى ذلك ضمان انخفاض الدين كحصة من الناتج المحلى الإجمالى على المدى المتوسط". وأضافت أن الحكومة تصرفت "بسرعة لحماية المنازل والشركات خلال هذا الشتاء والشتاء القادم".
ويأتى التوبيخ وسط رد فعل دولى متزايد على التخفيضات الضريبية غير الممولة من قبل المستشار والتى تبلغ 45 مليار جنيه إسترلينى، حيث تدخل صندوق النقد الدولى سريعًا وتلاه انتقادات حادة من وكالة التصنيف الائتمانى موديز فى وقت متأخر من يوم الثلاثاء. وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، أن الولايات المتحدة "تراقب التطورات عن كثب" فى المملكة المتحدة.
وباعتبارها واحدة من أكثر جهات التحكيم تأثيرًا فى الأسواق المالية العالمية، والتى تقيِّم الجدارة الائتمانية للحكومات والشركات نيابة عن كبار المستثمرين، قالت موديز أن "التخفيضات الضريبية الكبيرة غير الممولة فى المملكة المتحدة سلبية الائتمان".
وأوضحت "صدمة الثقة المستمرة الناشئة عن مخاوف السوق بشأن مصداقية الاستراتيجية المالية للحكومة والتى أدت إلى ارتفاع تكاليف التمويل من الناحية الهيكلية يمكن أن تضعف بشكل دائم قدرة المملكة المتحدة على تحمل الديون."
ويعتبر تدخل صندوق النقد الدولى نادرًا نظرًا لتأثير المملكة المتحدة فى الاقتصاد العالمى، وكواحدة من أكبر المساهمين فى المنظمة.
وقال لارى سمرز، وزير الخزانة الأمريكى السابق، أن مثل هذا التحذير من صندوق النقد الدولى عادة ما يكون أكثر شيوعًا لاقتصاد من الأسواق الناشئة وليس بلد مثل بريطانيا. وقال لـ"بى بى سي": "ما زلنا فى وقت مبكر ويمكن أن تتغير الأشياء"، موضحا أنه فوجئ بأن صندوق النقد الدولى لم يصدر تحذير منذ الإعلان عن الميزانية المصغرة يوم الجمعة.
وحذر صندوق النقد الدولى باستمرار الدول من تجنب عمليات الإنقاذ الشاملة استجابة لصدمة أسعار الطاقة. وجادل بأنه يجب حماية الأسر الأكثر فقرًا فقط من ارتفاع فواتير الطاقة والتكاليف الإضافية من ارتفاع التضخم للحد من التأثير على الاقتراض العام.
وفى أول خطوة بعد أيام قليلة من إعلان كوارتنج عن ميزانيته المصغرة، وبعد انخفاض الجنيه الإسترلينى إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكى، قالت المؤسسة إنها "تراقب عن كثب التطورات الاقتصادية الأخيرة فى المملكة المتحدة".
وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي: "نظرًا لضغوط التضخم المرتفعة فى العديد من البلدان، بما فى ذلك المملكة المتحدة، فإننا لا نوصى بحزم مالية كبيرة وغير مستهدفة فى هذه المرحلة، حيث إنه من المهم ألا تعمل السياسة المالية فى أغراض تتعارض مع السياسة النقدية".
وقال مدير المجلس الاقتصادى الوطنى فى البيت الأبيض بريان ديس، فى حدث استضافه النادى الاقتصادى بواشنطن، إنه "لم يتفاجأ" برد الفعل على الخطة المالية البريطانية، مضيفًا أنها تضع البنك المركزى فى المملكة المتحدة فى وضع قد يدفعه إلى التحرك بشكل أكثر إحكامًا".