أثير خلال الأيام الماضية، جدل واسع عندما أخرج المعرض العام للفنون التشكيلية، بيانا بسحب عملين من الأعمال المشاركة فى الدورة الـ43 والمنعقدة حاليًا بقصر الفنون، وذلك لاقتباسهما من فنانين آخرين.
وأوضح البيان، أن الأعمال التى تم استبعادهما هما عمل خزفى للفنان محمد فتحى حمزة، حيث ثبت للجنة المعرض العام أنه تم اقتباسه من عمل للنحات محمد ثابت، كما تم استبعاد عمل للفنان عصام الدين طه، حيث قام باقتباسه من أحد الفنانين الإيطاليين، وقال الفنان محمد ثابت عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، تمت سرقة عمل نحتى خاص بى تمثال ديك من مرسمى، وتم عرضه بالمعرض العام رقم 43، والذى افتتحتة الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة يوم 5 سبتمبر 2022، باسم فنان آخر، يدعى محمد فتحى حمزة، وللأسف، فى مجال الخزف، وهو مصنوع من خامة البوليستر، صورة التمثال باللون الأحمر هو الأصل، واللون الأسود هو التمثال المعروض بالمعرض بعد إضافات عليه وتغيير لونه للتضليل، وجارى اتخاذ الإجراءات القانونية.
وكان الفنان محمد فتحى حمزة قد تقدم بطلب للجنة الفرز لاستبعاد عمله من المعرض العام الذى اتضح أنه يتشابه مع عمل الفنان محمد ثابت، وأضاف بأنه لم يكن يعلم بهذا الأمر ومن ثم تقدم بالاعتذار للجميع، كما قررت اللجنة عدم تضمين العمليين بكتالوج الدورة الثالثة والأربعين للمعرض العام.
ومن هنا يأتي السؤال: هل الأعمال مقتبسبة أم مسروقة؟ لذا قمنا بالتواصل مع عدد من الفنانين التشكيليين الذين أوضحوا لنا الفرق بين الاقتباس والسرقة؟ وهل من الممكن أن يحدث توارد أفكار للعمل أم لا؟ وهل سبق للفنانين الكبار أمثال محمود سعيد وعبد الهادى الجزار الاقتباس أيضا أم لا؟.
قال الفنان محمد عبلة، إن اقتباس عمل فنى شىء وسرقته شىء آخر وأن الفنان يسير على منوال فنان كبير شىء ثالث، ولابد من التفرقة بين الثلاثة.
وأوضح محمد عبلة، فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، أن الاقتباس أو السير على منوال فنان كبير مسموح به إذا كان الفنان ذكر اسم العمل الأصلى مع عمله الجديد، وقام بإضافة تفاصيل جديدة عليه، أما السرقة فهى تقليد أعمى للعمل الفنى.
وأشار محمد عبلة، إلى أن الفنان الذى يسرق عملا لابد من معاقبته بسحب عمله من العرض، إضافة إلى شطب اسمه من المشاركة فى كتالوج المعرض، وأيضا شطب اسمه من نقابة الفنانين التشكيليين ليكون عبره لغيره ويمنع من تقديم أى أعمال فنيه له.
وتابع محمد عبلة، أن فكرة تقارب الأفكار شىء صعب جدا فى الفن التشكيلى بمعنى أن كل فنان له بصمته الخاصة والمميزة عن غيره، فالكثير منا يرسم امراة لكن كل صورة مختلفة عن الأخرى لذلك من الصعب أن تجد صورة المرأة مكررة بنفس الشكل عند كل فنان.
وأكد محمد عبلة، أن الفنان العالمى بيكاسو رسم بعض من لوحاته اقتباس من فنانين كبار وقام بذكر أسمائهم أثناء الانتهاء من لوحته الفنية، لأن هذا جزء من دراسته وجزء من الشفافية، مضيفا أنه شخصيا قام باقتباس روح إحدى لوحات الفنان عبد الهادى الجزار لأنه جزء من دراسته الفنية.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور أشرف رضا، رئيس مؤسسة اراك للفنون، أن لفظ السرقة مسمى خاطئ، ولكن الأصح أن الفكرة اتسرقت، أو أن العمل الفنى مقلد أو مقتبس.
وأوضح أشرف رضا، أن إجراءات قطاع الفنون التشكيلية، المخول لها وفقا للقانون هو سحب العمل بالفعل وشطبه من كتالوج المعرض، مضيفا أن من المفترض أن تقوم نقابة الفنانين التشكيليين بمعاقبة الفنان المقتبس بشطب عضويته أيضا مثلما يحدث فى العديد من الدول الأجنبية.
وتابع أشرف رضا، أما بالنسبة إلى أن توارد الأفكار، وارد لكن بشرط أن العمل الفنى يخرج بشكل مختلف، على سبيل المثال العديد من الفنانين يرسمون الزهرة وكل واحد يقوم بإخراجها بصورة مختلفة عن الأخرى، لكن واقعة المعرض العام الفنان مقتبس بنفس النسبة والتناسب فهذا دليل واضح على تقليد العمل من الفنان الأصلى.
وتابع أشرف رضا، أن فكرة الاقتباس موجودة ولكن لم يقم بها الفنان محمود سعيد حيث إنه عمل قاضيا وكان ابن رئيس وزراء، أحب الرسم من سفره إلى إيطاليا وكان يدرس الفن من خلال مراسم الفنانين الإيطاليين، ولكن رغم تأثره بأسلوبهم إلا أن لوحاته الفنية لم تعبر عن أعمالهم بل بالعكس أحب الروح المصرية وقام بإتقان البيئة المصرية وخاصة الإسكندرية برع فى رسم فلاحات، ومن هنا لقب بفنان الشعب.
ومن جانبه قال الفنان حلمى التونى، إن واقعة المعرض العام، تمثل سرقة وليس اقتباسا، لأنها مطابقة للأصل وليس بها اختلاف.
وأوضح حلمى التونى، أن الاقتباس تكون فيه تحية لصاحب العمل الأصلى إذا افترضنا النية الحسنة وأن العمل ليس مسروقا وإذا لم يتوافر هذا الشرط المهم يكون العمل مسروقا.
وتابع حلمى التونى، أنه لابد من عدم إلقاء الذنب الكامل على لجنة تحكيم المعرض العام لأنه ليس من الطبيعى أنها تلم بجميع الأعمال الفنية إلا إذا كان العمل وصاحبة مشهورين.
وأشار حلمى التونى، إلى أن نسبة توارد الأفكار، شئ صعب للغاية فالكثير من الفنانين رسموا الفلاحة المصريةـ لكن كل واحد منهم لديه طريقته الخاصة وبصمته المختلفة عن غيره، وكان الفنان محمود سعيد يرسم من قبل لوحة الجميلات الثلاثة والتى كانت تيمه لوحات عديدة ولكنه اخرجها بصورة جديدة.
وأضاف حلمى التونى، أن الفنانين الكبار أمثال محمود سعيد وعبد الهادى الجزار لم يقوموا باقتباس أعمال فنية لأنهم أثرياء فنيا على عكس الشباب فبعض منهم مفلس فنيا.