المحكمة تقرر صرف إعانة لأسرة تلميذ معاق لوفاته بالسكتة القلبية لطول المسافة التى يمشيها من المنزل إلى المدرسة
أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، إعفاء المعاقين من تحمل رسوم الاشتراك فى نظام التأمين على الطلاب ضد الحوادث.
كما ألزمت المحكمة وزير التعليم بصرف 20 ألف جنيه إعانة فى حالة وفاة الطالب نتيجة الحوادث، و10 آلاف جنيه للوفاة الطبيعية، وذلك طبقا للقانون وللقرارات الوزارية فى هذا الشأن.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد فتحى، وخالد شحاته، نائبى رئيس مجلس الدولة، بإلزام وزير التربية والتعليم بأن يؤدى إلى الورثة الشرعيين للطفل "أحمد مصطفى السيد" من ذوى الاحتياجات الخاصة إعانة اجتماعية مقدارها 10 آلاف جنيه، تعويضاً لهم عن وفاته، عقب عودته من مدرسته إلى منزله نظراً لطول المسافة التى يمشيها، وذلك تطبيقا لقرار وزير التربية والتعليم رقم 224 لسنة 2015، وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن المشرع الدستورى ألزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام صحياً واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليمياً، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، وأنه يتعين على الأسوياء الاتصال والترابط بغيرهم، ليكون بعضهم لبعض ظهيراً، فتتضافر جهودهم لتكون للجميع فى النهاية الفرص ذاتها، ودون إخلال بالحماية التى ينبغى أن يلوذ بها ضعفاؤهم ليجدوا فى كنفها الأمن والاستقرار، ومن ثم فإن التأمين على الطلاب ضد الحوادث يعتبر صورة من صور التضامن لحمايتهم وتأمينهم ضد أخطار الحوادث، فيكون مبلغ التأمين سنداً وعوناً لهم على تكاليف وأعباء العلاج أو سنداً ولو ضئيلاً لأسرة المتوفى تخليدا لذكراه.
وذكرت المحكمة أن إعفاء الطلبة المعاقين أصحاب الاحتياجات الخاصة من تحمل رسوم الاشتراك فى نظام التأمين على الطلاب ضد الحوادث تمليه دساتير العالم، آخذاً فى الاعتبار احتياجاتهم الخاصة وعجزهم وحقهم فى الحصول على الرعاية الاجتماعية والصحية اللازمة، تأكيداً على حقهم فى الحياة اللائقة بحسبان أن مكانة الوطن وقوته ينافيها الإخلال بقدر الفرد ودوره فى تشكيل بنيانه حتى ولو به عوار فى قدرته البدينة أو العقلية بسبب قصور خلقى أو غير خلقى.
ولذلك فإن تضافر جهود المجتمع والدولة لدعم هؤلاء هو أمر أكثر لزوماً لهم من غيرهم، إعمالاً لمبدأ التكافؤ فى الفرص بينهم وبين أقرانهم الأصحاء.
وأضافت المحكمة فى حيثياتها أنه طبقا لقرار وزير التربية والتعليم رقم 224 لسنة 2015 بشأن نظام التأمين على الطلبة ضد الحوادث المعدل بقراره رقم 228 لسنة 2015، تسرى أحكامه على الطلاب الذين سددوا الاشتراكات المقررة للتأمين من الفئات الآتية: طلاب المدارس الرسمية بمراحل التعليم الأساسى والثانوى العام، وطلاب المدارس الثانوية الفنية نظام الثلاث سنوات والخمس سنوات، وطلاب المدارس الخاصة بمصروفات (عربي ولغات)، والمدارس الدولية من مختلف المراحل والنوعيات، وأطفال الحضانة الملتحقون بمدارس التعليم الأساسى الرسمية والخاصة، ويعفى من سداد الاشتراكات طلاب مدراس التربية الخاصة، ومدارس الفصل الواحد، ومدارس المجتمع، والمدارس الصديقة للفتيات، والمدارس الصديقة للأطفال فى ظروف صعبة، والمتحررين من الأمية الملتحقين بالمدارس، وكذلك المعاقين، ويستحق التأمين فى الحالات الآتية الوفاة والعجز الكلى المستديم والعجز الجزئى المستديم.
وأشارت المحكمة إلى أن المشرع اشترط عدة شروط لصرف الإعانة الاجتماعية تتمثل فى أن تكون الوفاة أو العجز نتيجة حادث وقع أثناء التواجد فى المدرسة، أو أثناء الرحلات والمعسكرات المدرسية التى تنظمها المدرسة، تحت إشرافها، أو بسبب ممارسة أوجه النشاط العلمى أو الرياضى، ويعتبر فى حكم ذلك كل حادث يقع للطالب المؤمن عليه خلال ذهابه إلى المدرسة أو إلى مكان ممارسة النشاط أو عودته.
ويشترط أن يكون الذهاب والعودة دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى، والحادث هو الواقعة ذات الأصل الخارجى الناشئ عن سبب خارجى، وإذا إذا نشأ عن الحادث وفاة أو عجز كلى مستديم يصرف مبلغ التأمين بالكامل 20 ألف جنيه للورثة الشرعيين، وأجاز فى حالة وجود فائض مالى فى حساب النظام صرف إعانات اجتماعية لأسر الطلبة التى تقع لهم حوادث أو متوفين وفاة طبيعية، ولا ينطبق عليهم شرط من شروط التأمين، وذلك بعد تحرى الظروف الاجتماعية للأسر، بحيث لا تتجاوز قيمة الإعانة نصف قيمة التأمين فى حالة الوفاة.
واختتمت المحكمة حكمها، أن وزارة التربية والتعليم ذاتها أجرت بحثاً للحالة الاجتماعية لأسرة الطالب المذكور انتهت إلى أن الأسرة مكونة من الأب والأم وأربع أخوة للطالب المتوفى، وأن الأب هو العائل لأسرته الكبيرة بدخل شهرى لا يجاوز 460 جنيهاً، بينما تبلغ جملة مصاريف الأسرة الأساسية من إيجار السكن ومقابل استهلاك مرافق المياه والكهرباء ومصروفات أخرى 650 جنيهاً، وأثبتت كذلك فى التقرير المشار إليه أن مرض الطالب المتوفى كبَّد الأسرة مصاريف كثيرة، وأن دخل الأسرة من معاش الأب لا يكفى احتياجاتهم المعيشية، خاصة وأن الأم ربة منزل ولا تعمل، والأبناء المشار إليهم بمراحل التعليم المختلفة، وبحاجة إلى مصروفات للمأكل والملبس والتعليم.
ومن ثم يكون التقرير المشار إليه قد كشف عن حالة الفقر والعوز التى تعيش فيها أسرة والد التلميذ، خاصة مع وجود فرد فيها بحاجة إلى رعاية خاصة بسبب إعاقته، وقد توفاه الله مما كان ينبغى معه على وزارة التعليم ألا تطيل الانتظار من وقت حدوث الوفاة، وأن تظل أسيرة للسلبية لحين لجوء أهله للقضاء لتقرر صرف الإعانة الاجتماعية لأسرته الذين كابدوا فى حياته لعلاجه، رغم ضيق ذات اليد وعانوا مرارة فراقه بعد وفاته وهو فى مقتبل العمر، والمحكمة تقضى للورثة بمبلغ 10 آلاف جنيه إعانة اجتماعية وهو الحد الأقصى وفقا لقرار وزير التربية والتعليم.