انتهت زراعة القطن المصرى هذا الموسم بانخفاض كبير. فوفقا لتقارير وزارة الزراعة، بشأن زراعة القطن الموسم الصيفى الحالى بلغ إجمالى ما تمت زراعته قطن 131 ألف فدان بمختلف المحافظات التى تزرع المحصول بنسبة انخفاض عن العام تقترب من 47 %، حيث أن إجمالى ما تم زرعه العام الماضى يبلغ 247 ألف فدان، وذلك مع انتهاء الزراعة فى مختلف المحافظات التى تزرع المحصول.
حصيلة الزراعات تصل لنحو 800 ألف قنطار فقط فى حين يحتاج السوق المحلى لما يتراوح من 6 إلى 8 ملايين قنطار سنويا، مما يفرض تساؤلا حول تقلص مساحة الزراعة رغم الحاجة للقطن سواء للمصانع المحلية أو للتصدير، وأيضا مدى خسارة الاقتصاد لما يقرب من 700 مليون دولار القيمة المبدئية للاستيراد؟
ومن خلال قراءة المشهد كاملا يتضح أن زراعة القطن ارتبطت بالعديد من الأزمات المفتعلة ،ومنها معاناه المزارعين فى التسويق وصعوبة الحصول على الدعم من الحكومة مما أدى إلى أن قطن الموسم قبل الماضى لم يستفد منه إلا التجار.
كما ترك مشاكل كثيرة دعت المزارعين إلى اللجوء الزراعات بديلة أكثر ربحا،والنتيجة أن زراعات القطن تراجعت إلى نحو 247 ألف فدان فقط.
زاد الطين بلة أن الشركات العاملة فى مصر تفضل الأقطان المستوردة أرخص سعرها ف. المقام الأول مقارنة بسعر القطن كان سعر القنطار المستورد يصل ل 700 جنيها مقابل 950 جنيها للمصرى،وبالتالى لم.تطلب شركات القطن والغزل والنسيج من وزارة الزراعة زيادة المساحات ما أدى تراجعها إلى 131 ألف فدان فقط وهو أمر يترتب عليه انتهاء أسطورة القطن المصرى نهائيا.
ومن عوامل تراجع زراعة القطن أيضا إرتفاع أسعار الأرز إلى 9 جنيهات للكيلو ما وجه المزارعين للتوسع فى زراعته رغم ندرة المياه والغرامات الباهظة.
المشهد أصبح ملبدا بالغيوم فشركات الغزل تصرخ لقلة الزراعة، والزراعة تحمل القابضة للقطن والغزل والنسيج المسؤلية والفلاح يحتاج إلى محاصيل ربحية بدون مشاكل، والنتيجة خسارة مصر لعرش القطن وتراجع الزراعات من 2 مليون فدان إلى 131 ألف فدان مما يضرب القطن المصرى فى سوق التصدير تماما.
لماذا؟
لأن كمية القطن المتوقع إنتاجها 800 ألف قنطار سيتم استهلاكها كلها محليا، مما يحول دون التصدير، أيضا فالشركات ستحرص عليها لارتفاع سعر القطن المستورد إلى 850 جنيها للقنطار ، مما يساوى سعره بالسعر المحلى.
والسياق الطبيعى للمشهد ان العام المقبل سيكون صعبا على الشركات المحلية التى ستحتاج لما يتراوح من 6 إلى 8 ملايين قنطار من القطن المستورد، بقيمة تصل لنحو 700 مليون دولار.
والسؤال من سيوفر هذه المبالغ بالعملة الصعبة للشركات فى ظل الأزمة الاقتصادية وضعف صادرات الشركات للخارج؟
لا شك أن العام سيكون شديد الصعوبة لأن المبلغ كبير خاصة أن الشركات تحتاج أيضا لاستيراد مواد خام أخرى مثل البوليستر والأصباغ وغيرها، مما سيكبدها خسائر كبيرة ومعاناة أكبر لتوفير المادة الخام والترتيب المنطقى هو توقع إغلاق عشرات المصانع العامة والخاصة عن العمل لعدم توفير الأقطان فى حال استمرار الأزمة الدولارية.
وما الحل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
الحل أن تبدأ الشركات فورا توسيع نطاق عملائها فى الخارج وإبرام عقود تصديرية كبيرة توفر جانبا من الدولارات،وهذا يرتبط بضرورة تجويد الإنتاج وفق أحدث الموضات العالمية مع منح المنتج قدرة تنافسية فى الخارج.
الأمر الثانى ضرورة طرح المشكلة على طاولة الحكومة للبدء فى إيجاد آليات لمواجهة الأزمة قبل أن تقع حتى يمكن التصرف حيالها.
الأمر الثالث ضرورة وضع إستراتيجية للقطن لإعادته لسابق أمجاده مجددا وتشمل كل عناصر الصناعة من توفير البذور حتى التسويق ،بما يعيد للقطن عرشه مع تجربة زراعة القطن وقصر ومتوسطة التيلة لتوفيره بدلا من استيراده.
الأمر الرابع السعى لحلول لأزمة الدولار ،وتوفيره للشركات للاستيراد حتى لا تتعرض للإغلاق وتسرح العمال، أو تمنحهم إجازات مفتوحة، وهو ما سيؤدى لمشاكل عمالية ومظاهرات واحتجاجات فئوية.