أعلنت وزارة التعليم العالى فى 27 أبريل الماضى إغلاق 40 كياناً وهمياً فى إطار قيام لجنة الضبطية القضائية بوزارة التعليم العالى بمداهمة عدد من المنشآت والكيانات التعليمية الوهمية بالمحافظات، ومنها أكاديمية 6 أكتوبر للبترول والحاسب الآلى، إلا أن الواقع كشف عن أن هذا الأكاديمية مازلت موجودة وتمارس عملها، وذلك وفقًا لأحاديث طلاب سابقين وحاليين بها.
5 سنوات هى عمر الأكاديمية التى تعدد خريجوها من بينهم محمد مصطفى 26 عامًا، أحد أبناء أول دفعة تخرجت فيها، والذى يعمل حاليًا فنى فى محطة مياه بالعين السخنة، ويقول عن التحاقه بالأكاديمية: "أثناء أدائى لفترة التجنيد التحقت بها بعد أن عرفت أنه يجوز التقديم فيها سواء حاصل على ثانوية عامة أو دبلوم صنايع"، مضيفًا: "دفعت مقابل الالتحاق بها 2000 جنيه فى العام على أقساط خلال العامين".
وتابع خريج أكاديمية 6 أكتوبر حديثه: "على مدار العامين تلقينا دراسة كانت مفيدة إلى حد ما، لكن كانت هناك وعود بتسجيل المؤهل فى البطاقة الشخصية، وهو ما لم يحدث، فلم أتمكن من تسجيله نظرًا لأن شهادتى غير مقيدة أساسًا، إضافة إلى ذلك كانت هناك وعود أيضًا بتوفير فرص عمل فى دول خارجية، واكتشفنا بعدها أن الموضوع لا يتعدى حدود الدعاية".
وأشار محمد مصطفى إلى أن التدريبات المقدمة من الأكاديمية كانت مقابل مبلغ من المال، قائلا: "توجهنا لخوض تدريب من قبل فى الإسكندرية، بالاتفاق مع أحد الشركات ودفعنا فى فترة أسبوع 500 جنيه"، مضيفًا:"عميد الكلية كان يتحدث عن أن الاكاديمية تتبع كلية كامبريدج فى بريطانيا، وهو ما كان مدونًا على الكارنيهات التى كانت معنا".
وأكد فنى محطة المياه أنه يتمنى استرجاع المبالغ المالية التى دفعها أو اعتماد تلك الأكاديمية للخروج من هذا المأزق، خاصة أنه لم يستفد منها فى شيء، مستدركًا: إن لم يحدث هذا فإنه استعوض الله، ويتمنى ألا يقع طلاب آخرون فى الفخ ذاته.
تجاهل التحذيرات
الأسباب السابقه دفعت مصطفى لتحذير الطلاب عبر صفحة الأكاديمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك " من الالتحاق بها، لكن تحذيراته أو حتى بيانات وزارة التعليم العالى لم تلق اهتمامًا كبيرًا من الطلاب بالأكاديمية.
منتصر عبد الفتاح طالب بالأكاديمية، أكد أنه سيستمر فى الدراسة بهذا الكيان التعليمى، رغم الأنباء المتداولة عن عدم اعتمادها، مؤكدًا أنه اطمأن من عميد الكلية، وكذلك عدد من أقاربه بأنها موثقة، وسيحصل على شهادة معتمدة فى النهاية، يمكن تدوينها فى بطاقة الرقم القومى، مشيرًا إلى أن أحد البوابات الإلكترونية المحلية كذبت الخبر فى اليوم التالى، وهذا دليل صدق على ما يقوله عميد الأكاديمية.
زياد محمد 22 عاما حاصل على دبلوم صنايع تقدم للالتحاق بالأكاديمية منذ عام، مقابل ألفى جنيه سنويًا، يقول: "تدور الأحاديث منذ فترة عن كون الأكاديمية غير معتمدة، وفى كل مرة نسأل العميد يؤكد أنها معتمدة وسوف تقيد فى البطاقة، باعتبارها مؤهل فوق متوسط، مضيفًا:" أنه لا يزال لا يدرك حقيقة الأمر حتى الآن".
وأضاف، أنه بعد قضاء عام كامل دفع فيه المصاريف وشراء الملازم، لا يمكنه الرجوع عن الالتحاق بالأكاديمية، خاصة أنهم حاليًا فى فترة إجازة نهاية العام، وينتظر فى النهاية ماذا ستُسفر عنه الأمور؟.
فيما جاء رد الدكتور محمد أبو ضيف، عميد أكاديمية 6 أكتوبر للحاسب الآلى فى تصريحات لـ"انفراد"، أن الأكاديمية غير تابعة لوزارة التعليم العالى، لكنها موثقة كجهة تتبع جامعة كامبريدج فى بريطانيا، تمنح دورات فى مجالات محددة.
وأشار عميد الأكاديمية إلى أنه يتولى الإشراف على فرع الأكاديمية فى سوهاج، بينما الفرع الرئيسى فى القاهرة، مؤكدًا أن مسألة إضافة المؤهل إلى بطاقة الرقم القومى يتولى المسئولون فى الفرع الرئيسى هذه العملية، وليس لديه فكرة كاملة عن هذا الأمر، نافيا أن تعامل معاملة المؤهل فوق المتوسط.
آلية العمل
اللافت للنظر فى قضية كيانات التعليم الوهمية أنها تنتشر فى كافة محافظات مصر تقريبًا، ولعل السبب وراء ذلك الانتشار وفقًا للدكتور كمال مغيث الخبير التعليمى، هو ارتفاع عدد الناجحين بشكل غير مسبوق فى شهادة الثانوية كل عام، قائلا:" يؤدى حاليًا 498 ألف طالب تقريبًا امتحانات الثانوية العامة، ومن المرجح أن ينجح منهم 400 ألف، و فعليا لن تستطع أن تستقبل الكليات فى الجامعات الحكومية سوى 100 ألف، وبناء عليه فإن النسبة المتبقية ستلجأ للأكاديميات والمعاهد العليا، لإكمال مسيرتهم التعليمية، وهنا تظهر أزمة ظهور الكيانات الوهمية التى تستقطب هؤلاء الطلاب".
وأضاف الخبير التعليمى أن العامل الثانى يتمثل فى فساد بعض رجال الأعمال الذين ينشئون تلك الكيانات الوهمية بأقل التكاليف، ويستقطبون الطلاب للحصول على أموال مقابل خدمة تعليمية وهمية، مضيفًا أن الفساد قد يكون مشتركًا فيه عدد من موظفين الوزارة الذين يسهلون عمليات إنشاء تلك الكيانات من خلال عدم تشديد إجراءاتهم، والتهاون فى اجتثاث تلك الكيانات قبل أن تحصل على أموال الطلاب.
وأشار مغيث إلى أن الطلاب بعد قيامهم بدفع المصاريف والانتظام لفترة فى العملية التعليمية، يجدون أنفسهم أمام أمرين كلاهما مر، وهما ترك الكيان التعليمى وعدم استرداد المبالغ المدفوعة، أو الاستمرار للحصول على شهادة لن تُفيد فى أى شىء.
وأوضح الخبير التعليمى أن تلك الكيانات تستخدم مواقع التواصل بشكل كبير لاستقطاب الطلاب من خلال عمل دعاية لتعديد مزايا الانضمام لتلك الأكاديميات والمعاهد سواء قيام زمالة أو توأمة مع جامعات وأكاديميات فى أوروبا والولايات المتحدة أو توفير فرص عمل، مؤكدًا أنهم يستغلون عدم وجود أى رقابة على تلك المواقع.
وشدد الخبير التعليمى على أن وزارة التعليم العالى يجب عليها الإكثار من حملاتها على تلك الكيانات، إضافة إلى ذلك الإعلان الدورى والدائم عن المعاهد المعتمدة، وتحذير الطلاب من الانسياق وراء أى من المراكز والأكاديميات الوهمية.
وحول رؤيته للحد من تلك الظاهرة، أكد مغيث أنه يجب تغليظ العقوبات على منشئ تلك الكيانات، حتى تكون العقوبة رادعة لأى شخص يحاول التلاعب بأحلام الطلاب، والحصول على أموالهم.
الرد الرسمى
وعلى الصعيد الرسمى أكد سيد عطا، رئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالى، أن أى شكوى يتم إرسالها إلى الوزارة يتم التعامل معها بمنتهى الجدية، مؤكدًا أن الوزارة تستخدم الضبطية القضائية لإغلاق تلك الجهات على الفور لمنعها استغلال الطلبة.
وكشف رئيس قطاع التعليم لـ"انفراد"، عن قيام وزارة التعليم العالى بغلق 45 كيان وهمى خلال الشهور الثمانية الماضية، محذرًا الطلاب من الانسياق وراء دعاية تلك الأماكن وعدم التأكد من كونها معتمدة لدى الوزارة و يوجد اسمها على الموقع الرسمى للوزارة قبل الالتحاق بها.
وتعليقًا على قيام بعض الأماكن بتجديد نشاطها مجددًا بعد غلقها، أوضح عطا أن دور وزارة التعليم يقتصر على التأكد من الشكوى وتنفيذ الإجراء بشأن الكيان التعليم، ثم إبلاغ الجهات المعنية لاستكمال الاجراءات ومحاسبة المخطئين، مشيرًا إلى أنه يحدث أحيانًا قيام تلك الأماكن بتغير نشاطها والعودة مجددًا.
وبشأن أحاديث الطلاب عن قدرة تلك الكيانات تأجيل الخدمة العسكرية، نفى عطا هذه الأقاويل جملة وتفصيلا، مؤكدًا أن الجهات المسجلة لدى وزارة التعليم العالى فقط التى يُمكنها تأجيل الخدمة العسكرية.
وأكد رئيس قطاع التعليم أن الوزارة لن تتمكن من ملاحقة هذه الكيانات بشكل كامل فى كافة محافظات مصر، ويجب على الطلاب وأولياء أمورهم التأكد من حقيقة اعتماد الكيان التعليم من عدمه، خاصة أن الوزارة مسجل بها 154 معهدًا يمكن لأى طالب الاختيار من بينها، مضيفًا أن الإعلام عليه دور من أجل توعية الطلاب قبل الانسياق وراء أى إعلان.