رفضت الزواج من أزهريين خوفا من تحجيم طموحاتى وزوجى كان شقى وهدايته كانت على إيدى.. وأبى تنبأ بأن أكون داعية إسلامية وتقابلت مع زوجى فى منظمة الشباب
مافيش مبرر لخلع الحجاب لا تقولى شغلى ولا جوزى رافض
مبسوطة من حملة أخلاقنا الجميلة وإعلاناتها تقدم مضمونا هادفا وجاذبا
«حبيبتى سعاد .. أنتزع نفسى من زحام العمل لأقول لك كلمتين وبس..لا يقلل من شوقى لك إحساسى بقرب اللقاء لأنى أشتاق لك وأنا معك».. كلمات رقيقة رومانسية مكتوبة فى خطاب يضمه برواز تصدر أحد حوائط منزل الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن وعميد كلية الدراسات العربية والإسلامية بالأزهر، يحمل الخطاب وغيره عشرات الخطابات جزءا من ذكريات جميلة وقصة حب وجوانب رومانسية لا يعرفها الكثيرون عن الداعية الإسلامية الملقبة بمفتية النساء وفقيهة المرأة، وينتهى بتوقيع زوجها ورفيق عمرها الكاتب الصحفى الراحل سيد عبدالرؤوف الذى تمتلئ حوائط المنزل بصوره وصورهما معا، فى إحداها تمسك الداعية الإسلامية بيد زوجها وتنظر فى عينيه وهى تكاد تقبل هذه اليد التى ساعدتها فى رحلة كفاحها ومشوارها العلمى، وفى صورة أخرى يتبادلان نظرات الحب والود، وهكذا فى سائر الصور التى جمعت الدكتورة سعاد صالح بزوجها الراحل، بينما تلفت انتباهك صور أطفال بملامح أوروبية مع والديهما تتصدر أحد الحوائط، وفى الحائط المجاور برواز يحمل صورة زفاف الابن الاصغر للداعية الإسلامية مع زوجته الفرنسية وتتوسطهما الأم الدكتورة سعاد صالح.
فى الجزء الثانى من حوارها مع برنامج حكايات زينب المذاع على تلفزيون «انفراد» كشفت الدكتورة سعاد صالح لأول مرة عن العديد من الجوانب والأسرار الشخصية والعاطفية التى لا يعرفها عنها الجمهور الذى اعتاد أن يستمع إلى فتاواها، حيث تحدثت أستاذ الفقه المقارن عن قصة حبها وكفاحها وسر زواج ابنها من فرنسية مسيحية ولماذا طلبت منه الزواج بأجنبية، كما تحدثت عن رأيها فى ظاهرة خلع الحجاب تحت دعوى ضغوط العمل أو غيرها من أسباب، وأبدت إعجابها وتقديرها لحملة أخلاقنا الجميلة التى تتبناها الشركة المتحدة للإعلام.
رحلة الكفاح والعلم
وكشفت فقيهة المرأة عن قصة كفاحها ونشأتها وبداياتها قائلة: «والدى كان شيخ معهد حلمية الزيتون الأزهرى، ووالدتى ربة منزل وكنا 9 أبناء، 4 بنات و5 أولاد، وكانت الحالة المادية لوالدى ليست ميسورة لأن المرتب قليل وعددنا كبير، ولكن كان هدفه أن نصل فى العلم إلى أقصى الدرجات ، وبالفعل أصبح منا المحاسب والطبيب والمهندس وجميعنا وصل لدرجات علمية عالية، وأنا ترتيبى الثانى بين إخوتى بعد أخى الأكبر صالح وهو نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية».
وتابعت أستاذ الفقه المقارن تفاصيل بداياتها ورحلتها العلمية: «عندما وصلت للثانوية العامة أجبرنى والدى على الالتحاق بالشعبة العلمية وكنت ضعيفة جدا فى الرياضة وأرغب فى الالتحاق بالشعبة الأدبية، ولكن أبى مثل معظم الأباء كان يرى أن الشعبة العلمية كلياتها أوسع، وبالفعل نفذت رغبته والتحقت بالقسم العلمى ولكنى نجحت بمجموع ضعيف، والتحقت بمعهد الخدمة الاجتماعية وكان ذلك عام 1963».
وعن تحول مسار حياتها للدراسة بالأزهر قالت الدكتورة سعاد صالح: «فى هذا العام فتح الأزهر أبوابه لقبول البنات فى كلية البنات الإسلامية بقانون التطوير الذى وضعه عبدالناصر عام 1961، وتم تنفيذه سنة 1962 لذلك كنت ضمن ثانى دفعة فى الكلية سنة 1963».
وكشفت عن نبوءة والدها لها قائلة: «والدى رحمه الله نصحنى أدخل هذه الكلية فسألته يعنى هطلع إيه يا بابا، فأجاب هتطلعى داعية إسلامية».
تتنهد الداعية الإسلامية وهى تتذكر كلمات والدها ونبوءته، قائلة: «سبحان الله الأباء دائما لديهم بركة وبصيرة، وأبى قال لى الأزهر يا بنتى يأتى فيه المبعوثون من كل الدول من ماليزيا وأندونيسيا وغيرها وأنت ستكونين داعية، ودخلت الكلية وكنت أتفوق فى كل المواد والسنوات لأننى أحب المواد الأدبية وأحصل على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكان ترتيبى الأول على الكلية وتم تعيينى معيدة، وذاكرت للماجستير حيث كان عبارة عن رسالة وسنتين دراسة، وكان موضوع رسالتى الطلاق بين الإطلاق والتقييد، عن قيود الطلاق وشروط وقوعه وتحدثت فيها عن الطلاق االشفهى الذى يتحدثون عنه الآن وأخذت الدكتوراة سنة 1975، ولكنى تزوجت بعد الدراسات العليا».
الحياة الرومانسية للداعية الإسلامية
تنتقل فقيهة المرأة للحديث عن قصة التعارف بينها وبين زوجها الكاتب الصحفى سيد عبدالرؤوف وكيف طرق الحب باب قلبها، قائلة: «التعارف بدأ عندما كان سيد صديقا لأخى الأكبر، حيث جمعتهما الدراسة بكلية الآداب قسم صحافة، وكان يأتى إلى بيتنا ليشارك أخى فى عمل المجلات، ورآنى ورأيته وحدث بيننا ارتياح، وفى هذا الوقت قامت حرب 1967 واشتركت أنا وهو فى منظمة الشباب وكنا نتقابل فى هذه الاجتماعات».
تشرد أستاذة الفقه المقارن وهى تتذكر تلك الفترة، وتتنهد وهى تتذكر أول كلمة حب سمعتها من رفيق رحلة عمرها: «ذات مرة كان يحدثنى تليفونيا وأنهى المكالمة بعبارة «مع السلامة ياحبيبتى»، طبعا أى بنت ليس لديها أى تجربة عاطفية لا بد وأن تفرح وتنجذب بهذه االكلمة، ومن هنا بدأ يتصل بالمنزل وأنا أرد حتى ظهرت نتيجتى وطلب مقابلة والدى».تشير الدكتورة سعاد صالح إلى أنه تقدم لخطبتها عدد من رجال الأزهر ولكنها رفضت: «قبل أن يتقدم سيد لخطبتى تقدم لوالدى أكثر من شاب أزهرى يطلبون يدى، لكنى كنت أعتذر لأنى وقتها كنت أنظر إلى الرجل الأزهرى على أنه لن يعطى المرأة المكانة التى تريدها، خاصة أنه كان لدى طموح فى الدراسة والعمل، وكنت أخاف أن يقف أى منهم أمام طموحى أو أن يرفض عملى، ولكن عندما تقدم لى سيد وكان يعمل صحفيا، وكانت الصحافة وقتها تعنى انفتاحا وعلاقات، تعجب والدى وقال لى: «بقى تتجوزى صحفى»، لكن يشاء الله أن أتمسك به حتى تكون هدايته على يدى».
تضحك الداعية الإسلامية قائلة: «أيوة كان شقى، والمجال نفسه كان كدة، ولكنه نسى كل الماضى وبدأنا حاضرا جديدا، و طلب مقابلة والدى، ولكن أبى لضيق يده كان يريدنى أن أتخرج وأعمل وأساعده، فحاول التهرب من المقابلة، ولكن والدتى توسطت لنا، واشترط والدى أن يكون الزواج بعد الماجستير».
تكمل الدكتورة سعاد صالح قصة كفاحها مع زوجها: «استلمنا الشقة وعملنا كل حاجة بنفسنا، وتزوجنا بجهاز بسيط جدا، بدون ثلاجة أو سجاد أو نجف ولم نشتر من الأجهزة سوى بوتاجاز بسيط واشترينا كل شىء بالقسط، وكان مهرى المكتوب فى القايمة 200 جنيه، وكافحنا معا».
تتحدث عن دعم زوجها لها ودوره فى مشوارها العلمى: «بعد أن أخذت الدكتوراة تعاقد زوجى وسافر إلى السعودية بمرتب بسيط وكانت خطوة كى ألحق به وأتعاقد، وبالفعل تعاقدت مع كلية البنات فى جدة، وسافرنا وأنجبنا 4 أبناء، ولدان وبنتان، وبدأت أترقى وازدادت مؤلفاتى، وكان دائما يشجعنى، فكان يراجع لى كتبى لغة ويطبعها ويختار الغلاف، ويعمل مقدمة الطبعة ويتفق مع دار النشر، وعندما بدأت أظهر فى وسائل الإعلام كان يشجعنى جدا، وعندما أتأخر فى قناة من القنوات كان يقول لى: قبل ما توصلى كلمينى علشان أنزل أخدك من العربية».
وتصف رقة ورومانسية زوجها معها فتقول: «كان ينزل ياخد إيدى فى إيده وألاقيه محضر العشا، أصلى ونتعشى سوا، وفى أى سفرية برة كان يوصلنى ويقعدنى فى أوضة كبار الزوار، وكان رومانسى جدا، عندما كان يسافر قبلى يكتب لى خطابات كلها حب ورومانسية وأحتفظ بها جميعا ومنها ما وضعته فى برواز وعلقته على الحائط ليبقى أمامى دائما».
مسيحية فرنسية فى أسرة الداعية الإسلامية
سألنا الداعية الإسلامية سعاد صالح عن قصة زواج ابنها مصطفى من فرنسية مسيحية والتى لا يعرفها الكثيرون، فقالت: «هناك بعض المتشددين الذين يحرمون تهنئة المسيحيين أو التعامل معهم ويحاولون نشر هذه الفتاوى المتطرفة، وأردت أن أثبت لهم أن الإسلام سمح لنا بالمصاهرة مع أهل الكتاب، فالرسول تزوج من ماريا القبطية».
وتابعت: «ابنى الصغير مصطفى خريج حاسبات ومعلومات، وكان قد سبق له أن خطب مرتين ولم تكتمل الخطوبة بسبب شروط وتعقيدات الزواج، وكان يسافر للخارج كثيرا، فقلت له: يامصطفى أنا عاوزاك تخطب واحدة أجنبية، فاندهش، وقلت له حتى لو كانت مسيحية، أخطب أجنبية وسيبك من المصريات، وذلك حتى يعصم نفسه بالخارج، ولأنى رأيت ممن تقدم لهن شروطا وتعقيدات، جعلته كاد يعزف عن الزواج، فقلت له إن الله سمح لنا بالزواج من أجنبيات بنص القرآن فى سورة المائدة: «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان»، إذن هذا تصريح من الله بأنه يجوز زواج المسلم من أهل الكتاب، وبشرط أن يعطيها مهرا مثل المسلمة».
وأوضحت: «تعرف ابنى بزوجته فى رحلة، وزار أهلها فى ريف فرنسا، وهى زارتنا فى البيت وأعجبتنا أخلاقها، فهى إنسانة على خلق ومتواضعة ومحتشمة وتعرف اللغة العربية وتقوم بتدريسها فى مدارس فرنسا، أما عن اختلاف الدين، فهناك اتفاق بأن كلا منهما لا يتدخل فى دين الآخر، وهى تراعى سلوكياتنا كمسلمين فى اللبس والاحتشام والطعام، وأنجبا ولدين هما يونس وإلياس، يحرص والدهما على تعليمهما القرآن وقصص الأنبياء، والصلاة فالزوجة تمارس طقوسها ونحن نمارس طقوسنا، وتزورنا باستمرار، وهى ودودة جدا ولم أفكر أبدا فى الحديث معها عن الإسلام أو المناقشة فى الأديان لأن هذه الهداية تكون من الله، ولا يمكن أطلب منها ذلك، فأنا يهمنى سعادة ابنى، وهو سعيد جدا معها، ونحن سعداء بها، لأنها من أسرة طيبة، لا تدخين ولا شرب ولا لبس عرى، وهى حنونة جدا وتعاملنى معاملة الأم وتنادينى ماما، ودائما تطمئن على».
خلع الحجاب
تنتقل الدكتورة سعاد صالح للحديث عن ظاهرة خلع بعض الفنانات للحجاب بدعوى أنهن يردن أن يعملن ولا تعرض عليهن أعمال وهن مرتديات الحجاب، وكذلك الفتيات والنساء اللاتى قد يضطررن لخلع الحجاب بسبب رفض بعض الوظائف والأعمال توظيف المحجبات فتخلعه رغبة فى العمل وسعيا للرزق، وهنا قالت أستاذ الفقه المقارن: «أرد على هؤلاء بآية واحدة من كتاب الله وهى قوله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا».
وأوضحت: «الحجاب بمعنى غطاء الرأس وليس النقاب ورد فى آيات قطعية فى سورة النور، وبين الله لنا أنه لا يظهر من المرأة سوى الوجه والكفين، وليس للمرأة أى مبرر مهما كانت الظروف والضغوط لخلع الحجاب، فلا تقول زوجى لا يريد أو خطيبى لا يريد أو العمل لا يسمح ، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله».
عودة أخلاقنا الجميلة
وفى نهاية حوارها أشادت الدكتورة سعاد صالح بحملة أخلاقنا الجميلة التى تتبناها الشركة المتحدة لعودة الأخلاق، قائلة: «أنا مبسوطة جدا من هذه الحملة وأشكر الشركة المتحدة عليها ، وتعجبنى جدا إعلاناتها فى الفواصل بين الأعمال الفنية، فهى تجذب الناس بمضمون يقاوم التنمر والعادات والتصرفات السيئة».
وأضافت: أرى أن الأخلاق يمكن أن تعود إذا عاد التلاحم والتكاتف الأسرى كما كان، وتقدير كلا الزوجين للآخر وتقدير الأسرة الكبيرة من أهل الزوج والزوجة، وصلة الأرحام، فلا تكون علاقتنا قاصرة على علاقات وسائل التواصل الاجتماعى، وأتمنى اختيار آيات القرآن والإنجيل التى تحث على الأخلاق والفضائل حتى يكون لها تأثير على المتلقى.