تمتلك جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها أرشيفا حافلا بالخيانة والتقلبات على مر العهود، خيانة حتى على من يناصرها، فشعارهم دائماً وأبدا "الخيانة"، "الانتهازية السياسية"، لتحقيق أطماع الوصول للسلطة بالمظلومية والتباكي، ثم التمكين، ثم إقصاء غير المنتمين إليهم من العملية السياسية، ولعل ما حدث إبان أحداث 25 يناير 2011، وثورة المصريين على حكم محمد مرسى العياط فى 30 يونيو 2013 دليل دامغ على أن الخيانة نهج أصيل للجماعة.
الكثير تحدث عن خيانة الجماعة للوطن ولأنفسهم ولأى قسم أو عهد، أبرزهم "هيوارث دان" فى كتابه "الاتجاهات الدينية والسياسية فى مصر الحديثة"، حينما ذكر فيه بأنه كان صديقاً لحسن البنا الذى طلب من بعض المصريين بالسفارة البريطانية أن ينقلوا للسفارة، استعداده للتعاون بعد أن وعى درس الاعتقال، وأن أحمد السكرى – المؤسس الحقيقى لجماعة الإخوان - طالب بأربعين ألف دولار وسيارة فى مقابل التعاون وظلت هذه العلاقة فى طى الكتمان، إضافة إلى ذلك ما أكده ثروت الخرباوى الكاتب والمفكر فى مذكراته بأن حسن الهضيبى مرشد الإخوان سبق وأن قال له نصاً: "نحن نتحالف مع من يستطيع أن يقربنا من دوائر صنع القرار، وأى شخص قريب من دوائر السلطة العليا سنتحالف معه ولن نقبل أن يخرج أى واحد منَا على هذا القانون".
التنظيم المتوفى إكلينيكياً على أرض الواقع، بعد انشقاقات وصراعات هزت أرجاءه لم يعرف فى تاريخه لغة حوار منذ نشأته، ولن يعترف بأى حوار، لأنه يُدار بمبدأ "السمع والطاعة" أى لا جدال أو مناقشة أو صوت يعلو على صوت المُرشد، فالإخوان ليسوا فصيلاً سياسياً ولن يكونوا كذلك، لأنهم هم من اختاروا لأنفسهم الظهور على الساحة السياسية كـ "تنظيم" بغطاء دينى حتى لو حاولوا إظهار عكس ذلك، وخير دليل وشاهد على ذلك أنه منذ وصولهم للحكم فى 2012 أصروا على إدارة الدولة بمنهج "التنظيم"، ولمن لا يعلم شتان الفارق بين التنظيم والفصيل السياسي، فالأخير يمكن أن تنتقده أو تختلف معه، وعند دخول معارك سياسية على أرض الواقع كالانتخابات الرئاسية أو البرلمانية مثلا فإنه يُنحى الدين جانباً بعيداً عن السياسة، أما التنظيم القائم على السمع والطاعة، دائماً ما يعتبر كل من يخالفه "كافر"، ويحارب الله ورسوله.
المصريون على وعى تام بغدر تنظيم الإخوان، وأنها ليست المرة الأولى التى يصطدموا فيها بالدولة أو الشعب، إذ اصطدموا بالملك فاروق من قبل، فما كان منه إلا أن حظرهم كجماعة، ثم عادوا فترة حُكم جمال عبد الناصر بعد أن تعاطف معهم بداية ثورة 1952 لدرجة أنه قام بحل جميع الأحزاب السياسية ما عدا جماعة الإخوان، وتردد وقتها أن ناصر عرض على حسن الهضيبى مرشد الإخوان- أن ذاك - طرح ثلاثة أسماء من صفوف الجماعة ضمن تشكيل وزاري، إلا أن الإخوان رفضوا واشترطوا نصف الوزارة من الإخوان، ليكتشف عبد الناصر خطة خفية ينفذها الإخوان للسيطرة على الشارع فاستبعدهم، ولكن سرعان ما انقلبوا عليه وحاولوا التخلص منه بتدبير محاولة قتله فى حادث المنشية بالإسكندرية .
أما فى عهد الراحل أنور السادات الذى اصدر قراراً بالإفراج عنهم من السجون بصفقة عمر التلمسانى المرشد الثالث للجماعة، غدروا به واغتالوه فى حادث المنصة الشهير، فبعد وفاة عبدالناصر أخرجهم السادات من السجون وتحالف معهم فى بداية جديدة حسبما زعموا وتعهدوا أمامه، ومكنهم من العمل بحرية، وأسند إليهم وزارة التعليم وعمادات كليات التربية فى الجامعات، فترصد له فى احتفال المنصة وقتلوه.
وثاروا على الراحل حسنى مبارك طيلة عهده، بعد أن حاول احتواءهم وأعطاهم قدرًا واسعًا من الحركة ومن المشاركة فى مجلس الشعب كمشرعين، لكنهم سرعان ما طبقوا عادتهم فى الخيانة فانقلبوا عليه، حتى وبعد تنحيه عن الحكم إبان أحداث 25 يناير 2011، وخرج القيادى عصام العريان فى فيديو شهير أثناء محاكمة مبارك قائلا: "مبارك هيموت فى السجن"، ليسجل التاريخ خسه وندالة تلك الجماعة على مر العصور، والتى لا تريد الجلوس على مائدة الحوار الوطنى للوفاء بقراراته وتوصياته بل لاستكمال مسلسل الخيانة ضد بلد مستقرة عصية على كل من يحاول تهديد أمنها بسقوطها.