«القاهرة عاصمة الخبر» ليس شعارا تسويقيا لقناة إخبارية عملاقة، لكنه واقع يفرض نفسه على صناعة الإعلام، وسط تحولات يموج بها العالم.
تاريخيا كانت مصر مركزا لصناعة وتسويق الإعلام من خلال ريادة تكونت على مدى عقود، طوال القرن العشرين، ليس فقط فى الإعلام، لكن فى القوة الناعمة، تشمل الثقافة والسينما والدراما التى قدمت اللهجة والثقافة المصرية إلى العالم العربى والعالم.
نجحت مصر فى أن تكون مركز صناعة الإعلام، وأيضا مركز صناعة الأحداث على مدى أكثر من قرن، حيث امتلكت من البدايات صناعة الصحف، ثم الإذاعات والتليفزيون، ولم تتوقف التغيرات والتطورات التكنولوجية التى غيرت من شكل صناعة وإنتاج الإعلام، الذى كان دائما جزءا من صورة مصر ومركزها وتأثيرها.
على مدى عقود ثلاثة على الأقل أصبحنا فى عالم تتصارع فيه الدول الكبرى بالصور، وتشكيل الرأى العام، صناعة فى عصر العولمة، الحرب الدعائية انعكاس لصراع على النفوذ والثروات والفرص والمصالح، وبالتالى فإن امتلاك دول عربية لمنصات إعلامية وقنوات إخبارية ومواقع تعمل بقواعد مهنية أمر تفرضه تطورات عولمة الإعلام والسياسة، حيث لا تكفى الشكوى من التدخلات وحروب الدعاية.
من الطبيعى أن تسعى الدول لامتلاك منصات إعلامية تكون قادرة على تقديم تغطية محلية تجذب الجمهور، وفى نفس الوقت تستطيع مخاطبة الآخر، وأن ننشغل بحال ما نملكه من إمكانات إعلامية، ونعيد النظر فى حجم ما نقدمه للجمهور.
الحديث عن الصراعات الإعلامية والتدخلات المعلوماتية والتضليل واقع فى عصر المعلومات، والدول الطامحة تعى هذه التفاصيل، والمعطيات التى تدور فى عالم يبدو متصلا بشكل كبير، ويقوم على التسويق الاقتصادى والسياسى، وطبيعى أن يكون الشرق الأوسط والوطن العربى جزءا من جبهات هذه الحروب.
الصراع ليس فقط فى مجال الإعلام، لكن فى مجالات أخرى، منها السينما والثقافة، حيث يشهد العالم صعود كمى وكيفى فى السينما، والدراما وهى منتجات مثلت فى وقت من الأوقات المصدر الثانى للدخل القومى لدينا.
مصر بحجمها وثقلها تواجه على مدى سنوات بحارا من المعلومات، والدعايات، وحربا واضحة ومؤكدة، خاصة أنها تواجه تنظيما يمثل مخلبا لأجهزة وتمويلات ومصالح دول، بجانب قراصنة ولجان إلكترونية ومنصات إعلامية، وفضائيات ومواقع إخبارية.
من هنا يأتى الرهان على قناة «القاهرة الإخبارية»، بأن تكون إحدى منصات الخبر والعمل العابر للحدود، من خلال صناعة مهنية تستوعب أدوات العصر ومفردات العالم الجديد، وتنطلق من رؤية واضحة، تغطى الحدث وقت حدوثه، وتقدم التحليل والرؤية والمعلومة، لاستعادة الريادة التى بدأت معنا، وربما واجهت بعض التحولات.
«القاهرة الإخبارية» تنطلق فى وقت ومكان مناسب، وتلبى مطالب كثيرة بامتلاك قناة تقدم ما يناسب حجم القاهرة، وتجربة يمكنها تقديم صورة إخبارية حقيقية عما يحدث فى مصر من تنمية وتحديث، وفى نفس الوقت تعالج أحداثا إقليمية وعالمية تمثل هى الأخرى مجالا للتعامل والتحليل، الجمهور بحاجة للفهم والتفاعل، مع تجربة تمزج بين منصات متعددة، وتجمع ما بين أدوات الإعلام التقليدى والمنصات الرقمية، والسوشيال ميديا.
الإعلام ليس فقط محطات فضائية ولدينا منها الكثير، لكن فى عبور الفجوة بين قدرات الدولة وتأثيرها، والصورة التى يجب أن تقدم، فمصر مركز صناعة الأخبار والأحداث، والدليل أن كل القنوات التى ظهرت على مدى سنوات، كانت تقدم أكثر من نصف محتواها حول الأحداث فى مصر، ولا تزال تنشغل بما يجرى فيها، وهو دليل أهمية، وأيضا أن مصر مركز الخبر والحدث.
الرهان على نجاح التجربة لا يأتى من فراغ، نحن أمام فريق عمل محترف، خلفه خبرات عقود من صناعة وإنتاج الإعلام، فالواقع أن الكوادر المصرية شاركت وصنعت، ولا تزال الكثير من التجارب الناجحة فى هذا المجال داخليا وإقليميا، والسر هنا فى الخلطة، التجارب الناجحة هى التى تعمل من خلال فريق.
وهذا الفريق يبدو مبشرا لأنه يجمع بين الأفكار الشابة والخبرات القائمة، فالإعلامى أحمد الطاهرى، يتحدث دائما عن فريق عمل محترف، وأفكار مهنية، يعتمد بتوسع على «كوادر ماسبيرو وقطاع الأخبار»، بما يعنى أن القاهرة الإخبارية ابن لتجربة إعلامية تحترم التاريخ، وتنظر للمستقبل، ماسبيرو هو مدرسة مصر فى الأخبار، بجانب كوادر سبق لهم العمل فى أكبر القنوات الإقليمية والدولية.
ثم إن القناة لا تصدر باللغة العربية فقط، لكنها تصدر باللغة الإنجليزية من خلال قناة صوتية، مع شبكة مراسلين ضخمة عبر العالم وفى مناطق البؤر الساخنة، القناة تخدم الجمهور فى مصر والعالم العربى، وتصل إلى العالم، ومن القاهرة، التى تنظر للمستقبل، وتمتلك القدرة على التأثير، من دون تدخل أو تقاطع، لتعيد «هنا القاهرة» إلى الصورة، فى زمن صناعة الصور.