تستمر أزمة الطاقة مع وقف إمدادات الغاز الروسى لأوروبا بسبب حرب أوكرانيا، ويتزايد التوتر فى أوروبا قبل اقتراب فصل الشتاء الذى من المتوقع أن يكون قاسيا، وشددت شركة الغاز الروسية جازبروم علاقتها مع الغرب وحذرت من أن فرض سقف على أسعار الغاز يعنى الوقف الفورى للإمدادات بسبب خرق العقود الموقعة.
وحذر رئيس مجلس إدارة الشركة أليكسى ميلر من فرض سقف على أسعار الغاز، معتبرا إياه انتهاكا للشروط الأساسية للعقد، مما يعنى إنهاء التوريدات.
وأشار ميللر إلى أن هذه الخطوة كرد فعل على فرض سقف أسعار على الهيدروكربونات الروسية منصوص عليها فى مرسوم رئاسى وقعه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى مارس الماضي، وحذر رئيس الدولة الروسى نفسه فى عدة مناسبات من أن أى محاولة للحد من أسعار النفط الخام والغاز الروسى سيعنى أن روسيا لن تصدر هذه المواد، ودعا الاتحاد الأوروبى إلى عدم انتهاك قوانين العرض والطلب التى تحكم التجارة الدولية.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضى، عزمها أن تقترح على زعماء الكتلة التدخل فى سوق الغاز الأوروبية، ووضع حد أقصى لسعر العقود فى المؤشر المرجعى الأوروبى، وبالتوازى مع ذلك، زيادة مستويات وفورات استهلاك الغاز على مستوى المجتمع من خلال مزادات خفض الطلب.
وتدرس المفوضية الأوروبية أيضًا تحديد حد أقصى لسعر واردات الغاز من موسكو، إما عبر خط أنابيب غاز أو فى شكل غاز طبيعى مسال (LNG)، على الرغم من أن 15 دولة عضو طلبت الأسبوع الماضى تطبيقه على جميع مشتريات الغاز إلى الاتحاد الاوروبي.
كيف تستعد أوروبا لفصل الشتاء بدون الغاز الروسي؟
قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية فى تقرير لها أن أوروبا قبل الحرب، زودت موسكو حوالى 40٪ من الغاز الطبيعى الذى يستخدمه الاتحاد الأوروبي، وانخفضت الإمدادت بعد زيادة العقوبات، وانخفاض العرض.
على سبيل المثال، فى الفترة من 22 إلى 28 أغسطس الماضى، زودت روسيا ما مجموعه 856 مليون متر مكعب من الغاز للكتلة المجتمعية ؛ أى ثلث ما ضخته فى نفس الأسبوع من عام 2021، يضاف إلى ذلك التسريبات المسجلة فى خطى أنابيب الغاز نورد ستريم، فى نهاية سبتمبر، اللذين ينقلان الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.
وأوضح السياسى الدولى، كارلوس موريللو، أن هناك دولًا تعتمد أكثر من غيرها على الغاز الروسي، موضحا أن "هناك اختلافات بين كل دولة لأن هناك دولًا مثل إسبانيا والبرتغال وفرنسا لديها اعتماد أقل على موارد الطاقة من روسيا، فهى تشترى ولكن ليس بقدر ألمانيا".
وبحسب موريللو، فإن ألمانيا، مثل الدول الأخرى التى تعتمد على الغاز الروسى، تحاول منذ عدة أشهر استبدال هذا الاعتماد ؛ ومع ذلك، لم تتمكن من ملء احتياطاتها ولا تزال بحاجة إلى موارد الطاقة هذه.
ويعتقد موريللو أنه من أجل حل أزمة الطاقة هذه فى الوقت المناسب، قبل بدء الشتاء، سيتعين على الدول الأكثر اعتمادًا الحصول على الغاز من مصادر آخرى.
وعدت فرنسا بالحد من الزيادة فى تكاليف الكهرباء الخاضعة للتنظيم إلى 4٪ وستزيد تبادلات الغاز والكهرباء مع إسبانيا وألمانيا. من جانبها، فى ألمانيا، يحصل العمال على علاوة على استهلاك الطاقة ومن خلال الضرائب يساعد المواطنون المرافق لتغطية تكلفة استبدال الطاقة الروسية.
فى المملكة المتحدة، تخطط رئيسة الوزراء ليز تروس لـ "تجميد" فواتير الطاقة المنزلية لفصل الشتاء. وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، يمكن أن تكلف الخطة الدولة 150 مليار دولار على الأقل.
وفى إسبانيا، خفضت الحكومة الضرائب لتقليل فواتير المستهلكين، وقدمت البرتغال، مساعدات اقتصادية للشركات والأسر بهدف التخفيف من تأثير الزيادة فى أسعار خدمات الطاقة.
فى وقت سابق هذا الشهر، قال الرئيس التنفيذى لشركة توتال إنرجي، باتريك بويان، سنواصل شحن الغاز المسال من روسيا ما دامت لم تكن هناك عقوبات، مشيرًا إلى أن بيئة التشغيل أصبحت أكثر تعقيدًا.
ورغم انخفاض واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا بنسبة 20%، فإنه لا يزال تدفق الغاز الطبيعى المسال إلى الغرب دون انقطاع، وكان نحو 40% من الغاز الطبيعى المسال الروسى متجهًا إلى أوروبا، بدءًا من نهاية سبتمبر 2022.
طالب الاتحاد الأوروبي، الدول الأعضاء بخفض استهلاك الطاقة خلال الشتاء المقبل بنسبة 15 %، حيث دعت فون دير لين رئيسة المفوضية الأوروبية إلى الاستعداد لموقف "أسوأ" بالنسبة لإمدادات الغاز الطبيعى القادمة من روسيا.