أعلنت رئيسة الوزراء البريطانيةليز تراساستقالتها من منصبها بعد 6 أسابيع فقط من ولايتها، وبعد فشلها فى وقف وتيرة التضخم وأقل من 24 ساعة من استقالة وزيرة الداخلية فى حكومتها.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، إن الاستقالة جاءت بعد اجتماع مع رئيس لجنة 1922 السير جراهام برادى، ثم وصول رئيس حزب المحافظين جيك بيري.
وقالت تراس خلال كلمة قصيرة خارج مقر الحكومة البريطانية فى داونينج ستريت: "لقد توليت منصبى فى وقت يشهد عدم استقرار اقتصادى ودولى كبير، كانت العائلات والشركات قلقة بشأن كيفية دفع فواتيرهم، وهددت حرب بوتين غير الشرعية فى أوكرانيا أمن قارتنا بأكملها، وقد تأخر بلدنا لفترة طويلة بسبب النمو الاقتصادى المنخفض".
وتابعت: "لقد انتخبت من قبل حزب المحافظين بتفويض لتغيير هذا، قمنا بتسليم فواتير الطاقة وقطع التأمين الوطنى، وقد وضعنا رؤية لضريبة منخفضة واقتصاد عالى النمو - من شأنه أن يستفيد من حرية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، أدرك رغم ذلك، فى ضوء الوضع الحالى، أننى لا أستطيع تنفيذ التفويض الذى انتخبت من قبل حزب المحافظين".
وأضافت تراس: "لذلك تحدثت إلى جلالة الملك لإبلاغه أننى أستقيل من منصب زعيم حزب المحافظين كما التقيت هذا الصباح برئيسلجنة 1922السير جراهام برادى واتفقنا على أنه ستكون هناك انتخابات قيادة ستنتهى فى الأسبوع المقبل، سيضمن ذلك أننا نظل على طريق تنفيذ خططنا المالية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادى لبلدنا والأمن القومي".
وأكدت تراس: "سأبقى رئيسا للوزراء حتى يتم اختيار من يخلفني"
بدوره، قال السير جراهام برادى، رئيس لجنة 1922 التابعة لحزب المحافظين إنه سيكون من الممكن إجراء اقتراع على القيادة بحلول 28 أكتوبر، وفقا لصحيفة الجارديان
وقال: "لقد تحدثت إلى رئيس الحزب، جيك بيرى، وأكد أنه سيكون من الممكن إجراء اقتراع واختتام انتخابات الزعامة بحلول يوم الجمعة 28 أكتوبر لذلك يجب أن يكون لدينا قائد جديد فى مكانه قبل البيان المالى الذى سيحدث فى الحادى والثلاثين"، وقال إنه سيتمكن من تقديم المزيد من التفاصيل فى وقت لاحق
واضطرتتراسللاستقالة بعد انخفاض معدلات تأييدها بسبب الازمات التى تواجهها الاسر البريطانية، كشف استطلاع رأى أن أربعة من كل خمسة بريطانيين بالغين (80%) ينظرون إلى ليز تراس بشكل سلبى، و62 فى المائة يرون أنها غير مناسبة للمنصب، ويكشف الاستطلاع الذى أجراه مكتب "يوجوف" التابع للحكومة أن تراس تعامل الأن على أنها "أكثر رئيس وزراء مكروه" فى المملكة المتحدة.
وكشف الاستطلاع أيضًا أن غالبية أعضاء حزب المحافظين دعموا استقالة تراس وعندما سُئلوا عمن يجب أن يحل محلها، كان رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون هو الخيار الأكثر شعبية حيث اختاره الثلث (32 فى المائة) بينما اختار الربع (23 فى المائة) ريشى سوناك ووجد الاستطلاع أن 55 فى المائة يعتقدون أن تروس يجب أن تتنحى.
وتعانى الاسر البريطانية من ازمة تكاليف معيشة لا يبدو انها ستنتهى قريبا بعد تسجيل اعلى مستويات فى أسعار الغذاء منذ 40 عام، بالإضافة إلى ازمة طاقة قريبة بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء حيث حذرت السلطات من قطع التيار الكهربائى لحوالى 3 ساعات يوميا فى ليالى الشتاء الأكثر برودة.
كشفت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطنى أن متوسط سعر السلع الغذائية من محلات البقالة زاد 14.6% خلال سبتمبر الماضى وهى الزيادة الأسرع منذ عام 1980.
كما زادت فى سبتمبر الماضى كذلك أسعار الخدمات العامة والمواصلات فى بريطانيا ما فاقم من غلاء معيشة البريطانيين، فبحسب البيانات الحكومية الصادرة قفزت كلفة النقل والمواصلات بنسبة 10.9% خلال سبتمبر الماضى مقارنة بأسعارها المسجلة قبل شهر وكذلك كان الحال بالنسبة لأسعار الأثاث والسلع المعمرة التى قفزت بنسبة 10.8% والملابس التى ققزت أسعارها بنسبة 8.4% وإيجارات المساكن التى كانت زيادتها بنسبة 9.4% نتيجة ارتفاع أسعار غاز التدفئة وحلول الشتاء.
وقال محللون اقتصاديون فى لندن أن ارتفاعات الأسعار الحادة التى تشهدها الأسواق البريطانية -كغيرها من الأسواق الأوروبية- ما هى الإنتاج لتداعيات استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التى أثرت على إمدادات الطاقة فى العالم كالغاز الطبيعى وغاز الطهو والزيوت الغذائية فى وقت لم يكد يتعافى فيه الاقتصاد العالمى بصورة تامة من تداعيات الإغلاق والشلل التام بسبب جائحة "كوفيد- 19".
التبرعات لبنوك الطعام لا تكفي
ووصلت الازمة لبنوك الطعام فى المملكة المتحدة، حيث تواجه أصعب شتاء لها حتى الآن وسط الطلب المتزايد الذى يغذيه ارتفاع تكاليف المعيشة يفوق التبرعات.
أطلقت مؤسسةTrussell Trustالرائدة، والتى تدعم شبكة تضم 1300 مركزًا لبنك الطعام، نداءًا طارئًا، محذرة من أن "ارتفاع تكلفة المعيشة يقود إلى تسونامى من الحاجة إلى بنوك الطعام".
كان الطلب حادًا بشكل خاص خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث وزعت المؤسسة الخيرية 46 فى المائة من الطرود الغذائية الطارئة على البنوك فى أغسطس وسبتمبر مقارنة بنفس الأشهر فى عام 2021.
وقالت المنظمة الخيرية إنه ستكون هناك حاجة لحوالى 1.3 مليون حزمة من المواد الغذائية الطارئة، والتى تم تصميمها لإطعام عائلة بوجبات تكفى لثلاثة أيام، فى الأشهر الستة المقبلة وهذا يشمل نصف مليون طفل.
وحذروا من أن بنوك الطعام تكافح من أجل تلبية الحاجة المتزايدة وتضطر إلى شراء ثلاثة أضعاف كمية الطعام التى اشترتها العام الماضي. فى هذه السنة المالية، جلبت بنوك الطعام ما يقرب من 1400 طن من الطعام - أى ما يعادل 111 حافلة ذات طابقين.
معدل التضخم "مثير للقلق"
أقر وزير الخارجية البريطانى، جيمس كليفرلى، بأن معدل التضخم خلال شهر سبتمبر الماضى والذى بلغ 10.1 % "مثير للقلق"، لكنه أكد أن دعم أسعار الطاقة الذى تقدمه الحكومة سيساعد فى خفض التضخم بشكل عام.
وقال كليفرلى - فى تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية أن هذا المعدل يقع فى النطاق الذى كانت تتوقعه الحكومة، لكن الحكومة تسعى إلى اتخاذ إجراءات من شأنها كبح بعض هذا التضخم مثل ضمان أسعار الطاقة.
وسلطت صحيفة الجارديان الضوء على الازمة الاقتصادية فى البلاد خلال تقرير لها أشار إلى أن ملايين من الشعب البريطانى يعيشون حياة الفقر بسبب أزمة الغذاء الحادة التى تعانى منها العديد من دول العالم على خلفية الحرب الروسية فى أوكرانيا.
بدأ ملايين الأسر فى بريطانيا فى ترشيد وجباتهم حيث صاروا يتناولون عددًا أقل من الوجبات اليومية فى الوقت الذى تشتد فيه الأزمة الاقتصادية فى البلاد، وتشير بيانات مؤسسة الطعام الخيرية فى بريطانيا إلى أن الملايين من الشعب البريطانى دفعتهم الظروف القاسية خلال الشهور الماضية إلى البقاء طوال اليوم بدون طعام ترشيدًا للنفقات بعد ارتفاع تكلفة المعيشة على نحو غير مسبوق لم تشهده بريطانيا حتى خلال الأزمة التى نتجت عن جائحة كورونا.
ويقول التقرير إنه طبقًا للإحصائيات التى أعلنتها مؤسسة الطعام فإن واحدًا من كل خمسة أفراد من العائلات ذات الدخل المحدود فى بريطانيا يعانى من انعدام الأمن الغذائى منذ الشهر الماضي.
انقطاعات الكهرباء
حذرت الشبكة الوطنية فى بريطانيا من انقطاع التيار الكهربائى المحتمل بين الساعة 4 و7 مساءً فى الأيام شديدة البرودة هذا الشتاء، وفقا لصحيفة ميرور البريطانية.
فى حين أن هذه الخطوة غير مرجحة، إلا أن هناك خطرًا من أن يتم اتخاذ تدابير جذرية فى مكانها وسط أزمة الطاقة. سيحدث انقطاع التيار الكهربائى لمدة ثلاث ساعات إذا لم يكن لدى مولدات الكهرباء ما يكفى من الغاز لتلبية الطلب، توقع رئيس الشبكة الوطنية جون بيتيجرو أن أى انقطاع محتمل للتيار الكهربائى سيحدث "على الأرجح بين الساعة 4 مساءً و7 مساءً فى المساء فى أيام الأسبوع تلك عندما يكون الجو باردًا فى يناير وفبراير".
ومع ذلك، ظل على ثقة من أنه لن تكون هناك حاجة لمثل هذه الإجراءات الصارمة سيدخل انقطاع التيار الكهربائى المقرر حيز التنفيذ، على سبيل المثال إذا فشلت المملكة المتحدة فى تأمين ما يكفى من الغاز من أوروبا لتلبية الطلب.