لم يكن يتخيل الفنزويليون أن يؤثر انخفاض أسعار النفط الحاد بهذه الصورة القاسية على اقتصاد بلادهم الذى أوشك على الانهيار بعد وصول نسبة التضخم إلى 180% العام الماضى لترتفع العام الجارى لـ700%، ليصل بهم الحال إلى أزمة غذاء دفعت مسئولا فى إحدى محافظات فنزويلا المجاورة للحدود الكولومبية لفتح الحدود مع بوجوتا لمدة 12 ساعة، وذلك للسماح للمواطنين بالحصول على الغذاء الذى لم يعد من الممكن الحصول عليه بعد انتشار عملية النهب والسرقة للمتاجر والمحلات والمطاعم.
ولكن يمكن ربط أزمة الغذاء التى تهدد بأزمة سياسية كبيرة من شأنها زعزعة استقرار البلاد أكثر، مما هى عليه الآن، باعتماد الدولة على احتياطى النفط فى العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، فسعر النفط تقلب بشكل كبير فى التسعينيات، مما جعل الحكومة تعتقد أنه يمكنها الاستمرار فى البيع بأعلى سعر.
وقبل انهيار أسعار النفط، اعتمدت فنزويلا عليه لجلب 90 فى المائة من دخل البلاد، وتطالب المعارضة الآن بإقالة الرئيس نيكولاس مادورو لاتهامه بالمسئولية عن تدهور الأوضاع.
ويقول موقع "وول ستريت جورنال" الأمريكى، إن هذا أدى إلى تراجع العلاقة التجارية مع فنزويلا، الأمر الذى أدى بدوره إلى نقص المنتجات، حتى إن الحكومة سعت عندما كان شافيز رئيسا بتعويض هذا التراجع بتخفيض العملة البوليفارية بشكل جذرى، ليتسبب ذلك فى تضخم وصلت نسبته 700%، فوقعت أزمة الغذاء التى باتت تهدد ليس فقط صحة الفنزويليين وإنما أمنهم بعد انتشار أعمال الشغب والعنف.
وكان البنك المركزى الفنزويلى أعلن فى فبراير الماضى أن أسعار الغذاء والشراب ارتفعت بنسبة 315% والملابس بنسبة 146% والرعاية الصحية بنسبة 110.6% والنقل بنسبة 129.8% العام الماضى.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مرليس بلانكو قولها "أشترى منتجات أقل لأن مالى لا يغطى ما أحتاجه.. فقبل ذلك كنت أشترى كيلو من البطاطس، أما الآن فلا يمكننى تحمل نفقة سوى نصف كيلو، فالأسعار ارتفعت بشكل أكبر مما تعلنه الحكومة".
بينما قال سائق التاكسى إنريك ريس، البالغ من العمر 61 عاما أنه ينفق 15% من مرتبه الأسبوعى لشراء ثلاثة "أوراك دجاج" مؤكدا "60% مما أكسبه أنفقه لشراء الغذاء، وهذا باهظ للغاية".
وأعلن الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو، أمس الثلاثاء، وضع الموانئ البحرية الرئيسية الخمسة فى البلاد تحت سلطة الجيش، فى محاولة منه لحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تمر بها فنزويلا.
وقال مادورو عبر التليفزيون الحكومى، إثر لقائه وزير الدفاع فلاديمير بادرينو "لقد أخذنا اليوم (الثلاثاء) خمسة مرافئ رئيسية فى البلاد هى جوانتا ولا جويرا وبويرتو كابيلو وماراكايبو وجواماشى".
وأضاف أنه شكل "سلطة موحدة لكل من هذه المرافئ الخمسة" وعين الجنرال أفرين فيلاسكو لوجو رئيسا للهيئة البوليفارية للمرافئ، وهى الإدارة الحكومية المسئولة عن إدارة جميع الأنشطة المرفئية فى فنزويلا.
ولفت مادورو إلى أنه أمر بانتشار الجيش منذ الاثنين فى المرافئ والمطارات والمصانع، مؤكدا أن هذا الانتشار كشف وجود "فوضى وانعدام للنظام"، معتبرا أن هذا الأمر يشجع على "الفساد".