منذ العام 2013 بدأت تظهر بعض الظواهر الاجتماعية السلبية التي أثرت على صحة وحياة الإنسان والتي تمثلت في (التنمر، والانتحار، والإلحاد، والإدمان)، والتي تطلبت تحركًا إفتائيًّا حاسمًا من دار الإفتاء المصرية، كان بدايته خلال الفترة (من 2013 وحتى 2015)، حيث تفشت ظاهرتا التنمر والانتحار؛ وبدأتا في أخذ منحنى تصاعدي (خلال عامي 2018- 2019)، لذا كثفت دار الإفتاء جهودها الإفتائية، حيث تزايدت فتاواها المتعلقة بظاهرة الانتحار على مدار العامين، لتصل نسبتها (15%) من إجمالي فتاوى عينة الدار بعدما كانت (10%) خلال عام 2018، وظاهرة التنمر، التي تصاعدت نسبتها من (7%) خلال عام 2018، إلى (12%) خلال عام 2019. ومن هذه الفتاوى:
- بالنسبة للتنمر؛ حرمت الدار بكافة أشكاله، سواء كان حاضرًا أو إلكترونيًّا أو غير ذلك، مؤكدة أن كل ذلك مذموم شرعًا ومحرّم قانونًا، لما يشتمل عليه من الإيذاء النفسي والضرر المحرّمين.
- بالنسبة للانتحار؛ بينت الدار حكم المنتحر واستدلت على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة، وبينت أنه "مرتكب لكبيرة ولا يجوز وصفه بالكفر بل يغسل ويكفن ويدفن في مقابر المسلمين ويدعى له بالرحمة والمغفرة"، ونصحت من شعر بمقدمات الاكتئاب أن يسارع ويراجع الطبيب لمساعدته على العلاج وتجاوز أزمة المرض، وذكرت أن أكثر الصور انتشارًا في الوقت الحالي وبخاصة في قرى الريف الانتحار عن طريق حبوب الغلة السامة وهي عبارة عن مبيد حشري يمنع القمح من التسوس، وذكرت أن ذلك لا يجوز ولا يصح وتحريم هذا الفعل.
وإلى جانب الفتوى حرصت دار الإفتاء المصرية على مواجهة تزايد حالات التنمر في المجتمع بإطلاق عدد من المبادرات التفاعلية، التي كان منها؛ مبادرة (من حقك تعرف) في يوليو عام 2022 وذلك في بث مباشر يوميًّا في تمام الساعة الحادية عشر مساءً عبر الصفحة الرسمية للإفتاء على فيس بوك، وبينت أن جميع صور السخرية والاستهزاء مذمومةٌ شرعًا، ومَجَرَّمةٌ قانونًا؛ وذلك لما تشتمل عليه من الإيذاء والضرر الـمُحَرَّمينِ، إضافةً إلى خطورتها على الأمن المجتمعي، فضلًا عن نشر العديد من الفيديوهات لمحاربة الظاهرة في عام 2020.
وخلال الأعوام الثلاثة (2020، 2021، 2022) اهتمت دار الإفتاء المصرية بإطلاق الفتاوى المكافحة لظاهرة المخدرات وإدمانها بين الشباب في المجتمع المصري، استشعارًا منها لتأثيرها السلبي على الإضرار بحياة الإنسان وصحته، وفي النهاية تؤدي لتثبيط تحقيق أهداف وبرامج التنمية المستدامة ومحاورها الرئيسية (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، فقد أصدرت عدد من الفتاوى التي أفادت بما يلي: "تحريم تعاطي المخدرات وتحريم بيعها وحثت من يتعاطى المخدرات أن يتوب ويرجع عن ذلك، وإن وصلت عنده لحد الإدمان أن يستعين بذوي الخبرة وأهل الاختصاص في علاج الإدمان وهذا مطلوب شرعًا، فلا يضيع صحته وحياته بين أيدي غير المتخصصين".
وإلى جانب الفتوى، كانت مبادرات الدار على أرض الواقع لمكافحة إدمان المخدرات، والتي كان منها: إطلاق الدار حملة استمرت لمدة 10 أيام خلال شهر يناير عام 2022 ودشنت لها هاشتاج بعنون (#لا_للإدمان)، وذلك للتوعية بخطر الإدمان وأضراره. وتضمنت أول رسائل الحملة: "لا تحاول إرضاء ضميرك وإقناع نفسك بأن تناول المخدرات مباحٌ، وتعليل ذلك بأنه لم يرد فيها نصٌّ بخصوصها؛ فالإجماع منعقد على تحريم كل ما يُذهب العقل ويضر بالبدن ويضيع المال".