يمر اليوم 6 سنوات على رحيل الساحر الفنان الكبير محمود عبد العزيز، الذى رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم الموافق 12 نوفمبر عام 2016، رحل الساحر بجسده لكن فنه وروحه وإبداعه سيبقى للأبد، يزداد هذه الفن قيمة وجذبًا للجمهور كلما مر عليه الزمن ليؤكد أننا أمام فنان لن يموت وسيبقى دائمًا حاضرًا متألقًا تهتف قلوب جماهيره فى كل وقت: "عاش محمود عبد العزيز ولم يمت".
لم يطلق لقب الساحر على الفنان الكبير محمود عبدالعزيز لمجرد أنه أبدع فى فيلم الساحر ولكن لأنه يحمل الكثير من صفات الساحر الذى يحوى جرابه الكثير من الحيل ويمكنه أن يغير وجهه ويتحول بشكل مبهر فى كل عمل، ولا تملك فى كل مرة ومع كل وجه إلا أن تصدقه وتعتقد أنه انتهى من كل حيله فيفاجئك بأنه ما زال فى جرابه عشرات الحيل والوجوه.
يمكنه أن يؤدى الدور وعكسه، وأن يجسد الشر والخير، يتقن دور الجاسوس ويبدع فى دور رجل المخابرات، تصدقه وهو يجسد شخصية الخائن وتتعلق به وهو يجسد شخصية الوطنى والبطل رأفت الهجان، يتقن أداور سائق التاكسى فى "الدنيا على جناح يمامة" ، والمنجد فى "جرى الوحوش"، وعامل المخزن البسيط فى "أبو كرتونة"، والموظف المطحون فى "خليل بعد التعديل" والشيخ حسنى الكفيف فى "الكيت كات" والفلاح المتعلم فى "البشاير"، وفى نفس الوقت يتقن أدوار رجل الأعمال وتاجر الآثار والمخدرات والقواد والبلطجى، تنظر إلى وجه الشيخ حسنى وخفة ظله فتشعر أنك تعرفه وتحبه وجمعتك به لقاءات كثيرة، ويرعبك حين ترى نفس الوجه مجسدًا شخصية المعلم عبد الملك زرزور فى فيلم "إبراهيم الأبيض"، وهو يقتل بقلب بارد مرددًا "الإنسان ضعيف"، يبهرك وأنت تتابع أدائه لشخصية جمال المزاجنجى فى فيلم الكيف، ولا تمل من مشاهدته وسماع إيفيهاته وعباراته ومنطقه.
ساحر يجعلك لا تمل من رؤيته، مهما أعيدت أعماله، ولا تتوقع ما سيفاجئك به فى المرة المقبلة، ساحر يجبر الملايين على حفظ عباراته مهما كانت غريبة "الملاحة الملاحة، الشكرمون طاخ فى التراللى، إدينى فى الهايف وأنا أحبك يا ننس، القرد بيتنطط ولا بطل تنطيط، حد له شوق في حاجة، لازم ندوش الدوشة بدوشة أدوش من دوشتها عشان ماتدوشناش، أنت اللى بلغت ياهرم، وغيرها".
محمود عبد العزيز هذا الفتى الوسيم القادم من الإسكندرية خريج كلية الزراعة المعجون بحب الفن والذى حلم بفرصة وحين جاءته صنع مجدًا وخلودًا إلى الأبد.
بدأ الساحر مشواره الفنى مساعد مخرج وحلم بفرصة للتمثيل حتى استعان به المخرج نور الدمرداش فى مسلسل الدوامة عام 1973، وبعدها شارك فى فيلم الحفيد عام 1974، وبدأ رحلة البطولة عام 1975 حين اعتذر الفنان حسين فهمى عن بطولة فيلم "حتى آخر العمر" فوقع الاختيارعلى محمود عبد العزيز ليقوم بالدور، وبعدها توالت بطولات الساحر، التى جسد فى الكثير منها دور الشاب الوسيم الرومانسى.
امتلك محمود عبد العزيز إلى جانب موهبته المتفردة ذكاء وفطنة جعلته يدرك فى مرحلة مبكرة خطورة أن يتم حصره فى هذه النوعية من الأدوار، التى لا يمكنها وحدها أن تشبع مواهبه المتعددة وطاقاته الفنية الجبارة، فتعددت أدواره وشخصياته واستطاع أن يكسر قيود الوسامة ويتحرر من سجنها لينطلق ويثبت أنه ساحر قادر على ان يغير جلده وأن يتقن كل الأدوار.
أبدع الساحر وشارك العمالقة فى أعمال خالدة ، فكانت أفلام العار والكيف وجرى الوحوش التى شارك فيها البطولة عدد من عمالقة الفن من أبناء جيله ومنهم يحيى الفخرانى ونور الشريف وحسين فهمى، وكانت علامات فنية فى تاريخ كل منهم وفى تاريخ الفن، لتتوالى مفاجآت الساحر ووجوهه الكثيرة التى أمتعنا بها، والتى تؤكد عظمة موهبته وفن، فحين تراه فى فيلم "حتى آخر العمر" وهو يجسد شخصية الفتى الوسيم الرومانسى لا تصدق أنه هو ذاته المزجنجى فى فيلم الكيف والمعلم عبدالملك زرزور المرعب فى فيلم "إبراهيم الأبيض".
وفى كل أدواره تقتنع به وتصدقه وتحبه وتكرهه وتضحك معه وعليه وتحفظ عباراته وإيفيهاته ولا تمل من تكرار أعماله.
أخلص الساحر لفنه وأتقن تفاصيل شخصياته فسكن قلوب الجماهير فى كل أنحاء العالم العربى وأصبح أحد أعمدة الفن ورموزه الذين سكنوا الوجدان العربى وعاشوا وسيعيشون للأبد رغم رحيلهم، رحمة الله على الساحر المبدع المتحرر محمود عبدالعزيز.