تسود الشارع العراقى حالة من الرعب والفزع بعد كشف قائد شرطة بغداد عدنان حمود السلامي، عن تسجيل فقدان 450 طفلا عراقيا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، فيما أكد وجود حاجة لتعديل قانون الاتجار بالبشر.
وقال السلامى فى تصريحات له أن "قانون الاتجار بالبشر لعام 2012 جاء متأخراً، وبحاجة إلى تعديل لبعض فقراته"، مشيرا إلى "تشكيل لجنة فى وزارة الداخلية العراقية برئاسة أحد القضاة ومدير إصلاح الأحـداث، حيث أجرت تعديلات عليه لحماية حقوق الإنسان".
ونوه السلامى بـ"رصد العديد من الجرائم فى شرطة محافظة بغداد، حيث لا يخلو يوم من فقدان أطفال من كلا الجنسين فى ظروف غامضة، وقد بينت الإحصائيات فقدان أكثر من 450 طفلا منذ بداية العام الحالى ولغاية نهاية أكتوبر الماضي".
وتابع أنه "تم تشكيل لجنة من ضباط الشرطة العراقية، أكدت وجود جرائم الاتجار، وتم إلقاء القبض على مرتكبيها، ومازالت القوات الأمنية تلاحق بعضهم".
وأكد السلامى: "وجود مواد قانونية مهمة ضمن قانون الاتجار بالبشر، أهمها المادة 6 التى نصت على معاقبة المجرم الذى يستغل الحدث دون 18 عاماً لأغراض الدعارة والتسول والبغاء وتجارة الأعضاء البشرية، بالسجن المؤبد وغرامة بين 15 - 25، وفى حالة موت الضحية يعاقب بـالاعـدام، حيث تخضع لهذا القانون أيضاً مافيات التسول، مع وجود عقوبات قاسية لمستغلى الاحداث من ذوى الاحتياجات الخاصة". ا
بدوره، أكد زعيم تيار الحكمة العراقى عمار الحكيم أن إعلان قيادة شرطة بغداد فقدان 450 طفلا خلال الأشهر العشرة الماضية يمثل ناقوس خطر داهم يضع الحكومة وأجهزتها الأمنية والاستخبارية على محك المسؤولية العاجلة والضرورية، فى التعامل مع ملف خطير يستدعى تكاتف جميع الجهود الأمنية والاستخبارية والإعلامية الاستقصائية والمجتمعية؛ لكشف ملابساتها ومدى ارتباطها بعصابات الجريمة المنظمة وعصابات الإتجار بالبشر.
وشدد "الحكيم" على ضرورة التوصل إلى مرتكبى هذه الجرائم والإسراع بتقديمهم إلى العدالة وتطمين الشارع على رصانة وسلامة الإجراءات المتخذة.
وبدء انتشار التجارة بالبشر فى العراق بعد عام 2003 بأشكاله المختلفة ما بين استغلال الأطفال للتسول وإجبار النساء عل العمل فى شبكات الدعارة وتجارة الأعضاء البشرية ولكثرة انتشار هذه الجرائم دفع البرلمان العراقى إلى اقرّار قانون رقم (28) لسنة 2012 والذى عرف الاتجار بالبشر أنه "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، بوساطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر، بهدف بيعهم أو استغلالهم فى أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسى أو السخرة أو العمل القسرى أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية".
دوليا، أعلن تقرير وزارة الخارجية الامريكية الصادر فى عام 2020 أن الحكومة العراقية لا تفى بشكل كامل بالمعايير الدنيا للقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر، ولكنها تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق ذلك، حيث أظهرت الحكومة العراقية جهودًا متزايدة بشكل عام مقارنة بالفترة المشمولة بالتقرير السابق، وذلك مع الأخذ فى الاعتبار تأثير جائحة فيروس كورونا. وبناء على ذلك، ظل العراق فى المستوى الثاني.
فيما أكد المرصد العراقى لضحايا الاتجار بالبشر على أن "الأطفال دون السادسة عشر يشكلون ثلثى الضحايا". كما سجل المرصد 13جريمة اتجار فى بغداد والمحافظات فى تقريره الخاص بشهر نوفمبر 2021، ورصد "ثلاث شبكات للاتجار بالبشر فى بغداد يستدرجون ضحاياهم من خلال صفحات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي". وأشار المرصد إلى أن "شخصيات حكومية متورطة فى هذه الشبكات توقع ضحاياها من خلال نفوذها فى المؤسسات الأمنية".
ويعزو مراقبون اتساع ظاهرة الاتجار بالبشر فى العراق إلى تزايد حدة الفقر والبطالة، وضعف الأمن، وقوة المليشيات التى تقوم بدعم الشبكات الإجرامية والانتفاع منها مادياً، حيث أدى أيضا غياب القانون وضعف دور الأجهزة الأمنية فى العراق لانتشار الجريمة المنظمة وسيطرة العصابات وتنفذها فى عاصمة البلاد، ما جعل بغداد فى قائمة أسوء المدن للعيش فى العالم نتيجة انتشار عصابات الاتجار بالبشر والميليشيات المسلحة المتنفذة فى الدولة والتى تمتلك الحصة الأكبر من شبكات الاتجار وتوفر لها الحماية الأمنية والقانونية.