فى الوقت الذى كثرت فيه المخاوف والذعر من تأجج أزمة الغاز الطبيعى فى أوروبا بحلول فصل الشتاء، بسبب نقص الإمدادات الروسية على خلفية حرب روسيا وأوكرانيا والعقوبات التى تفرضها أوروبا على موسكو، تحاول القارة العجوز تجنب أسوأ السيناريوهات، حيث هناك توقعات بانفراجة قريبة فى تلك الأزمة التى تمثل صداعا كبيرا فى رأس أوروبا.
وقالت صحيفة "بولسا مانيا" الإسبانية فى تقرير لها عن أزمة الغاز فى اوروبا بحلول الشتاء، إنه فى ظل المخاوف المحيطة فإن هناك ما يجعل القارة تشعر بالأمان إلى حد كبير ومن بين تلك الأسباب، هى أنه تم ملء 95% من سعة تخزين الغاز فى الاتحاد الأوروبي، وساعدهم على ذلك الخريف الدافئ بشكل استثنائي، ولذلك فقد هدأت المخاوف تجاه نقص احتياطات الطاقة.
وأكد خبراء فى كوبرنيكوس الأوروبية، التى تراقب تغير المناخ، أن هناك توقعات بأن المناطق الساحلية فى بحر البلطيق والبحر الابيض المتوسط وبحر الشمال أن تشهد تلك المناطق درجات حرارة أعلى من المتوسطات التاريخية فى هذا الشتاء.
وأشار الخبراء إلى أنه يمكن أن تؤدى درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعى إلى تقليل الطلب على الغاز الطبيعى، الذى سارعت الدول الأوروبية إلى تخزينه، خاصة بعد أن أدت حرب روسيا ضد أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات قياسية، مما ساهم فى أزمة تكلفة المعيشة فى جميع أنحاء المنطقة.
وأشارت الوكالة إلى أن هناك احتمال بنسبة 50-60٪ أن تكون درجات الحرارة أعلى بكثير من المعايير التاريخية فى معظم أنحاء المملكة المتحدة ووسط وجنوب أوروبا. ستساعد درجات الحرارة الأكثر دفئًا فى منع استنفاد احتياطيات الغاز الطبيعى النادرة.
وكتبت مجموعة أوراسيا فى مذكرة منشورة: "تتوقع معظم نماذج الطقس ظروفًا معتدلة نسبيًا للفترة المتبقية من عام 2022، لذلك من المحتمل أن يكون هناك ما يكفى من الغاز لتلبية الطلب، حتى فى حالة البداية الباردة حتى عام 2023".
ومن ناحية أخرى، انتشرت تحذيرات اصدرتها وكالة الطاقة الدولية من أن اوروبا عليها أن لا تشهر بالامان الكامل تجاه ازمة الغاز، حيث أنه فى هذا الوقت من العام المقبل، قد تكون مواقع التخزين ممتلئة بنسبة 65% فقط، بالنظر إلى الصعوبات التى قد تواجه القارة فى إعادة تعبئتها خلال الربيع، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
تعنى المخاطر العديدة على أمن الطاقة، العام المقبل ضرورة مضاعفة الجهود لتجنب النقص فى الشتاء المقبل. فى مواجهة حالة عدم اليقين بشأن العرض، ويكافح القطاع على وجه الخصوص للتخطيط للمستقبل. سيظل النشر السريع للطاقة المتجددة والمضخات الحرارية وتدابير كفاءة الطاقة مهمًا، إلى جانب تعزيز المبادرات لتقييد الطلب على الغاز.
هذا بالاضافة إلى أن الخبراء أيضا اكدوا أن أسعار الغاز فى الاتحاد الأوروبى ستظل أعلى من 100 يورو على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ما سيؤدى إلى تحويل الأموال من أوروبا إلى الدول المنتجة.
ووفقا لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، من الممكن أن تخضع الصناعة الأوروبية أيضا لعملية تحول، والتى فى ظل ظروف التكلفة العالية لموارد الطاقة، يجب أن تحافظ على قدرتها التنافسية فى السوق العالمية، مشير إلى أنه على الرغم من ارتفاع الأسعار المصاحب للمضاربة، فإن سعر الغاز يتحدد من خلال آليات السوق، وخاصة نسبة العرض والطلب.
ونقلت الصحيفة عن كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزى الأوروبى قولها: "أسعار العقود الآجلة للغاز سترتفع لفترة لأن الدول الأوروبية ستضطر لدفع علاوة لجذب الغاز الطبيعى المسال ليحل محل الغاز الروسي".
ورغم انخفاض الأسعار بسبب الطقس الملائم فى أوروبا، وتأجيل موسم التدفئة بعد "سباق" أثارته الحاجة الملحة لملء مرافق التخزين، لا تزال تكلفة الغاز أعلى مما كانت عليه قبل عام 2021، حيث يستخدم الغاز فى إيطاليا لإنتاج أكثر من 40% من الكهرباء.