مثل هذا اليوم فى العام 2012 كتبت منشورا على فيس بوك، ظهر لى اليوم ضمن خاصية «Memories» عندما قرأته امتزجت بداخلى المشاعر، بين الراحة لما وصلنا إليه اليوم، والحزن على ما شاهدناه وعايشناه بين 2011 و2014، كتبت وقتها بحسرة قلب عن الأطفال الذين استشهدوا فى حادث تصادم أتوبيس إحدى المدارس وقطار، وهى نوعية الحوادث التى كنا نعيشها كثيرا نتيجة الإهمال وقلة الضمير، وكذلك كان الموت هو نوعية الأخبار التى اعتدنا على سماعها فى هذه الفترة، لكن هذا الحادث كان الأصعب والأقسى على مصر وأهلها، استيقظنا يومها فى الصباح الباكر على عشرات الجثث الصغيرة، مشوهة لا نستطيع تحديد ملامحها، لا تستطيع الأم التى فقدت ابنها فى الحادث التعرف على ملامح وجهه فتضمه إلى أحضانها الضمة الأخيرة، كل ما كان يمكن التعرف عليه هو الكراسات والأسماء التى كانت مكتوبة بالأقلام وامتزجت الكتابة بالدماء، أشعر الآن بما كنت أشعر به وقتها، حسرة قلب على صغار راحوا نتيجة نظام «إخوانى» لا يريد الإصلاح وإنما يريد التفتيت والتفرقة وزرع الفتنة والإرهاب ليتمكن ويحكم كيفما يشاء، خوف على صغار سيأتون لهذه الدنيا قد يكون من بينهم صغار يخصوننى، وربما يلاقون نفس المصير، لكن هذا المصير نكتبه نحن بما نقرر فعله، وقد منح الله المصريين وقتها القوة ليرفضوا هذا المصير ويغيرونه فى 2013.
أعتذر عن قسوة الكلمات السابقة ولكنى أكتبها اليوم لأذكر نفسى وغيرى من المصريين بما كنا نعيشه من إرهاب ودمار يوميًا، وما كنا نخشاه وقتها من موت مجانى يحاوطنا وأهلنا كبارًا وصغارًا فى كل مظاهر الحياة اليومية فى مصر، أكتب هذه الكلمات وأنا أتمنى من الله أن يبقى قلب رئيس مصر لا يشغله سوى مصر، وضميره لا يعرف سوى العمل لراحة وعزة وكرامة أهلها، كل أهلها حتى هؤلاء الذين اختلفوا معك واختلفوا عليك، وأنا كنت واحدة منهم، كنت أحد الذين وقعوا على استمارات تمرد وفوضتك لتخلصنا من هلاك الإخوان وجحيمهم وخرجت فى 30 يونيو، ورغم ذلك لم أمنحك صوتى فى الانتخابات الرئاسية، وعارضت حكمك فى بدايته، وقبل كل ذلك هتفت فى الميدان ضد كل الحكومات والمجالس والمراحل الانتقالية، وهتفت ضد رموز وطنية أتمنى أن يغفروا لى ما فعلت بعدما رحلوا، لكن ما هى إلا شهور قليلة وتبدل الموقف تمامًا، بعدما وضعت طفلى الأول وصار يكبر أمام عينى يومًا بعد يوم أرى فى كل يوم منها أمنًا يستقر، اختفت مشاعر الخوف التى كنت أشعر بها قبل سنوات، لم يعد خروج هذا الطفل إلى المدرسة مشهدًا يؤرقنى، تخلصت من هذا الرعب، بل صار الطفل اثنين، وصرت أحسب الأيام حتى يلتحقا بالمدرسة ويكبرا ويصيرا رجلين فى بلدهما، أحلم معهما بمستقبلهما، الكبير يريد أن يصير ضابطا، يشاهد مسلسل الاختيار فيختار هو أيضًا أن يكون المنسى قدوته، ويصير المنسى هو بطله الخارق المفضل، فأشعر بالفخر وبالأمان وبالفرحة، مشاعر لم أكن لأشعر بها لولا ما أنجزته سيادتك فى مصر على مدار أعوام.
هذا التحول الذى حدث فى موقفى أعتز به، فهو بمثابة إيمان بعد كفر، وأظن أنه موقف للكثير من الشعب المصرى الذى استطعت أنت أن تمس قلبه مباشرة بموقف مثل الذى عشته أنا أو غيره، كثيرون تبدلت أحوالهم ومشاعرهم وحياتهم ومستقبلهم وحتى حاضرهم بما تقدمه أنت لمصر وأهلها، لعل الفلاح البسيط يشعر بذلك فى خدمة حصل عليها ضمن مبادرة حياة كريمة، ولعل العامل شعر بذلك فى مصدر رزق كان من نصيبه فى أحد مشروعات الدولة القومية، ولعل سيدة بسيطة شعرت به نتيجة تمكنها من إنشاء مشروعها الخاص، ولعل واحدا من ذوى الهمم يشعر بذلك نتيجة إدماجه فى الدولة وحصوله على الحق فى الحياة، ولعل شيخا كبيرا يشعر بذلك نتيجة تعافيه من فيروس كان ينهش فى كبده سنوات ثم تخلص منه بفضل مبادرة مصر خالية من فيروس C، ولعل الملايين غيرهم وغيرى يشعرون بهذا نتيجة أعمال كهذه وغيرها كثير، ولعل المشهد الأبرز اليوم هو قمة المناخ التى أقيمت فى مدينة شرم الشيخ وفتحت فيها مصر أبوابها لكل العالم، الذى أتى إليها وهو مطمئن أنه لن يتعرض لحادث إرهابى فى المدينة التى هدد هؤلاء الخونة منذ سنوات باستمرار العمليات الإرهابية فيها إن لم يتوقف الرئيس عبدالفتاح السيسى عن محاربتهم، فها هى اليوم المدينة الساحرة، آمنة بلا عمليات إرهابية مثلها مثل كل شبر فى مصر، وها هو الرئيس يقدم لنا الهدايا ويمنحنا الأمن ويرعانا ويضع مصر فى مكانتها الصحيحة ويعيد إليها أمجادا لم تكن لتحدث لولاه، لذا سيدى الرئيس اسمح لى أن أتمنى لسيادتكم ولمصر ولنا أمنية واحدة، وهى الأمن، فكل عام ونحن فى حضرتكم مطمئنين متقدمين نبنى حضارة جديدة يفتخر بها المصريون والعالم مثلما يتحدث العالم عن حضارة الأجداد، كل عام ونحن فى حضرتكم آمنين.