مع حلول الذكرى الـ 59 لاغتيال الرئيس الأمريكى جون كنيدى، تتجدد التساؤلات المتعلقة بوثائق اغتياله، التى لا تزال الآلاف منها طى الكتمان حتى الآن.
فى ديسمبر الماضى، نشر الأرشيف الوطنى الأمريكى نحو 1500 وثيقة متعلقة بالتحقيق الذى أجرته الحكومة الامريكية، وجاء هذا بعد موعد زمنى وضعه الرئيس جو بايدن فى أكتوبر 2021، بعد دعوى قضائية أقامتها منظمة مارى فيرل التى تمتلك قاعدة بيانات إلكترونية شاملة للسجلات المرتبطة باغتيال كينيدى فى مدينى دالاس الأمريكية عاما 1986 على ى لى هارفى أوزوالد، وتماشيا مع القانون الفيدرالى الذى يطالب بالكشف عن السجلات الموجودة فى حوزة الحكومة الأمريكية.
القصة بدأت فى 26 أكتوبر 1992 عندما أقر الكونجرس الأمريكى قانون جمع سجلات اغتيال الرئيس جون كينيدى، والذى وجه هيئة السجلات والمحفوظات الوطنية (الأرشيف الوطنى) لإنشاء مجموعة سجلات تعرف باسم سجلات اغتيال كينيدى، ونص القانون على أن تتجمع المجموعة من نسخ لكل السجلات الحكومية الأمريكية المرتبطة بحادث الاغتيال، وأن يتم وضعها فى مبنى الأرشيف فى كوليدج بارك بولاية ماريلاند. وتشمل المجموعة أى مواد تم إنشائها أو أتيحت للاستخدام أو تم الحصول عليها أو أصبحت بحوزة أى ولاية أو مكتب إنفاذ قانون محلى قد دعم أو مساعدة أو أدى عملا على صلة بالتحقيق الفيدرالى فى الاغتيال.
ولاحقا، تم إصدار قانون مجلس مراجعة سجلات الاغتيال، للنظر فى القرارات المتعلقة بكشف الحكومة الأمريكية عن سجلات متعلقة بما حدث أو حتى تأجيلها.
وطلب قانون سجلات جون كنيدى، الذى وقعه الرئيس السابق بيل كلينتون، أن يتم الإعلان عن الوثائق بحلول 26 أكتوبر 2017، لكن الرئيس دونالد ترامب أرجاء الإفراج وترك الكرة فى ملعب الرئيس الحالى جو بايدن، الذى يقول المعارضون إنه استمر فى سياسة التعتيم الفيدرالى الموجودة منذ اغتيال كينيدى فى 22 نوفمبر 1963، فى موكب مفتوح فى ديلى بلازا فى دالاس.
يأتى هذا فى ظل العديد من نظريات المؤامرة التى تتردد عن اغتيال الرئيس الأمريكى، من بينها أن أجهزة المخابرات الأمريكية تورطت فى الأمر، وكذلك المافيا ونائب الرئيس ليندون جونسون، أو رئيس كوبا السابق فيدل كاسترو أو ربما الاتحاد السوفيتى.
وفى التحقيق الأولى الذى أجراه الإف بى أى، ولجنة وارن المعنية بالتحقيق فى هذا الأمر، خلصوا إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية قد تسترت على معلومات، وأن الحكومة الفيدرالية تعمدت إخفاء معلومات هامة فى أعقاب الاغتيال. وقدر المدعى العام السابق فى لوس انجلوس فسنت بوجليوسى أن هناك 42 مجموعة و82 قاتل و214 شخصد قد اتهموا فى سيناريوهات مؤامرة مختلفة.
لكن فى عام 1964، خلصت لجنة وارن إلى أن أوزوالد هو الشخص الوحيد المسئول عن اغتيال كينيدى، على الرغم من اوزوالد نفسه قتل بعد يومين من الحادث على يد جاك روبى، وهو مالك ناد ليلى كان له صلة بالمافيا، وأنهى حياة أوزوالد بينما كان يجرى نقله من سجن المدينة إلى سجن المقاطعة.
ويظل هناك ما يقرب من 14 ألف وثيقة تتعلق باغتيال كينيدى لم يتم الكشف عنها بعد، وامتثل الرئيس السابق دونالد ترامب لطلب وكالة المخابرات الأمريكية بتأجيل الكشف عن الوثائق لأسباب تتعلق بالأمن القومى، وفى العام الماضى وبعد دعوى قضائية، وافق بايدن على الكشف عن نحو 1500 وثيقة، لكنها لم تتضمن معلومات هامة. ولا تزال المعركة مستمرة حتى الآن بشأن هذه الوثائق.
وفى تقرير لها الأسبوع الماضى، طرحت مجلة بولتيكو بعض الأسباب وراء عرقلة الكشف عن الوثائق حتى الآن منها، أن ضغطت وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالى للإبقاء على سرية الوثائق لأنها تحتوى على الأسماء والتفاصيل الشخصية لمخبرى المخابرات وإنفاذ القانون الذين لا يزالون على قيد الحياة من الستينيات والسبعينيات والذين قد يتعرضون لخطر الترهيب أو حتى العنف إذا تم التعرف عليهم علنًا.
العديد من هذه المصادر، وهم الآن من كبار السن، أن لم يكونوا على وشك الموت، هم من الأجانب الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة، مما يعنى أنه سيكون من الصعب على الحكومة الأمريكية حمايتهم من التهديدات، كما حجبت وكالة المخابرات المركزية المعلومات الواردة فى الوثائق التى تحدد موقع محطات وكالة المخابرات المركزية والمخابئ فى الخارج، بما فى ذلك العديد من تلك التى كانت قيد الاستخدام بشكل مستمر منذ وفاة كينيدى فى عام 1963.
تظهر مراسلات الأرشيف أنه فى حين أن الكثير من المعلومات التى لا تزال سرية مرتبطة بشكل غير مباشر بالاغتيال، فإن بعضها يأتى مباشرة من "ملفات التحقيق الرئيسية" لمكتب التحقيقات الفيدرالى حول مقتل كنيدى ويتضمن ذلك ملفات القضايا بشأن لى هارفى أوزوالد، قاتل كينيدى، وجاك روبي.