أعلن الرئيس السادات عن تأسيس «الحزب الوطنى الديمقراطى» يوم 7 أغسطس 1978، وتولى رئاسته، فانضم إليه أعضاء حزب مصر العربى الاشتراكى «الوسط»، الذى كان يقوده ممدوح سالم رئيس الحكومة، مما أدى إلى موته سياسيا بعد أن حصل على الأغلبية البرلمانية فى انتخابات عام 1976، وفى مواجهته كان حزب الأحرار، بزعامة مصطفى كامل مراد، يمثل المعارضة.
رأى السادات أهمية أن يؤسس الحزب الوطنى ليعبر عن المرحلة التاريخية الجديدة التى تدخلها مصر، وهى مرحلة السلام مع إسرائيل، كما رأى أن هذا يلزمه وجود حزب معارض، خاصة أن حزب التجمع اليسارى، بزعامة خالد محيى الدين، رفض «كامب ديفيد»، وأصبحت معارضته جذرية للسادات، وعلى هذا الأساس قام هو ومعه أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى بالتوقيع على وثيقة لتأسيس حزب العمل الاشتراكى كحزب معارض، برئاسة المهندس إبراهيم شكرى، كما وقع عليها الدكتور مصطفى خليل رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، أثناء اجتماع الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى فى 23 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1978، حسبما تذكر الأهرم فى عدد 24 نوفمبر 1978.
أعلن الرئيس فى هذا الاجتماع، أنه لا معنى على وجه الإطلاق أن يكون حزب الأغلبية دون وجود حزب معارض، وقال: إذا كان قانون الأحزاب يشترط وجود 20 عضوا من أعضاء مجلس الشعب لقيام الحزب الجديد، وهو لم يحصل على هذا العدد من النواب، فإن من واجبنا أن نساعده، لأن قيام حزب المعارضة يقوى حزب الأغلبية.
امتدح السادات رئيس حزب العمل، قائلا: «نرى فى إبراهيم شكرى زعامة وطنية مخلصة، قادرة على إعادة تأسيس الحزب الاشتراكى الذى كان قائما قبل سنة 1952، والذى كان مع الحزب الوطنى يمثلان اليسار الوطنى السليم فى مصر قبل سنة 1952»، وقال: إنه سيوقع معه وثيقة تأسيس الحزب الجديد، وأضاف: «أدعو أعضاء الحزب الوطنى إلى أن يوقعوا معى هذه الوثيقة، إذا كانوا بالفعل يؤمنون بأهمية قيام معارضة قوية».. تذكر الأهرام أنه على أثر هذه الدعوة، توافد الأعضاء على موثق الشهر العقارى الذى كان موجودا فى إحدى قاعات مبنى مجلس الشعب ليوقعوا وثيقة تأسيس الحزب الجديد.
هاجم السادات فى حديثه المتطرفين فى اليمين واليسار، واتهمهم بأنهم لم يستوعبوا حقائق المجتمع المصرى الجديد، وظنوا أن الديمقراطية الحزبية فرصة لكى يتجهوا إلى الهدم وتزييف الحقائق والتاريخ، وأشار إلى عدم إعجابه لما حدث بمجلس الشعب منذ عام 1976 «كانت هناك معارضة برلمانية ممثلة فى حزبى التجمع والأحرار المستقلين».. قال: «اختطفت الديمقراطية عندنا والحزبية بمفاهيم زائلة تماما، وحصلت فى المجلس عندكم فى الدورتين اللى فاتوا مهاترات وتهجم، ومحاولة توبيخ كل إنسان بيتعرض للمسؤولية، كان الهجوم المستمر والعلنى على كل شىء لهدم كل شىء، هى دى المعارضة اللى اتعلمناها للأسف، احنا عاوزين نقول لهم لا».
ورأى السادات أن ما حدث يشبه الممارسة الحزبية فى مرحلة ما قبل ثورة يوليو 1952، وهاجم هذه المرحلة بعنف، قائلا: «موظف بالسفارة البريطانية بدرجة سكرتير، سكرتير فقط، كان هو الأمل والمرتجى سبيلا للى مشتاق للحكم، ماكنش فيه حاكم، يعنى قصر الدوبارة «السفارة الإنجليزية» وقصر عابدين اللى فيهم مصدر السلطات كان فيهم المرتجى».. وأضاف: «أرجو أن يعرف شباب اليوم أن الوزارات التى كانت تحكم مصر بشعارات الديمقراطية الزائفة، كانت تؤلف فى دور اللهو وعلى موائد القمار، وأن الملك السابق قبل عرضا بأن يقيل وزارة مقابل مليون جنيه، وجد من يدفعها فى ذلك الحين قبل أشهر قليلة من قيام الثورة، أرجو أن يعرف شباب اليوم أن هناك من بين وزراء حزب الأغلبية المبرزين فى ذلك الوقت «أمين عثمان» من نادى علنا بأن علاقتنا ببريطانيا العظمى المستعمرة لبلادنا هى علاقة زواج كاثوليكى لا انفصال فيه، يعنى إذا سابتنا بريطانيا احنا مش هنسيبها أبدا».
بعد أن انتهى السادات من حديثه، عقد إبراهيم شكرى مؤتمر صحفيا مشتركا مع منصور حسن، أمين شؤون الإعلام بالحزب الوطنى، مشيدا بخطوة الرئيس الذى وجد أن نزوله إلى الشارع السياسى بإعلانه تكوين الحزب الوطنى الديمقراطى كان فى الواقع دافعا للغالبية الساحقة من أعضاء مجلس الشعب للانضمام إلى الحزب الوطنى، مما جعل فرصة قيام حزب معارض له يكاد يكون مستحيلا، وكشف شكرى عن أن الرئيس حين طلب من أعضاء الحزب الوطنى الانضمام لحزب العمل لم يستجب لدعوته سوى 6 أعضاء فقط، فطلب الرئيس من جميع الحاضرين التوقيع معه على تأسيس حزب العمل، وبهذه الخطوة أصبح قائما، وقال شكرى: «أريد أن أوضح أننا لسنا حزبا مصنعا، نحن مجاهدون كان لنا وسيكون لنا باستمرار دورنا».
يذكر أن حزب العمل تحول بعد ذلك إلى المعارضة الشديدة للسادات، وسحب اعترافه باتفاقية كامب ديفيد.