ألقت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان منذ نهاية العام 2019 بظلالها على مختلف القطاعات الثقافية في البلاد ومنها دور النشر.
فبعدما خسرت بيروت لقبها كعاصمة للكتاب، ها هي اليوم تخسر دورها كـ"مطبعة الشرق" في ظل الأزمات المتلاحقة، وغياب الجهود لإعادة تفعيل دور المدينة الثقافي والفكري والأدبي.
وفق نقيبة اتحاد الناشرين في لبنان وعضو اتحاد الناشرين العرب سميرة عاصي، فقد تراجع عمل دور النشر في لبنان بمعدل 80 في المئة.
وقالت عاصي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "لم تعد القراءة من أولويات اللبنانيين في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد"، مرجعة وصول المستوى الثقافي في لبنان إلى هذا المستوى للعاملين الاقتصادي والاجتماعي معا.
وأوضحت عاصي: "لم يعد الكتاب أولوية لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين بسبب الوضع الاقتصادي المزري الذي وصلت إليه البلاد، فالهمّ الأساسي للمواطن اللبناني أصبح تأمين طعامه وشرابه والحصول على الأدوية إن وجدت".
وتابعت: "أصبحت الكتب وخاصة الثقافية من الكماليات في وقتنا هذا، وبالنسبة للكتاب السياسي صار عمره الافتراضي أقل من 4 أشهر، أما كتب التراث فصارت تتغير وفقا للظروف والمتغيرات التي تدخل على المجتمعات الا أن الطلب الأكبر حاليا هو على الروايات والكتب الاقتصادية والعلمية".
ووصفت عاصي الناشر اللبناني بالنشيط الذي يبذل مجهودا مميزا وفرديا بالرغم من كل الظروف التي لا تلعب لصالحه، موضحة: "نعتمد في وقتنا الحالي على المعارض التي تقام في الدول العربية وكافة دول الخليج خصوصا بعد التراجع الكبير في القدرة الشرائية للقارئ بلبنان".
وكشفت عاصي أن النقابة تبذل جهودا حثيثة لافتتاح أسواق جديدة لبنانية في إندونيسيا وكازاخستان وإفريقيا ونيجيريا، من خلال إقامة معارض في هذه الدول.
وأشارت عاصي إلى أن الكثير من دور النشر أقفلت أبوابها، وبعضها ما زالت تكافح للبقاء، وهناك من خفض إصداراته بنسبة 70 في المئة، حيث وصلت كلفة طباعة الكتاب إلى 3000 دولار أو أكثر.
وثمنت عاصي "تفاعل الدول العربية مع دور النشر اللبنانية وتسهيل نشاطها خصوصا في زمن الأزمة".
ويوافق مدير الإنتاج في الدار العربية للعلوم - ناشرون، غسان شبارو، ما ذهبت إليه عاصي بأن الأزمة الاقتصادية تركت أثرا سيئا على هذا القطاع.
وبيّن شبارو في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "تراجعت كمية الإصدارات عما كانت عليه قبل الأزمة، وقبل عام 2019 كانت طبعة نسخ الكتاب تصل الى أكثر من 3000 نسخة في الإصدار الواحد، واليوم وصلنا الى مئة نسخة فقط".
وعزا شبارو ذلك الى عدة أسباب منها استخدام الإنترنت وتطبيقاته وسائر وسائل التواصل الاجتماعي التي أثرت سلبا على الكاتب والقارئ معا.
ولفت شبارو إلى أن "الكتب لم تعد أولوية باستثناء الرواية التي لا زالت في الطليعة
وعلى الرغم من كل الصعوبات التي تواجه قطاع النشر في لبنان، تظهر بين الحين والآخر مبادرات لدعم هذه الصناعة مثل مبادرة شبابية لافتة كشفت عنها مسؤولة النشر في دار النهضة لينا كريدية في حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية" حيث قالت: "إنها مبادرة ساهمت في نشر الكتب من خلال التعاون بين دار النهضة في بيروت وبين الصندوق العربي للثقافة والفنون- آفاق، والتي تم من خلالها نشر 20 ديوانا لمجموعة من الشباب من مختلف أنحاء العالم العربي تشجيعا لعودة الحياة الثقافية لجيل الشباب المثقف".