أثار قرار الدول الغربية وضع سقف لسعر النفط الروسى عند 60 دولار للبرميل خلافا حول تداعيات هذا القرار على ميزانية روسيا واقتصادها، ما بين طرف يرى أن تأثيره وإن لم يكن وشيكا، فإنه قادم لا محالة، وآخر يرى أنه هذا عرضا سخيا.
وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن القيود الغربية الجديدة على مبيعات الخام الروسى ربما لن تؤثر بشكل مباشر خزائن روسيا العامة على الفور، لكنها تضيف ضغوطا مالية تهدد قطاع النفط المتضرر من العقوبات المفروضة على البلاد، وتهدد أيضا قدرتها على المدى الطويل على تمويل الحرب فى أوكرانيا.
وكانت الدول الغربية قد فرضت يوم الإثنين الماضى سقف للمبيعات الدولية للخام الروسى. وهذه الإجراءات التى تهدف إلى توجيه ضربة لصندوق الحرب التى يشنها الكرملين، تشمل حظرا على شحنات الخام الروسى البحرية من قبل الاتحاد الأوروبى وبريطانيا، بينما وضعت مجموعة السبع سقفا لمبيعات أخرى بمنع الشركات الغربية من تأمين أو تمويل أو شحن الخام الروسى بما يزيد عن 60 دولار للبرميل.
وتوضح وول ستريت أن تلك العتبة تقع بين معيارين رئيسيين للاقتصاد الروسى، فهى فوق التكلفة التى تقدرها روسيا للإنتاج بنحو 40 دولار للبرميل، وفقا للمحللين، وهو ما يعنى أن يظل بإمكان موسكو جنى أرباح من أغلب صادرتها النفطية. ويتم بيع الخام الروسى الأساسى، الأورال، بأقل من 50 دولار للبرميل، وهو أقل بكثير من المعايير الدولية.
إلا أن سعر الـ 60 دولار للبرميل يظل أقل من سعر التعادل المالى لروسيا والذى يزيد عن 70 دولار للبرميل، وهو السعر الذى يقول المحللون إنه مطلوب لتحقيق التوازن فى ميزانيتها. ومن ثم، فإنه برغم أن أسعار الخام الروسيى ترتفع فى النهاية إلى مستوى الحد الأقصى، فإن إيراداته لن تكون كافية لتغطية جميع تكاليف روسيا، مما يزيد عجز الميزانية.
وقال ليام بيتش، خبير اقتصاد الأسواق الناشئة فى كابيتال إيكونوميكس، إن التمويلات العامة تظل تحت ضغط، وستظل الميزانية فى عجز، مما يتطلب من الحكومة الإبقاء على موقف مالى صارم.
وعلى العكس من تحليل "وول ستريت"، قالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن سقف سعر النفط الروسى الذى حددته دول مجموعة السبع عند 60 دولار للبرميل ليس منخفضا بما يكفى ليضرب بشكل كبير عائدات الكرملين العام المقبل، ويقول خبراء الاقتصاد أنه حتى لو أدى إلى تراجع فى إنتاج الخام، فإن الرئيس فلاديمير بوتين يظل لديه موارد هائلة لتمويل جهود الحرب، على الأقل فى الوقت الراهن.
وقالت صوفيا دونتيس، الخبيرة الاقتصادية فى رينيسانس كابيتال، إنه بتحديد 60 دولارا ثمنا للبرميل، فإن الحد الأقصى للسعر يبدو كريما للغاية، وهو قريب من تسعيرة السوق لعام 2023، ومن المستوى المقترح فى ميزانية روسيا.
وكان المسئولون الأوروبيون قد روجوا للحد الأقصى للسعر، الذى تم التفاوض عليه الأسبوع الماضى بعد أشهر من المساومة بين الولايات المتحدة وحلفائها، باعتباره وسيلة لتجويع آلة الحرب الروسية. لكن فى الواقع، بذل المخططون جهدا للتأكد من أن المستوى لم يكن منخفضا للدرجة التى يمكن أن تدفع الكرملين لتخفيض الإنتاج بشكل كبير، بما يمكن أن يخاطر برفع الأسعار عالميا.
ولم تعلن روسيا ردها حتى الآن، إلا أن المسئولين يقولون إنهم يخططون لمواصلة تحويل التدفق إلى دول مثل الصين والهند ـ اللتين لم توقعان رسميا على حد السعر.
وتوضح بلومبرج أنه حتى بدون وضع حد أقصى للسعر، وفى ظل قيود الشحن والتأمين التى تهدف لعرقلة التجارة الروسية، فإن الكرملين كان يتوقع تراجعا يقترب من 2.5% فى عائدات الضرائب من النفط والغاز مع تراجع الإنتاج وبعض الأسعار. وحتى مع زيادة الإنفاق على الحرب، فإن روسيا استطاعت أن تغطى العجز فى ميزانيتها بسهولة بالاعتماد على صندوق الثروة الخاصة بها، والاقتراض من ندات السوق المحلية، فى الوقت الذى لم تترك فيه العقوبات للمستثمرين بدائل كثيرة.