قالت صحيفة واشنطن بوست إن جهود الرئيس الأمريكى جو بايدن التي استمرت 10 أشهر لإطلاق سراح لاعبة السلة الأمريكية المحتجزة لدى روسيا بريتنى جرينر واجهت مقاومة عنيدة من الحكومة الروسية التي كانت مصممة لانتزاع أقصى قدر من التنازلات لإطلاق سراحها.
كما واجه الرئيس معارضة من وزارة العدل الأمريكية التي رأت صفقة تبادل السجناء، جرنير بتاجر السلاح الروسى فيكتور بوت، كخطأ نظرا لمدى اختلاف الاتهامات التي ارتكبها السجينان، بحسب ما قال مسئولون مطلعون على الأمر.
وتم القبض على جرنير، اللاعبة الأوليمبية، خارج موسكو فى فبراير الماضى لحيازتها كمية صغيرة من زيت القنب، وهو مادة محظورة فى روسيا، فى حين أن بوت الملقب بتاجر الموت وتسببت أسلحته فى إشعال صراعات فى مناطق عديدة، أدين وحكم عليه بالسجن 25 عاما فى سجن فيدرالى أمريكى لتحويلاته غير الشرعية مع الأنظمة العنيفة والجماعات المسلحة.
وبعد مبادلة السجينين، اشتعل نقاش عام فى الولايات المتحدة حول الكيفية التي تتعامل بها الحكومة الأمريكية مع تبادل السجناء لمواطنين تعتبر أنه تم احتجازهم بشكل خاطئ.
وكان أنصار جرينر وقادة الحقوق المدنية وأنصار المثليين والمحلين جنسيا ممن ضغطوا على البيت الأبيض لإعادة جرنير إلى الولايات المتحدة قد أشادوا بالصفقة وقالوا إنها تأخرت كثيرا بينما قال المعارضون ومنهم نائب كاليفورنيا الجمهورى، الذى يتنافس ليصبح رئيس مجلس النواب المقبل، إن التبادل غير معقول ويخاطر بمزيد من اعتقال لأمريكيين فى الخارج. وفى السر، ظهرت نفس هذه الخلافات داخل الإدارة.
وقالت واشنطن بوست إن التفاوض على تبادل السجناء عادة ما ينطوى التفاوض على مقايضات سياسية معقدة داخل أجزاء مختلفة من الحكومة الأمريكية، ولم تكن قضية جرنير بوت استثناءً.
وداخل وزارة العدل، رفض العديد من المسئولين فكرة مبادلة بوت قبل إطلاق سراحه المقرر فى 2029، وفقا لمسئولين سابقين وحالين. وقال أحد المسئولين، لو كانت قريبتى لوددت أن أتم المبادلة، إلا ان مبادلة تاجر أسلحة دولى سىء السمعة بلاعبة كرة سلة هو درب من الجنون.
والجانب الأكثر إيلاما فى هذه الصفقة هو أنها استبعدت بول ويلان، جندي المارين السابق الذى يقضى حكما بالسجن 16 عاما على خلفية إدانته بالتجسس.
فعلى مدار أشهر، دعا مسئولو وزارة العدل الأمريكية إلى تبادل يشمل بوت مقابل إطلاق سراح جرنير وويلان، إلا أن موسكو رفضت ما لم تؤمن الولايات المتحدة أيضا إطلاق سراح فاديم كراسيكوف، العقيد السابق بوكالة الاستخبارات لداخلية الروسية. ويقضى كراسيكوف حكما بالسجن مدى الحياة فى ألمانيا، وأوضحت برلين أن إطلاق سراحه ليس مطروحا، بحسب ما قال مسئول أمريكى.
وفى محاولة لكسر الجمود، خرج وزير الخارجية الأمريكي أنتونى بلينكن عن البروتوكول وكشف فى يوليو الماضى أن إدارة بايدن قدمت اقتراحا جوهريا لإنهاء سجن جرينر وويلان.
إلا أن تكتيك الضغط العام لم يغير موقف موسكو ورؤيتها بأن إطلاق سراح ويلان الذى تعتبره جاسوسا يتطلب تبادل أخر عال القيمة غير صفقة جرنير.
وكان بايدن قد قال فى مؤتمر صحفى يوم الخميس: للأسف، ولأسباب غير شرعية على الإطلاق، تتعامل روسيا مع قضية بول بشكل مختلف عن قضية بريتنى.
واستمر طلب روسيا بإطلاق سراح كراسيكوف، وإصراراها على مبادلة جرنير ببوت ، واحد امام واحد، حتى منتصف نوفبر. وفى هذه المرحلة، طلبت الولايات المتحدة إمكانية ضم مارك فوجل، المواطن الأمريكي الآخر المحتجز فى روسيا، مع جرنير، لكن الروس رفضوا.
ونتيجة لذلك، قررت الإدارة الأمريكية مبادلة جرنير ومواصلة التفاوض لإطلاق سراح فوجيل وويلان فى المستقبل.
وفى وزارة العدل الأمريكية، طالما انزعج المسئولون من بعض صفقات تبادل الأسرى التي سعت إليها وزارة الخارجية، والسبب فى ذلك يعود جزئيا إلى ميل مسئولي إنفاذ القانون على الاعتقاد بان السلطات ينبغى أن تمتثل لقاعدة "المثل بالمثل"، والتي تنص على مبادلة الأشخاص ذوى الوضع المتساو أو التاريخ الجنائى المشابه. لعلى سبيل المثال، مبادلة جواسيس بجواسيس، الذى طالما كان مقبولا من قبل كلا من وزارة العدل والخارجية. إلا أن مسئولي إنفاذ القانون الفيدراليين كثيرا ما كانوا يعترضون على تبادل المجرمين المدانين بأشخاص ارتكبوا جرائم بسيطة.