يوسف أيوب يكتب: مصر ترسم خريطة طريق لأفريقيا.. تأخذ فى حسبانها كل المؤثرات المحيطة.. الرئيس السيسى يقدم التنمية المصرية كنموذج للأشقاء الأفارقة.. ويضع الجميع أمام مسؤوليته فى القضايا التى تخص القارة ا

قواعد محددة للحفاظ على تدفق المياه فى نهر النيل من خلال إبرام اتفاق قانونى ملزم الرئيس يحدد رؤية من 5 محاور لتعزيز الأمن الغذائى.. مراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصاديات دولنا.. تكثيف الاستثمارات الزراعية.. ضرورة الحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية.. وجود ارتباط وثيق بين الأمنين الغذائى والمائى.. وتحقيق الأمن الغذائى يرتبط بجهود التكيّف المناخى سيرًا على خطوات واضحة، لم تحد مطلقًا عن خطها الأساسى تجاه دعم الأشقاء الأفارقة فى مساعيهم نحو تحقيق التكامل، وتلبية احتياجاتهم سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، واصل الرئيس عبدالفتاح السيسى، دوره المحورى فى تحديد احتياجات القارة السمراء، طارحًا فى الوقت نفسه آليات تلبيتها وفق خارطة طريق واضحة المعالم تأخذ فى حسبانها كل المؤثرات المحيطة بالقارة، وأيضًا التداعيات السلبية للعديد من القضايا الدولية التى قد تكون لها تأثير مباشر على هذه الاحتياجات، بما يشكل رؤية متكاملة قلما نجدها مطروحة إلا من خلال مصر ورئيسها. الخميس الماضى، شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن ختام القمة الأمريكية الأفريقية، فى نسختها الثانية، التى جاءت بعد ثمانى سنوات من النسخة الأولى، التى انعقدت فى ظل أوضاع دولية وإقليمية هادئة نسبيًا، إذا ما قورنت بالأوضاع الحالية، التى تشهد ارتباكًا دوليًا سببته الأزمة الروسية - الأوكرانية، وما تركته من تأثيرات شديدة السلبية على الأمن الغذائى العالمى، فضلًا عن أزمة الطاقة، والتى تحملت القارة الأفريقية وفق تقديرات رسمية، العبء الأكبر منها، رغم أنها بعيدة عن هذه الأزمة جغرافيًا. فى ختام القمة، رسم الرئيس السيسى عبر كلمته خطوطا ومعالم واضحة للأزمات الأفريقية، ومعها طرق الحل، وهو ما أخرج كلمة الرئيس عن السياق العام للكلمات التى شهدتها القمة، ما يؤكد الاهتمام المصرى بالحلول العملية، بعيدًا عن الكلمات العاطفية. توقيت القمة الأمريكية الأفريقية، كما أكد الرئيس السيسى، يأتى فى وقت يمر العالم بلحظة استثنائية تشهد ظروفًا غاية فى الدقة، وبعد مرور ثمانية أعوام على انعقاد النسخة الأولى، وهى الفترة التى شهدت تغييرات كبرى وتحديات عديدة، وبما يحمل دلالة واضحة على تجديد العزم على تطوير الشراكة بين أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، بما يساعد على إيجاد حلول ترفع عن شعوبنا عبء الأزمات المتتالية، وتسهم فى تأمين مستقبل أفضل لهم. ولأنه منذ 2014 وهو مهموم بالقضايا الأفريقية، تأكيدًا للهوية الأفريقية الراسخة للدولة المصرية، فقد أراد الرئيس السيسى من خلال كلمته، أن يضع الجميع أمام مسؤولياته، لكن البداية من خلال الوقوف على مواطن الأزمة، وهو ما أشار إليه بقوله «نجتمع اليوم لنتناول قضية أخرى لا تقل خطورة ألا وهى قضية الغذاء، وإذا كان الجهد الذى بذلناه قد كُلل فى شرم الشيخ بالتوصل لنتائج مُقدرة لصالح مساعينا لمواجهة تغير المناخ، فإنه يؤسفنى القول بأننا لم نكن على ذات القدر من التوفيق فى القضاء على الجوع حول العالم، إذ تشير التقارير الدولية إلى أن معدلات الجوع بدأت فى التزايد خلال السنوات الثلاث الماضية بعد ثباتها منذ عام 2015، واتصالاً بذلك، تضعنا الإحصاءات الدولية أمام مسؤولياتنا، إذ تُشير إلى زيادة عدد من يعانون من ضعف الأمن الغذائى حول العالم إلى 800 مليون شخص عام 2022 بزيادة 150 مليونًا عن عام 2019، وتُعد أفريقيا مصدرًا لما يزيد على ثلث هذا الرقم، وهنا، يتعين التساؤل، كيف لقارة كأفريقيا ألا تنتج غذاءها؟ وكيف لأمة لا تنتج غذاءها أن تجنى ثمارًا للتنمية الاقتصادية، أو تؤمن استقرارًا لبناء المستقبل؟». السؤال الذى طرحه الرئيس السيسى، كان كاشفًا للعديد من النقاط التى أراد البعض تغييبها، حتى لا تتحدث أفريقيا عن حقوقها المهدرة، لذلك كانت رغبة الرئيس فى مكاشفة الجميع بالواقع، وفى نفس الوقت طرح المحاور التى تُمثل رؤية مصر لتعزيز الأمن الغذائى فى القارة وهى: أولاً: هناك حاجة لمراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصاديات دولنا، لا سيما الدين الخارجى، وهو ما يفرض وضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر. ثانيًا: أهمية تكثيف الاستثمارات الزراعية الموجّهة إلى أفريقيا لتطوير القدرات الإنتاجية والتخزينية لدولها عبر توطين التكنولوجيا الحديثة بشروط مُيسرة. ثالثًا: ضرورة الحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية، وتوفر اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية إطارًا لتعزيز التكامل بين دول القارة، ونأمل فى دعم الدول الكبرى لدولنا لتعظيم الاستفادة منها بالاستثمار فى البنية التحتية والمشروعات الزراعية. رابعًا: إن وجود ارتباط وثيق بين الأمنين الغذائى والمائى أمر لا شك فيه، وتنظر مصر لهذا الرابط باعتباره أمنًا قوميًا، بما يحتم توافر الإرادة السياسية لصياغة أطر قانونية لضبط مسار التعاون بين الدول التى تتشارك الموارد المائية وبما يسهم فى تحقيق التنمية دون إلحاق ضرر ذى شأن. خامسًا: أن تحقيق الأمن الغذائى يرتبط بجهود التكيّف المناخى. وحتى لا تخرج القمة بوعود لا تجد طريقًا للتنفيذ، دعا الرئيس السيسى، الولايات المتحدة إلى استثمار ثقلها الاقتصادى للقيام بتعزيز آليات الاستجابة لأزمة الغذاء، لا سيما التحالف العالمى للأمن الغذائى التابع لمجموعة السبع، ومجموعة الاستجابة للأزمات العالمية حول الغذاء والطاقة والتمويل التابعة للأمم المُتحدة، وتخفيف أعباء الديون عن الدول الأكثر تضررًا، إذ وصلت معدلات ديون الدول النامية لمستويات خطيرة جاوزت 250% من إيراداتها، ويتطلب الأمر إجراءات عاجلة، ومنها إعفاء الدول النامية من نسب مُقدرة من ديونها، واستمرار تفعيل مبادرة مجموعة العشرين لتعليق الديون، بجانب صياغة آليات لتحويل الديون إلى استثمارات، مشيرًا إلى أنه على المؤسسات التمويلية الدولية مسؤولية تجاه تيسير حصول الدول النامية على تمويل مستدام، وتيسير شروط الإقراض لتتلائم مع طبيعة اقتصاداتنا، وصياغة برامج طارئة لتحفيز النمو وخلق شبكة ضمان اجتماعى للحفاظ على التماسك المجتمعى لدولنا، مطالبًا بوضع آليات لتيسير حركة لزيادة المعروض وخفض الأسعار. وخاطب الرئيس السيسى القمة الأمريكية الأفريقية بقوله «قدمتُ لكم رؤية مصر للتعامل مع أزمة الغذاء فى الظروف الدولية الراهنة، وإننى لآمل أن يتبنى اجتماعنا هذه الرؤية ويتم ترجمتها إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، استجابة لطموحات شعوبنا الأفريقية، وتعزيزًا للعلاقات بين القارة الأفريقية والولايات المتحدة». ما طرحه الرئيس السيسى خلال القمة الأمريكية الأفريقية يعد بمثابة خارطة طريق واضحة تستفيد منها القارة السمراء، وتضع المجمتع الدولى - وفى مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها القوى العظمى دوليًا - أمام مسؤولياتها إذا كانت بالفعل راغبة فى تطوير علاقته مع أفريقيا وبناء جدار جديد من الثقة، وتعويض سنوات من فقدان الثقة متأثرة بالتقلبات الدولية التى أضرت بأفريقيا ولم تجد من يحنو عليها. دور القطاع الخاص كقاطرة للنمو ما طرحه الرئيس السيسى من نقاط أساسية أمام القمة الأمريكية الأفريقية، نرى صداه يتردد فى كل لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين، سواء كانوا تنفيذيين أو تشريعيين أو نخبة الاقتصاديين ورجال الأعمال، فالتنمية هى الأساس لتطور أو دولة، وهو المنهج الذى سارت عليه مصر، منذ 2014 وحتى اليوم وصولًا إلى الجمهورية الجديدة التى ترسخت أركانها عمرانيًا وبشريًا وثقافيًا وسياسيًا والأهم تنمويًا، وهو ما يريد الرئيس السيسى أن يكون لها صدى فى كل الدول الأفريقية الشقيقة. التنمية بطبيعة الحال لن تتحقق إلا بوجود تكاتف بين الدولة ورجال الأعمال، وهو النموذج الذى تطرحه مصر، وأشار إليه الرئيس خلال حفل العشاء الذى أقامته له غرفة التجارة الأمريكية بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، فقد أكد الرئيس السيسى حرص مصر على التواصل المستمر مع المستثمرين للتعرف على المشاكل والمعوقات التى تواجههم والعمل على حلها وتذليل كل العقبات أمامهم، مشيرًا إلى أهمية دور القطاع الخاص فى هذا الإطار كقاطرة للنمو من خلال زيادة الاستثمارات ونقل المعرفة والخبرات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين. سد النهضة قضية أمن قومى بالتأكيد فإن قضية سد النهضة تمثل الشاغل الرئيسى للقيادة السياسية المصرية، كونها مرتبطة بالأمن القومى المصرى، لذلك كانت هذه القضية حاضرة بقوة خلال مباحثات الرئيس السيسى فى واشنطن مع المسؤولين الأمريكيين، حيث حرص الرئيس على توضيح كل أبعاد القضية بشكل مفصل، كما حدث خلال إفطار العمل مع عدد من القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكى، الذين أكد لهم الرئيس السيسى موقف مصر الثابت الذى يهدف إلى صون أمنها المائى من خلال إبرام اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، لضمان التدفق الطبيعى التاريخى لمياه النيل إلى مصر، أخذًا فى الاعتبار الاعتماد الكلى لمصر على نهر النيل كمصدر أساسى للمياه. وقد عبر أعضاء مجلس النواب الأمريكى عن تفهمهم التام لشواغل مصر وموقفها من تلك القضية الحساسة التى تتعلق بالأمن القومى المصرى. وأيضا خلال لقاء الرئيس السيسى مع أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، والذى شدد خلاله الرئيس على تمسك مصر بتطبيق مبادئ القانون الدولى ذات الصلة، ومن ثم ضرورة إبرام اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد للحفاظ على الأمن المائى لمصر وعدم المساس بتدفق المياه فى نهر النيل الذى قامت عليه أقدم حضارة عرفتها البشرية منذ آلاف السنين، ومن جانبه أكد وزير الخارجية الأمريكى دعم بلاده لجهود حل تلك القضية على نحو يحقق مصالح جميع الأطراف، ويراعى الأهمية البالغة التى تمثلها مياه النيل لمصر.




















الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;