إذا كان لعام 2022 أن يحمل اسما، فإنه عام الأزمة الكبرى، حيث كسرت الحرب الروسية الأوكرانية الشهر العاشر، بكل ما تسببت فيه من انعكاسات على الاقتصاد فى العالم، بما فيه الدول الكبرى، خاصة أنها تتم وسط محاولات متعددة للبحث عن حلول لانعكاسات هذه الأزمة، التى تكشف مثلما جرى مع كورونا أن العالم متشابك، وبالرغم من أن شعوب ومجتمعات العالم تختلف فى ظروفها الاقتصادية، لكن هناك نوعا من الأزمات يؤثر على الجميع، من خلال قفزات أسعار النفط والغاز وسلاسل النقل وتأثيراتها على بقية الأسعار، والتضخم، والذى تستمر آثاره بصورة تستدعى التدخل العالمى لوقف هذه الحرب، التى تضطر هذه الدول الى إجراءات تقشف وترشيد، وإجراءات مصرفية ومالية، لمعالجة التداعيات المتسارعة، كتوقف الإنتاج، ونقص السلع، مع ارتفاع غير مسبوق فى الأسعار يدفع فئات كثيرة إلى مستويات اجتماعية أقل، أو اتخاذ قرارات للترشيد والتعامل مع الأزمة.
وبجانب هذا، يظل السؤال المطروح: متى وكيف يمكن وقف تلك الحرب؟ وحتى يحدث هذا، فإن كل دولة تواصل إجراءاتها المالية والاقتصادية لامتصاص تأثيرات الأزمة، والتعامل معها بقواعد تمكنها من الاستمرار فى أنشطتها الاقتصادية، والقدرة على التعامل مع أزمة، هى الفيصل فى تقييم المواجهة، بمرونة، والقدرة على خلق بدائل محلية فى الزراعة والتصنيع وفتح باب الاستثمارات.
انعكاسات الحرب فى أوكرانيا، أربكت دول العالم، وهى تجرى علنا، وعلى الهواء، ولا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها، وتسعى الدول ذات الاقتصادات الكبرى لمواجهتها بالكثير من الإجراءات الاقتصادية، مثل رفع فائدة أو أسعار، وتخفيض استهلاك أو دعم، وتوزيع أعباء، وهى إجراءات اتخذها البنك الفيدرالى الأمريكى، والبنك الأوروبى، ودول صناعية كبرى، أعلنت رفع أسعار الخدمات والطاقة بشكل كبير، بما يرفع الأسعار الاستهلاكية، وتواجه تلك الدول تظاهرات ومخاوف من مضاعفات هذه الأزمة.
فيما يتعلق بمصر، فإن الحكومة عقدت مؤتمرا فى منتصف مايو الماضى، لإعلان رؤية مواجهة الأزمة الاقتصادية، شرح فيها رئيس الوزراء الإجراءات المصرفية والمالية، والاستمرار فى مشروعات وبرامج «حياة كريمة»، مع توسيع دور القطاع الخاص، والاستثمارات.
وخلال المؤتمر الاقتصادى صدرت توصيات للحكومة بالعمل على استمرار خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى، وإطالة أجل السداد، والاستمرار فى تحقيق فائض أولى لتعزيز قدرة الدولة على سداد التزاماتها، ودعم مشاركة القطاع الخاص، من خلال توسيع قاعدة الملكية بالتركيز على التخارج من خلال تبنى الطرح بالبورصة كأولوية، وتليها زيادة رأس المال، من خلال دخول مستثمر استراتيجى، وتعزيز دور صندوق مصر السيادى وتحديد فترات زمنية للموافقة على الطلبات المُقدمة من المستثمرين، بحيث يعتبر تأخر رد الجهة موافقة ضمنية لبدء مزاولة النشاط، والإسراع فى صرف دعم الصادرات للقطاعات المستحقة للدعم، بمجرد التقدم بالمستندات الدالة.
وتعهدت الحكومة بالبدء فى تنفيذ هذه التوصيات، ومؤخرا تم إعلان الاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولى، وعليه، فقد أصدرت الحكومة وثيقة تحاول الإجابة عن أهم الأسئلة المطروحة فيما يتعلق بالاتفاق الذى يهدف إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادى، وتشجيع الاستثمارات، وتحفيز مستويات التصدير، وخلق المزيد من فرص العمل، ومواجهة تأثير التداعيات السلبية للأزمات التى أثرت فى الاقتصاد العالمى.
الحكومة تعهدت بالتوسع فى برامج الحماية، بجانب التوجه إلى دعم الصناعات التى تلبى احتياجات السوق، وتضاعف التصدير، وتخفض الاستيراد، بجانب كونها تخلق فرص عمل، وقبلها اتخذت إجراءات تضاعف الرقابة على السوق، وتفرض أسعارا عادلة تتماشى مع اقتصاد السوق، من خلال إلزام التجار بوضع الأسعار واضحة، مع مواجهة الاحتكارات والتلاعب.
بجانب استمرار توسيع برامج الحماية الاجتماعية لفئات متعددة، تتأثر بتداعيات الأزمة، والاتفاق الجديد - حسب ما أعلنته الحكومة - يتيح التوسع فى هذه البرامج.
وبالطبع فإن تداعيات الأزمة العالمية، تدفع كل دولة لاتخاذ خطوات للتعامل مع هذه التداعيات، لحين توقف الحرب.