فى ظل تداعيات التغيرات المناخية وبناء على توقعات النماذج المناخية المتاحة فإنه متوقع أن يكون شتاء قارس البرودة، لكن هناك أسئلة تطرح نفسها.. لماذا تغير شتاء مصر ليكون بهذه الشدة فى الانخفاض مع موجات الصقيع وهطول متواصل للأمطار وخاصة على شمال الدلتا أو يكون أكثر دفئاً عن المعتاد وهل سيستمر هكذا خلال المواسم القادمة؟
يوضح الدكتور محمد على فهيم رئيس مركز معلومات المناخ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى أن علم المناخ واسع جداً ولا احد يستطيع التنبؤ بسلوك جوى مرجح على المدى البعيد لذلك كل نظرية جوية يقابلها احتمالات مضادة.
ويضيف فهيم أن المسئول عن هذه الاضطرابات المناخية هى فى الغالب ترجع لظاهرتان مناخيتان وهما النينو واللانينا وهما المسببتان لشكل تغير المناخ الحالى، موضحا أن هاتان الظاهرتان تنشآن وتتطوران فى المنطقة الاستوائية فى المحيط الهادى كل فترة، ويؤدى كل منها إلى التأثير على أنماط توزيع الغيوم ومتوسط درجة الحرارة بشكل مختلف، وإن كانت مدة هذا التأثير تعتبر أقل زمنيا مقارنة بمدة تأثير الدورات الشمسية.
ويضيف فهيم: تتعاقب مع ظاهرة "النينو" فى نفس المنطقة بالمحيط الهادى، ظاهرة بحرية أخرى هى ظاهرة "اللانينا"، والتى تؤدى إلى تأثيرات معاكسة تتمثل فى انخفاض درجة حرارة المياه السطحية وبرودة الطقس نسبيا فى أكثر من منطقة عبر العالم.
ويشير فهيم إلى أن العالم على وشك الخروج من تأثيرات ظاهرة "النينو" التى بدأت منذ عام 2015، وهناك بوادر قوية على تعاقب موجة جديدة من "اللانينا" بعدها، مما يمثل بدوره علامة على انخفاض درجة الحرارة على سطح الأرض بشكل إضافى خلال الموسم المناخية القريبة.
ويوضح فهيم أن النينو هى ظاهرة جوية تتعلق بارتفاع درجة حرارة سطح وسط وشرق مياه المحيط الهادى عند خط الاستواء تقريباً بقيم اعلى من المعدلات وتتكرر كل بضع سنوات ومن المتوقع بنسبة 65٪ أن يشتد تأثيرها فى المواسم القادمة.
ويضيف فهيم أنه عادةً يكون تأثير هذه الظاهرة بطريقة غير مباشرة على أجواء المحيط الأطلسى حيث يسمح تبريد الهواء الهابط بتشكل مرتفعات جوية قوية مقابل شمال غرب افريقيا وشبه الجزيرة الايبيرية "اسبانيا والبرتغال" وبالتالى تزداد هيمنة ما يعرف بالمرتفع الآزورى فى هذه المنطقة.
ويوضح فهيم أنه بالنسبة لطقس اوروبا هذا ليس سوى عامل واحد من عدة عوامل تؤثر على طقسها حيث أن المنظومة الخريفية والشتوية الاوروبية معقدة للغاية وصعبة التحليل خاصةً أن الهواء القطبى يلعب دوراً بارزاً فى الساحة الأوروبية !
ويوضح أنه فى حال تم تحييد العوامل المؤثرة الاخرى منها مسارات الرياح القطبية والابقاء على ظاهرة النينو فقط سنحصل على فرص اكبر لبناء مرتفعات جوية تمتد من غرب اوروبا وافريقيا وصولاً إلى اواسطهما نتيجة تعمق المنخفض الايسلاندى شمال غرب اوروبا وبالتالى تندفع الكتل الباردة والمنخفضات عبر شرق اوروبا نحو منطقة شرق المتوسط "منها مصر "لنحظى بالأمطار والموجات الباردة على دفعات.