يحرص بعض كبار السن والمحالين على المعاش بقرى محافظة كفر الشيخ، وبعدد من المدن الجلوس على الطرقات العامة، وبالميادين بمداخل القرى، لممارسة لعبة "السيجة" اللعبة الشعبيّة، وهى من النشاطات الترفيهية التى عرفت فى قرى المحافظات، وفى صعيد مصر، وشغلت أوقات فراغهم، وتشبه لعبة السيجة إلى حد بعيد لعبة "الشطرنج"، ومازالت حتى الآن تصارع من أجل البقاء، إذ يمارسها كبار السن الذين يجتمعون كل يوم من بعد صلاة العصر حتى الغروب بالقرى، ولم يقتصر ممارسوها على الفلاحين، ولكن على من كانوا يشغلون مناصب قيادية فى المصالح الحكومية.
وتبدأ اللعبة باجتماع المسنين الذين يشكلون مجموعات على شكل حلقات مكونة من لاعبين وجمهور من خمسة إلى ستة أشخاص للحلقة الواحدة، يتابعون مجريات اللعبة، ويتبادلون الخطط والآراء، ويتنقلون من حلقة إلى أخرى لمتابعة مجريات لعبة "السيجة" مع احتفاظ الجميع بالهدوء الذى يميز هذه اللعبة، حيث يعم السكون والتفكير المطول من قبل اللاعبين والمتابعين، ولا تسمع إلا كلمات خاصة باللعبة مثل "حط السيجة"، "طلع الكلب"، " والله لأفرسك "أنت اتزنقت"، "والله اليوم مش يومك"، وغيرها من الكلمات، التى يتبادلها كبار السن بود ومحبة، وكلمات مدح يقصد بها الذم والعكس.
قال فتحى إبراهيم عبده "مدير عام الشئون المالية والإدارية بوزارة الزراعة"، إن هذه اللعبة يمارسها فى العادة شخصان، وتتكون من 24 حجراً لكل لاعب مقسمة إلى اللونين الأبيض والأسود" أو الأحمر والأبيض"، ويبدأ اللاعبان اللعبة على الرمل من خلال 50 حفرة صغيرة يوضع بها 49 حجرا، وحفرة واحدة لا يوضع بها حجر، مقسمة كالمربعات المستخدمة فى لعبة الشطرنج، وتسمح قوانين اللعبة بتدخل الجمهور ومساعدة اللاعبين فى اتجاه حركة "السيجة".
وأضاف عبده لعبة السيجة مشابهة للعبة الشطرنج، لكنها تختلف فى القوانين والصعوبة فى المراوغة والخطط، وتنتهى بأكل السيجة الأكثر، مشيراً إلى أن اللعبة تعتمد على الذكاء فى نزول الحجر فى المكان المناسب، ومحاصرة الخصم، مؤكداً أن هناك عددا من طلاب الجامعات يطالبوننا بتعليمهم السيجة، ومنهم من طالب بتدريسها مثلها مثل لعبة الشطرنج.
وأكد السيد عبده مصطفى عبد الرازق "أن هذه اللعبة عمرها يعود لمئات السنين، وكانت اللعبة المميزة للآباء والأجداد، وهى لعبة شعبية عريقة تعكس فى مجرياتها ما يتمتع به لاعبوها من صبر وهدوء وتخطيط وحنكة، ونحن نمارسها فى هذا الهواء الطلق بشكل يومى، وهناك المئات من كبار السن يمارسونها فى قرى كفر الشيخ، وليست قاصرة على كبار السن بالمحافظة، ولكنها فى المحافظات الأخرى، وأتمنى أن يتعلمها الشباب للمساهمة فى استمرارها وتوارثها.
وأشار سمير مصطفى زهرة، من قرية أبو طبل "إلى أن فلسفلة اللعبة والشطرنج واحدة، ولكن الشطرنج اتجهت فى اتجاه حضارى وصناعى وإلكترونى، أما لعبة "السيجة" أوشكت على الاندثار، وأغلب لاعبيها فى الوقت الراهن ممن هم فى سن الستين، مؤكداً أن الألعاب الحديثة، والفيس بوك والكمبيوتر وغيرها من العوامل الكثيرة ساعدت على عزوف الشباب عن هذه اللعبة وغيرها من الألعاب الشعبية التى لم تواكب مجريات الجيل الحديث إلكترونياً، مبينا أنه بالإمكان حالياً فى ظل وجود التقنية أن تلعب الشطرنج وغيرها من الألعاب على الإنترنت والمحمول، مما يحفظ حقوقها، ويدفعها إلى الاستمرار، ولكن السيجة لا يجد من يدافع عنها، ويتنبى استمرارها .