يأتى مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، فى دورته الثانية فى البحر الميت، فى وقت دقيق وبمشاركة واسعة من الزعماء العرب والجامعة العربية ودول جوار العراق، ومجلس التعاون الخليجى، وفرنسا والاتحاد الأوروبى، عقدت القمة الأولى فى أغسطس 2021، والتى أصدرت توصيات أكدت دعم الدول المشاركة لجهود تعزيز مؤسسات الدولة لحفظ وحدة واستقرار العراق، ومساعيه لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية، فى وقت تواجه فيه المنطقة تحديات مختلفة.
ويهدف المؤتمر فى نسخته الثانية إلى مواصلة دعم العراق فى مرحلة دقيقة من التعافى السياسى والاقتصادى، بهدف ترسيخ سيادته وتعزيز التوازن فى علاقاته بمحيطه العربى، ودور العراق المهم فى المعادلة الإقليمية وأهمية إبعاده عن الاستقطابات والتجاذبات لتمهيد السبيل نحو الانطلاق الاقتصادى، وتلبية تطلعات المواطنين والتخفيف من معاناتهم الطويلة، ثم إن الحضور الإقليمى القوى لدول جوار العراق، وأيضا الحضور الدولى، ممثلا فى الاتحاد الأوروبى وفرنسا، أحد أهم الأطراف الأوروبية، من شأنه أن يساهم فى تدعيم مبادرات الحل السياسى، وطرح القضايا الإقليمية فى سياقات ثنائية، يمكن أن تمثل تقاطعا مع القضايا المطروحة إقليميا، سواء الاقتصادية أو السياسية المتعلقة بالاستقرار والسلام.
النسخة الثانية تمثل استكمالا لتوصيات النسخة الأولى من قمة بغداد، ودعوة لتوحيد الجهود الإقليمية والدولية بما ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها، وتعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية والتفاهمات على أساس المصالح المشتركة، انطلاقا من دعم العراق ودولته الوطنية ووحدته، ورفض التدخلات الخارجية، ومواجهة الإرهاب.
وفى كلمته، بالقمة الأولى، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مصر تقف سندا ودعما لجهود الحكومة العراقية نحو تقوية الدولة الوطنية ومؤسساتها بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها فى صون أمن واستقرار العراق، وحماية مقدرات شعبه ووحدة أراضيه، ورفض كل التدخلات الخارجية فى شؤون العراق والاعتداءات غير الشرعية على أراضيه، والاحترام المتبادل لسيادة الدول، والامتناع غير المشروط عن التدخل فى الشؤون الداخلية.
وفى يونيو 2021، كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، هى أول زيارة يقوم بها رئيس مصرى للعراق منذ 30 عاما، ومثلت خطوة بالغة الأهمية والتأثير ثنائيا وإقليميا، وتأكيدا لسياسة مصر لدفع استعادة العراق لمكانته الإقليمية، وثمرة لجهود بذلت على مدى السنوات الأخيرة، لبناء أساس لتحرك عربى، يمكن حال تطوره أن يمثل إحدى مهام إعادة التضامن العربى وتجاوز سنوات من الارتباك باتجاه فعل عربى قوى، وكانت الزيارة استكمالا لعلاقات تم بناؤها على مدى السنوات بين القاهرة وبغداد، وتعززت باتفاقات اقتصادية وتجارية، ولجان مشتركة، فضلا عن تنسيق المواقف العربية والإقليمية بشكل يدعم نظرية الفعل العربى، بديلا عن انتظار أفعال وحلول من قوى كبرى هى نفسها مشغولة بقضاياها ومنافساتها.
ومنذ مارس 2019، بدأت جهود بناء التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن من خلال قمم ثلاثية استمرت تنمو بشكل متواصل، وجاءت مشاركة الرئيس السيسى، فى قمة بغداد للتعاون الثلاثى، أحد مظاهر هذه الثمار، والبناء على ما تحقق وتقييم التطور فى مختلف مجالات التعاون، بالإضافة إلى تعزيز التشاور السياسى بينهم حول سبل التصدى للتحديات التى تواجه الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط.
وبالفعل مثل التنسيق الثلاثى المصرى العراقى الأردنى، قاعدة لتأسيس موقف إقليمى، بانضمام دول مجلس التعاون والجوار إلى مؤتمر بغداد بنسخته الأولى، وكان ثمرة لهذه النواة التى صنعها التنسيق الثلاثى، بهدف بناء دور عربى فاعل.
وتأتى النسخة الثانية من قمة بغداد للتعاون فى مرحلة مهمة، يواجه فيها العالم تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، ويفترض أن يناقش المجتمعون جهود دعم العراق، ومناقشة القضايا الإقليمية، والدولية، من أجل تمهيد الطريق لشراكة وتعاون أكبر بين الدول المجاورة العراق، لتأكيد دعم وحدة العراق وإعادته إلى موقعه الإقليمى.
وتمثل مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، تأكيدا لموقف مصر الداعم لوحدة واستقرار العراق، ودعم جهود التقارب العربى والتنسيق والتعاون والشراكة فى العديد من الملفات.