هو المتهم الأول دائما فى أى حادثة تقع فى الأراضى التركية و"شماعة" الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى تعليق أخطائه وفشله عليها حيث دعا الرئيس التركى، أمس السبت، الولايات المتحدة إلى تسليم الداعية فتح الله كولن الذى يحمله مسؤولية محاولة إسقاط الحكومة التركية التى قادها الجيش التركى مساء أول أمس الجمعة.
وقال الرئيس التركى، فى حشد جماهيرى لأنصاره:"على الولايات المتحدة أن تسلم هذا الشخص"، فى إشارة إلى كولن الذى يقيم فى ولاية بنسلفانيا والذى نفى ضلوعه فى محاولة الجيش إسقاط الحكومة، مضيفا: "ثمة لعبة مع الجيش، وهذا الأمر مرتبط بقوات خارجية".
وأعلن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، أن بلاده ستساعد أنقرة فى التحقيق فى التحركات الأخيرة التى قادها الجيش التركى لإسقاط الحكومة، داعيا السلطات التركية لتقديم أدلة ضد المعارض فتح الله كولن.
وفتح الله كولن عمره (75 عاما) حليف أردوغان السابق الذى يدير من الولايات المتحدة شبكة من المدارس والمنظمات غير الحكومية والشركات، أصبح الخصم والعدو الأول للرئيس التركى منذ فضيحة فساد لنظام أردوغان كشفت فى أواخر عام 2013.
وكان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، اتهم الداعية المقيم منذ 1999 فى منطقة جبلية بولاية بنسلفانيا شمال شرق الولايات المتحدة بالوقوف خلف الحركة الأخيرة للجيش، ويتهمه بإنشاء "دولة موازية" للإطاحة به، وهو ما ينفيه أنصار الداعية كولن.
وفتح الله كولن له عدة كتب عن التصوف بشكل خاص مترجمة إلى أكثر من 30 لغة، وعددها 62 بشؤون إسلامية عدة، مذهبه "حنفى- صوفى"، داعية ومفكر إسلامى، ملم بالعربية والفارسية والإنجليزية، ولا يميل إلى تطبيق الشريعة فى تركيا، وضد تدخل الدين بالسياسة، أى بعكس أردوغان ومعلمه الراحل فى 2011 نجم الدين أربكان، الموصوف بأنه "أبو الاسلام السياسى" فيما المعروف عن محمد فتح الله كولن، أنه "أبو الإسلام الاجتماعى" ومؤسس وزعيم "حركة" لا اسم لها، وأنصارها بالملايين في تركيا وخارجها.
وحركة فتح الله كولن يسمونها "حركة الخدمة" للإشارة إليها كتيار وهى دينية طبقا لما قرأت عنها "العربية.نت" في موقع "محمد فتح الله كولن" بالانترنت، وهو فى 32 لغة. وتملك الحركة مدارس بالمئات في الداخل والخارج، مع نشاط ممتد ومنتشر في جمهوريات آسيا الوسطى، مرورا بالبلقان والقوقاز، حتى روسيا والمغرب وكينيا وأوغندا. ولها أيضا صحفها، ومنها صحيفة زمان الشهيرة ووكالة جيهان، وكذلك مجلاتها وتلفزيوناتها الخاصة.
كما للحركة شركات وأعمال تجارية ومؤسسات خيرية، ومراكز ثقافية خاصة بها فى دول عدة بالعالم، وتقيم مؤتمرات سنوية في بريطانيا بشكل خاص، وأيضا فى دول الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية، وتتعاون مع جامعات شهيرة لتحثها على دراستها كحركة لها تأثيرات عالمية معززة بجذور محلية متأصلة.
واحتدم صراع أردوغان ضد كولن أكثر حين أغلقت الحكومة التركية فى 2013 سلسلة مؤسسات تعليمية تديرها "جماعة كولن" ضمن قوانين وتشريعات لإصلاح العملية التعليمية، وفى تبريره لإغلاق تلك المؤسسات "التى يزيد عددها عن 4000 مدرسة حول العالم" قال أردوغان: "الأمر يتعلق بإلغاء نظام تعليم غير شرعى لا يفيد إلا أولاد العائلات الثرية فى المدن الكبرى ويقحم الأولاد فى منافسة حامية" وفق تعبيره.
أنشأ فتح الله كولن النواة الأولى لجماعة الخدمة فى بداية سنة 1970 بمدينة أزمير التركية، غير أنها توسعت وأصبحت حركة قوية داخل البلاد وخارجها، وتعتمد الجماعة على فكر كولن وآرائه ومواقفه، وتوصف بأنها حركة اجتماعية صوفية تركز على مسلمى تركيا ومنفتحة أكثر على الغرب.
تركز حركة الخدمة فى عملها أساسًا على التعليم فهي تبنى المدارس داخل وخارج البلاد، كما أنها اخترقت المجتمع بإنشاء مؤسسات اقتصادية وإعلامية وطبية وثقافية وإغاثية.
كانت القفزة الكبيرة فى نشاط الجماعة بعد انقلاب عام 1980، حيث استفادت من دعم الدولة ومن مساحات الحرية المتاحة، لتبدأ رحلتها مع إنشاء المدارس خارج تركيا، مرورًا بتكوين وقف للصحفيين والكتاب الأتراك، الجهة الممثلة للجماعة بشكل شبه رسمى.