أعلن الفاتيكان وفاة البابا السابق بنديكت السادس عشر صباح السبت، وقال المتحدث باسم مقر الكنيسة الكاثوليكية: أبلغكم بألم أن البابا الفخري بنديكتوس السادس عشر توفى اليوم في الساعة 9:34 في دير ماتيو إكليسيا بالفاتيكان. وسيتم الكشف عن مزيد من المعلومات في أقرب وقت ممكن.
وقالت وكالة أسوشيتدبرس، إن بنديكت السادس عشر، البابا رقم 265 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، والذى توفى عن عمر 95 عاما، كان عالم لاهوت ألمانى خجول حاول إعادة إحياء المسيحية فى أوروبا العلمانية سيتم تذكره إلى الأبد كأول بابا يستقيل من المنصب منذ 600 عاما.
وكان بنديكيت قد أذهل العالم فى 11 فبراير 2013 عندما أعلن بلغته اللاتينية المعتادة أنه لم يعد لديه القوة لإرة الكنيسة الكاثوليكية التى يبلغ عدد أتباعها 1.2 مليار شخص، والتى قادها لفترة ثمانى سنوات بعد وفاة البابا يوحنا بولس الثانى.
ومهد قراره الدرامايكى الطريق أمام انتخاب البابا فرانسيس خلفا له. وعاشا الباباوان جنبا إلى جنب فى حدائق الفاتيكان، فى ترتيب غير مسبوق مهد لمرحلة البابوات الفخريين فى المستقبل ليفعلوا الأمر نفسه.
وأعلن الفاتيكان أن جثمان البابا سيعرض للعامة فى كاتدرائية القديس بطرس بدءا من يوم الاثنين لإلقاء نظرة الوداع عليها.
وتقول أسوشيتدبرس إن بنديكيت، أو الكاردينال السابق جوزيف راتزينجر، لم يرغب أبدا أن يصبح بابا، فقد خطط فى سن 78 عاما لقضاء سنواته الأخيرة فى الكتابة فى سلام وهدوء فى مسقط رأسه بافاريا بألمانيا.
لكن بدلا من ذلك، أجبر على إتباع خطوات البابا السابق يوحنا بولس الثانى، وأدار الكنيسة خلال فضيحة الانتهاكات الجنسية، ثم فى فضيحة ثانية اندلعت عندما سرق خادمه الشخص أوراقه الشخصية وقدمها إلى أحد الصحفيين، فيما عرف باسم فاتيكانليكس، والتى كشفت عن فساد إدارة الكرسى الرسولى ومعلومات خاصة بالشئون المالية لبنديكيت.
وقال بنديكت ذات مرة إن انتخابه بابا كان وكأن مقصلة قد سقطت عليه. لكن، بحسب تقرير الوكالة الأمريكية، بدأ العمل برؤية أحادية لإحياء الإيمان فى العالم الذى كان يأسف كثيرا لوجود اعتقاد بأنه يمكن الاستغناء عن الرب.
وحاول بنديكت تذكير أوروبا، ببعض الخطوات الحاسمة والمثيرة للجدل غالبا، بتراثها المسيحى. ووضع الكنيسة الكثوليكية على مسار محافظ تقليدى نفر التقدميين. فخفف قيود الاحتفال بالقداس اللاتينى القديمم، وشن حملة على الراهبات الأمريكيات، وأصر أن تظل الكنيسة ملتزمة بعقيدتها وتقاليدها فى وجه العالم المتغير، وهو المسار الذى عكسه خليفته فرانسيس.
وكان إخلاص بنديكت للتاريخ والتقاليد سببا فى جعله محبوبا بين أعضاء الجناح المحافظ فى الكنيسة الكاثوليكية، وظل بالنسبة لهم البابا المفضل كثيرا على فرانسيس.
لكن فترة ولايته ارتبطت بفضيحة التستر على الاعتداءات الجنسية على القاصرين من قبل رجال الكنيسة لعقود فى العديد من البلدان وقد اتهم المنتقدون الكنيسة بالابتعاد عن العدالة عبر الاكتفاء بنقل الجناة والتستر على جرائمهم.
كما اتهتمته بعض الصحف في ألمانيا بإساءة إدارة العنف الجنسي عندما كان رئيس أساقفة ميونيخ، فكسر صمته ليطلب "الصفح" لكنه أكد أنه لم يتستر مطلقًا على الإساءة للأطفال.
وحاول بنديكيت أن يلقي الضوء على هذا الظلم ويمد يده للضحايا السابقين، حيث التقى بعضهم على انفراد في الخارج. ووصف الاعتداءات الجنسية بـ "المصيبة"، وقال إنها سببت ألما كبيرا. كما فرض بعد ذلك إرشادات أكثر صرامة لتدريب الكهنة.
وأكد في كتاب نُشر عام 2016 أن اعتزاله كان قرارًا شخصيًا نسبه إلى تراجع قدراته وليس بسبب الفضائح.
من ناحية أخرى، أثار البابا السابق غضب المسلمين عندما قال في خطاب ألقاه في جامعة ريجنزبورج، التي عمل فيها أستاذا للاهوت، نقلا عن حاكم مسيحي من القرن الرابع عشر قوله إن إيمان المسلمين بالجهاد هو أمر شرير.
وأغضبت تلك الكلمة المسلمين في شتى أرجاء الأرض، بحسب بى بى سى، حيث اعتبروا كلامه هجوما مباشرا على دينهم.
وأضطر البابا بنديكت إلى الاعتذار. لكنه لم يسحب ما تفوه به كما طالبه كثيرون، بل قال فقط إنه يأسف لأن البعض اعتبر ما قاله جارحاً.