بعد عقدين من كونه أول رئيس من أصل عاملى فى البرازيل، استأنفلويز إيناسيو لولا دا سيلفامنصبه اليوم الأحد، ويتولى الرئاسة للمرة الثالثة، بآمال بالقضاء على الفقر والجوع والحفاظ على غابات الأمازون، ووسط تحديات كبيرة تركها له سلفه جايير بولسونارو.
فى سن الـ77، سيواجه لولا الآن صعوبات فى حكومة أكبر دولة فى أمريكا اللاتينية، من الجوع والفقر والحالة الاقتصادية المتدهورة، إلى أزمة الامازون والتوصل لمكافحة إزالة غابات الأمازون.
الجوع
ومن هذه التحديات التى يواجههالولاالحد من الجوع الذى يعانى منه 33 مليون برازيلى، وفقًا لدراسة أجرتها شبكةPenssanفى يونيو.
ويمثل هذا الرقم 15.5٪ من سكان البلاد، وهى نسبة أعلى بكثير من 9.5٪ من الأشخاص الذين جوعوا فى البرازيل خلال حكومة لولا الأولى، وفقًا لمسح آخر مماثل فى عام 2004.
قال لولا نفسه، وهو زعيم نقابى سابق نشأ فى فقر، فى أول خطاب له بعد هزيمة بولسونارو: "التزامنا الأكثر إلحاحًا هو القضاء على الجوع مرة أخرى".
ويأمل العديد من الذين صوتوا لولا أن يكرر الإنجاز العظيم الذى حققته حكومته الأولى، عندما ارتقى أكثر من 30 مليون برازيلى إلى الطبقة الوسطى من خلال البرامج الاجتماعية الحكومية.
ويعتبر لولا دا سيلفا من السياسيين الأكثر شعبية فى العالم بعد أن وصفه الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بأنه الأكثر شعبية على وجه الأرض، وذلك لأنه أنقذ الفقراء فى البرازيل من الفقر، وقام بالعديد من الإنجازات فى بلاده خلال فترتى حكمه من 2003 إلى 2010، كما أنه يعتبر واحدا من الشعب فهو ينتمى إلى الطبقة العاملة.
فكان لولا دا سيلفا من أسرة فقيرة، حيث كان يعمل الأب فى الزراعة والأم كانت تعمل خياطة، وكان هو يعمل فى تلميع الأحذية وبيع الفول السودانى فى الشوارع، حتى استطاع فى الستينيات العمل فى مصنع للصلب خسر فيه أحد أصابع يده اليسرى.
وبدأ مسيرته السياسية بالعمل النقابى ووصل لرئاسة اتحاد عمال الصلب فى البلاد، وشكل كيانا مستقلا من خلال ادى لتأسيس حزب العمال أول حزب عمالى اشتراكى فى البرازيل، ليدخل الكونجرس البرازيلى فى 1986، ويخوض أول سباق رئاسى له فى 1989، ثم فى 1994 و1998، لكنه خسرها جميعاً.
وتم إطلاق العديد من الألقاب على لولا دا سيلفا، أهمهم بطل الفقراء، والرجل ذو اللسان الفضى، والرئيس الاكثر شعبية على وجه الارض، كما سماه الرئيس الامريكى الاسبق باراك أوباما.
إزالة غابات الامازون
كما وعد الرئيس البرازيلى الجديد بتغيير السياسة البيئية لبلاده لتحريكها نحو عدم إزالة الغابات فى مناطقها الأحيائية بحلول عام 2030.
وكانت غابات الأمازون شهدت كارثة حقيقية خلال عهد بولسونارو، حيث ارتفع معدل إزالة الغابات فى منطقة الأمازون بنسبة 59 ٪ مقارنة بالسنوات الأربع السابقة، وفقًا لبيانات من المعهد الوطنى لأبحاث الفضاء، وهى الوكالة العامة البرازيلية التى تقيس هذا النشاط عن طريق الأقمار الصناعية.
على الرغم من أن فقدان الأشجار فى الأمازون انخفض بنسبة 11٪ بين أغسطس 2021 ويوليو 2022، إلا أنه وصل فى تلك الفترة إلى 11،568 كيلومترًا مربعًا وكانت السنة الرابعة على التوالى التى تجاوزت فيها عتبة 10،000 كيلومتر مربع، يعزو الخبراء هذه السجلات إلى اختفاء الضوابط الحكومية ضد قطع الأشجار غير القانونى.
ديكتاتورية بولسونارو
ومن أبرز الوعود التى تعهد بها لولا دا سيلفا هى إعادة الديمقراطية التى تلاشت فى عهد بولسونارو، فى الوقت الذى يواجه لولا دا سيلفا منذ انتخابه فى نهاية أكتوبر، معارضة شديدة من قبل أنصار بولسونارو من خلال طرق مختلفة، بما فى ذلك حواجز الطرق والمعسكرات أمام الثكنات للمطالبة بتدخل القوات المسلحة.
ويصر الكثير منهم دون أدلة على حدوث تزوير فى الانتخابات، ولكن تجنب بولسونارو نفسه الاعتراف صراحة بانتصار لولا وعزل نفسه فى المقر الرئاسى بعد هزيمته، على الرغم من أنه فوض حكومته بإجراء الانتقال.
الوضع الاجتماعى والاقتصادى
من ابرز التحديات التى يواجهها لولا دا سيلفا، هى تحسين الوضع الاجتماعى، حيث وعد باتخاذ تدابير مثل الحفاظ على برنامج تحويل الأموال للفقراء، والتى كانت أساسية فى حكومته السابقة كما أنه تعهد بزيادة الحد الأدنى للأجور.
وأذن الكونجرس فى ديسمبر بإنفاق حكومى إضافى بما يعادل نحو 28 مليار دولار خلال عام 2023 لتمويل تلك الخطط، بالإضافة إلى 4.4 مليار دولار إضافية للاستثمارات العامة.
أما عن تحسين الوضع الاقتصادى، فيرى بعض الاقتصاديين أن هذا إضافة إلى ارتفاع معدل الفائدة (13.75٪) لاحتواء التضخم، من المشكلات الأخرى التى يجب على الرئيس الجديد حلها.
ويتوقع جوتيريز أن زيادة الإنفاق ستؤدى إلى زيادة التضخم عن طريق تحفيز الطلب والعجز الأولى (قبل مدفوعات الفائدة) والدين العام، والذى يعادل اليوم حوالى 77٪ من الناتج المحلى الإجمالى، أعلى من المتوسط بالنسبة للبلدان الناشئة (65٪).
11 امرأة فى الحكومة الجديدة
أعلن لولا دا سيلفا، عن 16 اسمًا جديدًا تكمل حكومته المكونة من 37 وزيراً، والتى ستتألف من 26 رجلاً و11 امرأة، منهم لأول مرة وزيرة للشعوب الأصلية.
وأشارت صحيفة "او جلوبو" البرازيلية إلى أن لويس ايناسيو لولا دا سيلفا عين المدافعة عن البيئة مارينا سيلفا وزيرة للبيئة، وزعيمة السكان الأصليين سونيا جواجاجارا على رأس وزارة غير مسبوقة من الشعوب الأصلية، وبذلك يكون أكمل حكومته قبل ثلاثة أيام من بدء ولايته الرئاسية الثالثة فى البرازيل.
وقالت وزيرة البيئية، سيلفا،: "أنا سعيدة لأنه لم يحدث من قبل فى تاريخ البرازيل وجود هذا العدد الكبير من الوزيرات، ولم يكن لدينا قط وزيرة للشعوب الأصلية".
وشغلت مارينا سيلفا، 64 عامًا، هذا المنصب بالفعل خلال فترات ولاية لولا السابقة (2003-2010)، لكنها انفصلت عن معلمها فى عام 2008، واتهمته بعدم دعمها بشكل كافٍ فى الدفاع عن منطقة الأمازون.
أما سونيا جواجارا، 48 عامًا، والتى أدرجت هذا العام فى قائمة مجلة تايم لأكثر 100 شخص نفوذاً فى العالم، كانت من أشد المنتقدين لحكومة البرازيل جايير بولسونارو، التى قالت إنها تعطى أولوياتها لأجندة تدمير" فى غابات الأمازون والشعوب الأصلية.
وتم انتخاب جواجارا كنائب فى أكتوبر، وستترأس وزارة الشعوب الأصلية، وهى أول حقيبة فى البرازيل مخصصة بالكامل للسكان الأصليين.
كرئيسة للتخطيط، عين لولا السيناتور الوسطى سيمون تيبيت، وهو ما كشف عنه فى الانتخابات الرئاسية، حيث احتلت المركز الثالث فى الجولة الأولى قبل أن تدعم لولا فى الجولة الثانية، بحسب وسائل الإعلام.